حرم الطالب الأردني محمد من الاستفادة من المنح والقروض التي يوفرها صندوق دعم الطالب، ويقول الشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل لـ"العربي الجديد" أنّ "التعليم حقّ دستوري، وواجب الحكومة توفيره بالمجان، أو على الأقل برسوم رمزية، وينبغي شمول الطلاب المتقدمين كافة، وإعطاؤهم المنح والقروض لاستكمال دراستهم. بالرغم من انطباق الشروط عليّ، وقبول طلبي، إلّا أنّني حرمت من حقي لعدم كفاية المخصصات المالية المتاحة، وبسبب أوضاع عائلتي المادية الصعبة، فإنهم عاجزون عن تأمين الرسوم الجامعية".
وتضم شروط الاستفادة من الصندوق بحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن يكون الطالب أردني الجنسية، وغير قادر على توفير رسوم الساعات الدراسية المعتمدة، وألا يكون قد صدر بحقه أي عقوبة تأديبية عند تقديم الطلب.
وتعتمد الموافقات على عدد من معايير المفاضلة بين الطلاب المتقدمين، يتصدرها معيار التحصيل الأكاديمي، ومنه ألا يقل معدل الطالب التراكمي عن نقطتين من أربع، أو 60 في المائة، إضافة إلى عدد الأخوة في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، واستفادة أسرة الطالب من المعونة الوطنية، ولواء الثانوية العامة بالنسبة لموقع الجامعة التي يدرس فيها، فضلاً عن الوضع الصحي، والذي يشمل العجز بنسبة 60 في المائة فأكثر للطالب أو رب الأسرة بموجب تقرير طبي.
ودعا رئيس لجنة التعليم والشباب النيابية، طالب الصرايرة، خلال اجتماع اللجنة، بشمول أكبر عدد ممكن من الطلاب في منح وقروض صندوق دعم الطالب الجامعي، مبيناً أنّ هناك ما يزيد عن 89 ألف طالب تقدموا للاستفادة من الصندوق، وانطبقت الشروط على نحو 80 ألفاً، لكن جرى شمول 32 ألف طالب فقط، ثم تقرر رفع عدد المستفيدين إلى 57747 طالباً، ما يعني حوالى 70 في المائة، ليتبقى ما يقارب 22 ألف طالب انطبقت عليهم الشروط ولم يحصلوا على المنح والقروض، و9 آلاف آخرين لم تنطبق عليهم الشروط.
وأشار الصرايرة إلى حاجة الوزارة إلى 35 مليون دينار لصندوق دعم الطالب في حال طبقت التعليمات من دون زيادة الموارد المالية، موضحاً أنّ الحكومة تخصص من الموازنة 10 ملايين دينار (14 مليون دولار) للصندوق، فيما يتم تحصيل 5 ملايين دينار من القروض الممنوحة سابقاً.
ويقول مسؤول كتلة "التجديد العربية" في الجامعات الأردنية، مالك أبو الهيجاء، لـ"العربي الجديد"، إن "العبث الجاري في مؤسسات التعليم العالي هو انعكاس لتجذر الأزمة الحكومية، والعجز عن دعم قطاع التعليم، وتحمل المسؤوليات تجاهه، إذ تتصاعد في كل عام وتيرة الخطاب الرسمي تجاه تقليص مساهمات صندوق دعم الطالب بالتزامن مع زيادة أعداد المتقدمين كل عام".
وأضاف أبو الهيجاء: "تأتي هذه السياسات بالتزامن مع ارتفاع كلفة التعليم، والتوسع في القبول الجامعي في البرنامج الموازي على حساب المقاعد التنافسية، لا سيما بعد فرض عدد من الجامعات الدفع قبل التسجيل، وعدم مراعاة الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنين، إذ كان الطالب يستند إلى تقسيط رسومه الجامعية في سبيل استمرار تعليمه من دون إرهاق كاهل أسرته"، ويرى أنه "نتيجة نهج الخصخصة، ذهبت عدد من الجامعات إلى استحداث تخصصات جديدة ذات رسوم مرتفعة، مثل تخصص الذكاء الاصطناعي، وكأنّها إشارة إلى أن هذه التخصصات حكر على أبناء الطبقات الغنية، فرسوم هذا التخصص في الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك تبلغ 79 ديناراً للساعة؛ وبتكلفة سنوية تبلغ 2400 دينار أردني، أي نحو 3400 دولار".
ويتساءل: "هل يوجد توجه رسمي لتعميق الفوارق الطبقية في التعليم؟ لا سيما مع استثناء أكثر من 32 ألف طالب من المنح والقروض؛ وجل هؤلاء الطلاب من ذوي الدخل المحدود. إذا لم تمتلك الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي، إرادة حقيقية للتغيير لا يمكن الخروج من هذه الأزمة؛ فالتغيير يبدأ من التأكيد على أن الأصل هو أن التعليم مجاني للجميع، بالإضافة إلى شمول كافة المتقدمين للمنح والقروض، وإتاحة تقسيط الرسوم الجامعية لطلاب الموازي، بالتزامن مع إلغاء قرار إلزامية دفع الرسوم قبل التسجيل، ووضع معايير واضحة لسياسات رفع الرسوم الجامعية، وتحديداً في الجامعات الخاصة، والتوسع في إعفاء الطلاب المتفوقين من الرسوم الجامعية".
بدوره، يؤكد محمود نصار، من كتلة "العهد الطلابية" في الجامعة الهاشمية، لـ"العربي الجديد"، على أهمية تعاضد الطلاب للمطالبة بحقوقهم، مضيفاً أنه "على جميع الطلاب، سواء المنتفعين أو غير المنتفعين من القروض والمنح، الوقوف مع زملائهم ليكون الجسم الطلابي جسداً واحداً في المطالبة بحقوقهم، خاصة وأن نسبة من يحصلون على قروض ومنح تقل عاماً بعد عام، ومن حصل على منحة أو قرض خلال العام الحالي قد لا يحصل عليها في العام المقبل".
ويضيف نصار أن "التعليم حق مكفول للجميع دستورياً، وليس مقبولاً أن يستجدي الطلاب كل عام الحكومة للحصول على منحة أو قرض، وأن يكون الطالب في حالة استكانة من أجل أن تتكرم الحكومة عليهم للحصول على مستحقاتهم من المنح والقروض. أتمنى في الفترة المقبلة أن لا تستمر معاناة الطلاب بسبب أوضاعهم المادية، وأن يحصل كلّ طالب على حقه في التعليم المجاني عندما تمنحه علاماته حق القبول الجامعي، والحكومة مطالبة بتوفير هذا الحق".
ويوضح منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلاب "ذبحتونا"، فاخر دعاس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "صندوق دعم الطالب يوفر منحاً وقروضاً مقسمة إلى 40 في المائة منح، و60 في المائة قروض، والمخصص رسمياً في الموازنة يكفي ما بين 32 ألف طالب إلى 35 ألف طالب، وهذا العام، ارتفعت المنح إلى 44 في المائة، والقروض 56 في المائة".
ويستدرك أنه "في بعض الأحيان، وبسبب ظروف البلاد، كالحراك السياسي، وكذا وجود ضائقة اقتصادية كبيرة خلال فترة جائحة كورونا، أو نتيجة ضغوط نيابية تقوم الحكومة برفع عدد المنح والقروض، وبالمقابل فإن الضائقة المالية التي يمر بها الأردنيون رفعت أعداد الطلاب الباحثين عن المنح والقروض، فبعد أن كان العدد الإجمالي للمتقدمين ما بين 25 إلى 30 ألفاً سنوياً، في العام الحالي، بلغ عدد المتقدمين 89 ألفاً، فيما زيادة عدد الطلاب المقبولين في الجامعات زادت من عدد المتقدمين للمنح".
وبيّن أنه "خلال العام الحالي، وبعد الاحتجاجات وشكاوى المواطنين، زادت أعداد المنح والقروض إلى حوالى 55 ألفاً، وهذه المنح لا تؤدي الغرض إذا علمنا أن عدد طلاب الجامعات الرسمية يبلغ نحو 210 آلاف طالب، حتى وإن جرى تقديم منح وقروض لـ55 ألف طالب، فهذه الأرقام لا تشكل ربع عدد الطلاب، وهذا كارثي. الكثير من الطلاب لم يستطيعوا الحصول على منح أو قروض، وقاموا بتأجيل دراستهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ونخشى أن يصبح التعليم للأغنياء فقط، ويحرم منه الفقراء، خاصة أن صندوق دعم الطالب هو الملاذ الأخير، والحكومة تتخلى عن دورها في توفير مجانية التعليم للجميع، وبالتالي فإن الحل الجذري ليس الصندوق، بل تنفيذ مجانية التعليم، وأن تكون الرسوم رمزية".