في أحدث وقائع التعديات على مصدر المياه، أعلن جهاز النهر الصناعي في ليبيا، الإثنين الماضي، التعدي على صمام التفريغ الخاص بالخط الرئيسي الناقل للمياه في أكبر خزانين للمياه في مناطق غربي البلاد، وهما خزانا "سيناون" و"الجويبية".
وأكد الجهاز أن فرقه بدأت أعمال السيطرة على التعديات عبر إصلاح الصمامات، بعد أن تسبب في انقطاع المياه عن مناطق عدة من بينها الشعواء، وسيناون، ونالوت، وأولاد محمود في الغرب.
وذكر الجهاز في بيان توضيحي، أن فرقه بصدد تقييم الوضع التشغيلي، وإجراء مناورة بهدف تخفيض كمية تدفق المياه، معرباً عن أمله في أن يتمكن عمال الصيانة سريعاً من السيطرة على التسرب من دون الاضطرار إلى إيقاف الضخ في خطوط أخرى مجاورة، ما يمكن أن يؤدي إلى وقف تدفق المياه إلى مناطق إضافية، من بينها مدينة غدامس على الحدود مع الجزائر.
وبات هذا النوع من التعديات على مرافق المياه متكرراً، فقبل أسبوعين، أعلن جهاز النهر الصناعي اكتشاف تسرب في خط نقل المياه إلى مدينة ترهونة، في جنوب شرق العاصمة طرابلس، نتيجة اعتداء قام به أحد المواطنين، موضحاً أن التعدي أدى إلى إيقاف الضخ على خط النقل الرئيسي، مما تسبب في انقطاع المياه عن عدد من مناطق الجبل الغربي.
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية الانتهاء من المرحلة الثانية لحملة إزالة التعديات على خطوط نقل المياه، والتي بدأتها في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، مشيرة إلى أن المرحلة الأولى للحملة بدأت في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وأن تلك الحملة "تولت إزالة الكثير من التوصيلات غير القانونية، كما تولت إغلاق مجمعات المياه التي تجري فيها التعبئة بطرق غير قانونية من مسارات نقل المياه الحكومية".
وأكدت الوزارة في بيان، أن دورياتها الأمنية ضبطت خلال المرحلتين المشار إليهما عدداً من التوصيلات العشوائية على طول خطوط نقل المياه التابعة لجهاز النهر الصناعي، من دون أن تعلن محاسبة أي من المسؤولين عن ارتكاب هذه التعديات.
من مدينة ترهونة، يقول عبد الملك الفرجاني، لـ"العربي الجديد"، إن "أزمة التعديات ستتواصل بنفس الوتيرة ما لم تتم محاسبة المسؤولين، فضلاً عن أهمية توفير حلول للمشاكل التي يخلفها التعدي المتكرر على خطوط النقل الرئيسية عبر توصيلات غير قانونية، والتي يعاني منها المواطنون والمزارعون على حد سواء".
واستطرد الفرجاني: "يعاني سكان كثير من المناطق من من أزمة مياه متكررة، ويضطر ذلك بعضهم إلى ارتكاب تلك التعديات، لا يعد هذا مبرراً لارتكاب تلك الجرائم، فكلها تعديات لا يمكن السكوت عنها".
وقبل أسبوعين، ناشد مسؤولو جهاز النهر الصناعي المواطنين التعاون مع الأجهزة الأمنية على حماية مرافق النهر الصناعي، حتى يتمكن الجهاز من تأمين الإمدادات المائية، مؤكداً أن "التعدي على خطوط نقل المياه يثقل كاهل الجهاز، ويؤثر سلباً على سلامة المنظومة، وعلى ديمومة الضخ والتدفق".
وقال الجهاز إن انقطاع المياه مؤخراً عن مدينة ترهونة كان بسبب اعتداء أحد المواطنين على خط النقل المغذي للمدينة، مما تسبب في هدر كميات كبيرة من المياه، مشيراً إلى أنه اضطر إلى وقف تدفق المياه لتفريغ الضغط حتى تتمكن فرق الصيانة من التعامل مع المشكلة بفحص المنطقة، وإصلاح التسرب، وإعادة تأهيل الخط لضخ المياه مجدداً.
وفي محاولة للقضاء على الأزمة، أعلن الجهاز التنسيق مع الجهات الأمنية لإطلاق حملة واسعة لوقف التعديات، ومكافحة ظاهرة التوصيلات غير الشرعية، موضحاً أن الحملة تشمل المنطقتين الشرقية والوسطى اللتين تنتشر فيهما التعديات على مسار خطوط نقل المياه.
وأوضح المهندس في فرق الصيانة بجهاز النهر الصناعي، جهاد أبو شهيوة، لـ"العربي الجديد"، أن الجهاز كجهة خدمية ليس مسؤولاً عن مكافحة التعديات، وأن مسؤولية محاسبة المعتدين تقع على عاتق الجهات الأمنية، موضحاً أنه "في ظل التنازع السياسي، والخلافات القائمة بين أجهزة الدولة، ستبقى فكرة المحاسبة بعيدة المنال، وستتواصل التعديات، وتتكرر التوصيلات غير الشرعية".
وحذر أبو شهيوة من أن العديد من المناطق في البلاد معرضة لمواجهة موجات من العطش في أي وقت، وأضاف: "نعول دائماً على زيادة وعي المواطنين بأهمية استقرار الأمن المائي، خصوصاً في ظل المشاكل التي تعرفها آبار استخراج المياه الجوفية في مناطق أقصى جنوب البلاد، والتهالك القائم في بعض خطوط الإمداد، وتراجع الاعتماد على المياه الجوفية بسبب الاعتماد المتزايد منذ سنوات على النهر الصناعي، فضلاً عن عدم العمل على تنمية البدائل، مثل محطات لتحلية مياه البحر".