استمع إلى الملخص
- يواجه المواطنون تهديدات صحية خطيرة بسبب تلوث الأغذية، مع تسجيل حالات تسمم غذائي خطيرة، مما يستدعي تعزيز الرقابة لضمان سلامة الأغذية.
- رغم الجهود، لا تزال الأغذية الملوثة تشكل كارثة صحية، حيث صادرت السلطات أكثر من 580 طناً، ويطالب النشطاء بمحاسبة المسؤولين عن تداولها.
تكثف جهات الرقابة الحكومية في ليبيا إطلاق حملات تفتيش المواد الغذائية والخضار في المحلات التجارية والأسواق، في إطار جهودها لتطويق خطر الأغذية الفاسدة والملوّثة. وأعلن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية أنه نفّذ أكثر من 1800 حملة تفتيش في البلاد خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ورفض مركز الرقابة على الأغذية والأدوية أخيراً شحنة ضمت 1400 صندوق من البسكويت كانت في طريقها لدخول البلاد من معبر مساعد البري (شرق)، بعدما أظهر تحليل أجراه على عينات من هذه الشحنة أنها لا تتطابق مع المعايير المطبقة، علماً أنها لم تتضمن تدوينات الوزن وتواريخ الإنتاج والانتهاء.
وضمن "الحملة الوطنية لحماية المستهلك"، أجرى مكتب المركز في مدينة أوباري (جنوب)، برفقة جهاز الحرس البلدي ومكتب الإصحاح البيئي، جولة تفتيش شملت محلات لبيع اللحوم وأخرى لبيع المواد الغذائية من أجل التأكد من تطبيق الشروط الصحية والمواصفات القياسية. وصادر المكتب نحو 90 كيلوغراماً من اللحم المفروم المجمّد، وأقفل أحد محلات اللحوم التي خالفت الشروط الصحية والمواصفات القياسية، وأعلن اتخاذ إجراءات قانونية وإدارية ضد المخالفين.
وفي إطار حملة واسعة نفذتها برفقة وحدة الأغذية في جهاز الحرس البلدي، فتشت فرق مركز الرقابة على الأغذية والأدوية أكثر من 170 محلاً بالعاصمة طرابلس والمناطق المحيطة بها، وضبطت كميات هائلة لا تقل عن 500 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة نتيجة سوء التخزين، وأحالت جميع المخالفات إلى جهاز الحرس البلدي.
وتؤكد الحملات بذل السلطات الليبية جهوداً كبيرة لتحسين الوضع الغذائي ومراقبة السلع المستوردة، لكن مشكلة تلوّث الأغذية والمنتجات المستوردة لا تزال تشكل تهديداً كبيراً لصحة المواطنين وسلامتهم. ويؤكد ذلك تتالي إعلانات حصول حالات تسمّم بسبب تناول أطعمة وأغذية صنعت باستخدام مواد أولية فاسدة أو منتهية الصلاحية. وأدت بعض هذه الحالات إلى وفيات وإصابات حادّة استدعت تدخلات طبية عاجلة.
ويوضح رمزي أبو ستة، وهو طبيب في المستشفى المركزي بالعاصمة طرابلس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن بعض وفيات مصابين بالتسمّم نتجت من تأخر وصولها إلى المستشفى وتلقيها العلاج، ما صعّب عملية الإنقاذ. لكن ما يلفت الانتباه هو التردي السريع لصحة المصابين بتسمّم لدرجة عدم القدرة على إنقاذهم، ما يشير إلى أن كمية السموم التي أنتجتها الأغذية الفاسدة كبيرة".
يتابع: "يكون التسمّم عادة بنسب يمكن علاجها حتى إذا تأخر وصول المريض إلى المستشفى، لكن الأعراض التي ظهرت على بعض المرضى، مثل القيء الشديد والإسهال المزمن وغيرها، تؤكد أن حجم الضرر كبير في الأغذية التي تناولوها، وأنه مرّ على فسادها فترة غير قليلة، وربما بعلم من التجار، ما يستدعي اتخاذ إجراءات لتعزيز الرقابة والتفتيش على مصادر الأغذية".
ويعتبر أبو ستة أن استمرار ظاهرة الأغذية الملوّثة، رغم الإعلانات المتكررة عن حالات التسمّم الغذائي والكميات الهائلة المضبوطة من الأغذية الفاسدة، يعد كارثة صحية لا تهدد صحة الأفراد فقط، بل تزيد المخاوف من المطاعم. وهذه الظاهرة تتطلب بذل مزيد من الجهود الرسمية لتدارك مخاطرها حتى عبر إعلان حال الطوارئ إذا تضاعف الخطر، ووصل الى حدّ تسبب الأغذية في أمراض وأوبئة خطيرة. يجب إخضاع الأغذية لتفتيش واختبارات فورية للتعرف على نسب البكتيريا الضارّة، وتحديد المعادن الثقيلة فيها، والمواد الكيميائية التي ربما تكون مسرطنة".
ويرى مراقبون أن "مصادرة السلطات أكثر من 580 طناً من الأغذية الفاسدة كانت معدة للتوزيع في الأسواق المحلية، والتي شملت لحوماً ومنتجات الألبان والأسماك وغيرها وإتلافها، ما يؤكد حرصها على تطويق الأزمة والحدّ منها، لكنّ هذا الأمر يؤكد أيضاً تزايد تداول الأغذية الفاسدة في الأسواق".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أشاد المختار زوبية، من طرابلس، على جهود المركز في تكثيف حملات ملاحقة الأغذية الفاسدة، وتوسع رقعتها لتتجاوز المدن الكبرى إلى القرى والمناطق النائية، لكنه استدرك بأن "وصول الغذاء الفاسد إلى المناطق النائية مؤشر لاتساع حجم فساد الأغذية في البلاد".
وطرح نشطاء أسئلة عن مصير أصحاب المحلات التي تبيع الأغذية الفاسدة، ومالكي الشركات التي توردها والتجار، في ظل عدم حصول محاكمات أو حبس أي منهم، "ما يعني ضمان الفاسدين الإفلات من العقاب الذي يدمر كل الجهود المبذولة".