أعلنت ليبيا ومنظمات دولية، مؤخراً، وفاة 11 مهاجراً سرياً، من بينهم سبعة يحملون الجنسية السودانية، كانوا على متن قارب يقلّ مائة مهاجر على الأقل، وغرق قبالة ساحل مدينة الخمس الليبية.
وأكد الهلال الأحمر الليبي انتشال 11 جثة قبالة سواحل المدينة، مشيراً إلى أن عشرات المهاجرين لا يزالون في عداد المفقودين، وأن قسوة الطقس عطلت جهود إنقاذ المهاجرين الذين غرق قاربهم.
وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الهلال الأحمر الليبي إنقاذ 84 مهاجراً ومقتل ثمانية إثر انقلاب قارب لتهريب البشر كان في طريقه إلى السواحل الأوروبية منطلقاً من سواحل منطقة القربولي، في حين فقد الاتصال بأكثر من خمسين مهاجراً كانوا على متنه.
اللافت في هذه الوقائع بحسب مراقبين لملف الهجرة هو استمرار نشاط المهربين خلال فصل الشتاء، ويعتقد الناشط الحقوقي المتابع لملف الهجرة السرية، رمزي المقرحي، أن المهربين يستفيدون من تراجع نشاط سفن المنظمات الإغاثية في عرض البحر بالقرب من السواحل الليبية، وكذلك تراجع أنشطة الأجهزة الليبية المعنية بملاحقة حركة تهريب البشر، مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد": "خلال السنوات الماضية، كان فصل الشتاء الذي يشهد طقساً متقلباً في البحر يعوق نشاط المهربين".
وتنتشر أغلب نقاط تهريب المهاجرين البحرية على سواحل مناطق صبراته، وزوارة غرب طرابلس، والقربولي والخمس شرقاً، بالإضافة إلى مناطق الهلال النفطي في الوسط، وطبرق وبنغازي في أقصى الشرق. ويوضح المقرحي: "ينشط المهربون في هذه المناطق التي أصبحت معروفة للجميع، وذلك رغم قربها من مناطق تمركز السلطات الأمنية، سواء في طرابلس أو بنغازي، وهذا مؤشر واضح على تراخي السلطات، أو تعاميها عن تزايد هذه الجريمة، وبعض جهود مكافحة المهربين تقوم بها أجهزة لا ترتبط بشكل كبير بالسلطات الحكومية".
وأطاحت أجهزة أمنية، كاللواء 444 في جنوب طرابلس، عدداً من شبكات تهريب البشر خلال العام الماضي، وشمل ذلك مداهمة ستة مقار لإحدى شبكات تهريب البشر في مدينة بني وليد، جنوب شرقي طرابلس.
وتتهم منظمات دولية السلطات الليبية بسوء إدارة ملف المهاجرين، سواء في مراكز الإيواء التي ينقل إليها المهاجرون الناجون من قوارب الموت، والتي توصف بـ"سيئة السمعة"، أو بسبب ضعف جهودها في مكافحة عصابات تهريب البشر، وتفكيك شبكاتهم.
لكنّ الناشط رمزي المقرحي يتساءل عن جهود المنظمات الأممية في ملف المهاجرين، ويقول: "تلك المنظمات تدعي تقديم المساعدة أو المشاركة في القضاء على ظاهرة الهجرة السرية، لكنها لا تقدم لمراكز الإيواء سوى مساعدات متقطعة، فبين الحين والآخر تصل أغطية وأغذية لا تكفي حاجة سوى أعداد بسيطة بين المهاجرين القاطنين في تلك المراكز، ولأيام معدودة".
ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فقد تم اعتراض طريق 1103 مهاجرين انطلقت قواربهم من سواحل ليبيا خلال الأسبوعين الأول والثاني من العام الحالي، وأعيد هؤلاء إلى مراكز الإيواء الليبية، مشيرة إلى أن بينهم 413 رجلاً، و55 امرأة، و10 أطفال، و625 آخرين لم تتوفر معلومات عن أعمارهم أو جنسهم.
ولا تنشر السلطات الليبية في الغالب أية إحصاءات عن ضحايا قوارب التهريب، أو أعداد الناجين، لكن ما أفادت به منظمة الهجرة كاف للدلالة على فشل جهود السلطات الليبية، واعتراف ضمني بعدم القدرة على حلحلة قضية المهاجرين.
ويشير المقرحي إلى أنه "في مقابل هذا العدد الذي أعلنته منظمة الهجرة، علينا أن نتساءل حول حجم المساعدات التي قدمتها للمهاجرين الناجين، وعن أعداد من تولت إنقاذهم. اتهاماتها للجانب الليبي لا تهدف إلا إلى إلقاء إخفاقها في هذا الملف على الحلقة الأضعف، وهي سلطات ليبيا بوضعها المنهار الحالي".
وترد السلطات الليبية في كثير من الأحيان على اتهامها بالقصور في حلحلة ملف المهاجرين بأنه ملف دولي يتجاوز قدراتها، وأن ليبيا بلد عبور، وليست مصدراً للمهاجرين، وأعلنت في العديد من المرات عن استمرار عملياتها لترحيل المهاجرين إلى بلدانهم.
وفي آخر جهود ترحيل المهاجرين، أعلن "جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية" في بنغازي، مطلع فبراير/ شباط، عن ترحيل 2639 مهاجراً إلى بلدانهم خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن هؤلاء المهاجرين المرحلين ينتمون إلى 19 دولة، من بينها مصر والسودان وسورية وتشاد وبنغلادش والنيجر.