وثّقت منظمة "نحن نسجّل" الحقوقية، الجمعة، العديد من الانتهاكات التي تمارسها سلطات سجن جمصة العمومي في مصر في حق السجناء، والتي ترقى إلى مستوى التجويع الممنهج، ما نتج عنه حالات إغماء، ومنع العلاج والتريُّض.
وتحت عنوان "جحيم لا يهدأ بسجن جمصة في مصر"، وثقت المنظمة، لليوم الخامس على التوالي، تعرض السجناء السياسيين في سجن جمصة شديد الحراسة لانتهاكات حقوقية متصاعدة.
تجويع ممنهج، حالات إغماء، منع العلاج والتريُض.. جحيم لا يهدأ بسجن جمصة في #مصر
— We Record - نحن نسجل (@WeRecordAR) December 17, 2021
لليوم الخامس على التوالي، يتعرض السجناء السياسيون في #سجن_جمصة شديد الحراسة لانتهاكات حقوقية متصاعدة، وفق ما وثقته منظمة #نحن_نسجل.
(1/6) pic.twitter.com/3XHktPZup2
وتنوعت الانتهاكات ما بين حرمان المعتقلين السياسيين من العلاج والأغطية الخاصة والتريُض والطعام، باستثناء مرة واحدة يوميا، غالبا ما تكون الوجبة رغيف خبز مع قطعة جُبن، فضلا عن توثيق تغريب 150 من المعتقلين.
والتغريب هو نقل السجين إلى سجن آخر بعيد عن مدينته، ما يُصعب على ذويه زيارته، وغالبا ما يكون السجن الجديد أسوأ، ويُعامل فيه السجين معاملة سيئة كونه من محافظة أخرى ومُعاقَباً.
وبدأت قوات السجن، كما علمت منظمة "نحن نسجّل"، هذه الحملة يوم الأحد الماضي 12 من ديسمبر/كانون الأول 2021، حيث جرّدت الزنازين من متعلقات المعتقلين، التي شملت الملابس وأدوات النظافة الشخصية، والطعام، والدواء، وغير ذلك من المتعلقات.
وأسفرت الحملة الأمنية عن حالات إعياء شديدة تعرض لها بعض المعتقلين من أصحاب الأمراض المزمنة.
ووثقت المنظمة الحقوقية أيضا أن ضابطاً بجهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) يُسمى محمد جمال (وهو اسم مستعار لإخفاء هُويته) هو الذي أمر بمعاقبة كافة السجناء السياسيين، بسحب كل البطاطين وترك فقط البطاطين الميري (التي يتسلمها السجناء من إدارة السجن، وغالباً ما تكون رديئة)، كما أمر بمنع الدواء عن المرضى.
وطالبت المنظمة مأمور سجن جمصة شديد الحراسة ووزارة الداخلية المصرية، بصفتها المسؤولة عن السجون، بإيقاف هذه الحملة غير الإنسانية على الفور، وتمكين السجناء من تلقي العلاج، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة.
كما طالبت بـ"الإيقاف الفوري للتجويع والتغريب ومصادرة متعلقات السجناء الخاصة".
ويضمّ السجن محبوسين احتياطيا وآخرين صدرت بحقهم أحكام قضائية، ولفترة طويلة لم يكن يتم فصلهم عن بعض في السكن. وخلال السنوات الأخيرة، وبعد ازدياد عدد المحتجزين الصادر ضدهم حكم، بدأت الإدارة تخصص زنازين لكل فئة، لكن تظل كل العنابر مختلطة.
ويجمع السجن كذلك بين المحتجزين على خلفية تهم سياسية وغيرهم ممن هم على ذمة قضايا جنائية، وتجمع الزنازين بين الفئتين حسب التوثيق الذي حصلت عليه الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
ويبقى عدد غير قليل من المحبوسين احتياطيا بالسجن فترات تتجاوز المدة القصوى المسموح بها قانونيا للحبس الاحتياطي (سنتان)، وقد تصل مدة حبسهم احتياطيا داخل سجن جمصة شديد الحراسة، حتى صدور الحكم الأولي عليهم، إلى ما يقارب أربع سنوات في بعض الأحيان. ويوجد أيضا بالسجن محتجزون تجاوز عمرهم ستين وسبعين عاما.
ويتوجه إلى سجن جمصة شديد الحراسة الكثير من السجناء الذين يتعرضون للتغريب من سجون أخرى، وتتوارد عدة أنباء عن تعرضهم لانتهاكات عند وصولهم إلى السجن، مثل مصادرة كافة متعلقاتهم الشخصية بما فيها الأغطية، والمنع من الزيارة والتريض واستلام الطعام في زيارات "الطبلية"، ومنع دخول الأدوية حتى لأصحاب الأمراض المزمنة.
وحسب الشهادة التي وثقتها الجبهة المصرية، فإن إدارة السجن لا تتبع الإجراءات المنصوص عليها في تسجيل شكاوى السجناء والرد عليها.
وفي الوقت ذاته، تتعامل بتعسف شديد مع أي محاولة من السجناء لتنظيم أنفسهم للمطالبة بتحسين أوضاعهم أو للتعبير عن أنفسهم. فمثلا، في بداية انتشار فيروس كوفيد-19 في مارس/آذار 2020، تحدث بعض المحتجزين – ومن بينهم مسيرو العنابر– نيابة عن زملائهم إلى الإدارة، وطالبوا بدخول المطهرات والمعقمات للوقاية من العدوى داخل السجن، حيث كانت الإدارة لا توفرها بالكانتين، وتمنع دخولها مع مستلزمات الزيارات.
وكان رد فعل الإدارة على مطالبات السجناء هو تغريب جزء من المسؤولين عن تنظيم المطالبات إلى سجن الوادي الجديد، ونقل جزء آخر إلى عنبر التأديب بصفة دائمة. كذلك، وقعت حادثة أخرى عام 2019 عقب إعدام بعض المحتجزين على ذمة قضايا عنف سياسي، حيث قامت الإدارة بتغريب ثلاثة أو أربعة سجناء إلى سجن العقرب بطرة، بسبب أدائهم صلاة الغائب على من تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم.