تبذل العديد من الجهات الصحيّة جهوداً كبيرة في مناطق شمال غرب سورية لتشجيع الناس على تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا الجديد، والعمل على نفي الشائعات المتعلقة باللقاحات وتبيان مدى أهميتها في المنطقة التي تعاني من جراء ضعف القطاع الصحي الذي يتحمل أعباء كبيرة تفوق طاقته، وبالتالي فإنه غير قادر على التعامل مع ارتفاع عدد الإصابات بكورونا.
واللقاحات هي الوسيلة الأكثر فعالية في الوقت الحالي للحدّ من ارتفاع عدد الإصابات بكورونا في عموم الشمال السوري المحرر. ويقول مشرف منطقة أطمة في "فريق لقاح سورية" الطبيب جمال خطاب، لـ"العربي الجديد": "يجب تشجيع الناس على تلقي اللقاحات في مناطق شمال غربي سورية، على اعتبار أنّ نسبة الإقبال قليلة. وتشجع مديريات الصحة في الشمال السوري الناس على تلقي اللقاحات، كما بدأت بعض المنظمات العمل في مجال التوعية الصحية وتشجيع الناس على تلقي اللقاحات".
ويلفت خطاب إلى أنّ قلّة عدد الأطباء المشجعين على اللقاحات تعدّ مشكلة أيضاً، ويجب أن يتولّى الأمر أشخاص متخصصون. إذ إن العاملين في مجال التوعية في الوقت الحالي ليسوا أطباء، موضحاً أنه "عادة ما يستمع الناس إلى كلام الطبيب أكثر من غيره، وعندما لا ينصح الطبيب الناس بتلقي اللقاح بشكل مباشر، فهذا يعني أنه مقصر". يتابع: "كلّنا نعرف فاعلية اللقاحات. يتوجب على الطبيب ألّا يلتزم الصمت، علماً أنّ قسماً من الأطباء أعلنوا رفضهم اللقاحات". كما يتحدث عن دور الجهات الرسمية، متابعاً: "يجب على الراغب في السفر أن يكون ملقحاً. وفي الشمال السوري، هناك تقصير بهذا الموضوع، إذ إن الإجراءات الصارمة تحث الناس على تلقي اللقاحات".
أسباب كثيرة تمنع الناس من الحصول على اللقاحات، منها أنّه ليس أولوية بالنسبة للبعض في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها، وخصوصاً في المخيمات، يؤكد خطاب، ويقول: "ما يواجهه الأهالي يجعلهم غير مهتمين باللقاحات. في هذا الإطار، نحاول إبراز أهمية الحصول على اللقاحات لدى السكان بعد حثهم على تلقيه".
شائعات
يؤكد خطاب أنّ الشائعات تمنع السكان من تلقي اللقاحات، وغالباً ما يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها الموت بعد عامين على تلقي اللقاحات، أو أنه يسبب العقم، وغير ذلك. وكثيرون يتداولون هذه الشائعات من دون التأكد من صحتها. يتابع: "في بلدان أخرى، يعاقب مروجو الشائعات. لكن هنا، لا يوجد من يحاسب ناشري هذه الشائعات، كما أنّ نفيها يتطلب جهداً إضافياً". ويقول خطاب: "نشجع الأهالي على تلقي اللقاحات بالتعاون مع الكادر الصحي والمسؤولين والنقابات وأصحاب الشأن والنفوذ والخطباء والمساجد. للأسف، نعمل حالياً بشكل فردي، ويجب أن تتكاتف الجهود لتشجيع الناس على تلقي اللقاحات. والأكثر فاعلية هو اللقاء المباشر. فلدى مقابلة الطبيب أو الناشط أو الفريق المسؤول عن إعطاء اللقاحات يشعر المواطنون بالراحة ويوافقون على تلقي اللقاحات. في فترة معينة، لم يكن الناس يؤمنون بوجود كورونا في الشمال السوري المحرر، ويسألون: أين كورونا؟ لكن مع إصابة آلاف الأشخاص وازدحام المستشفيات بالمصابين، أقبل كثيرون على تلقي اللقاحات. نرجو أن تتحسن الأمور مع الوقت ويزيد عدد الملقحين في المنطقة".
بدوره، يؤكد مدير صحة إدلب سالم عبدان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ الإقبال على اللقاحات ضعيف في الوقت الحالي، موضحاً أنّ هناك فرق توعية مجتمعية "ستعمل في محافظة إدلب والمخيمات لتشجيع الناس على اللقاحات والحديث عن فوائدها خلال الفترة المقبلة. كما سيزيد عدد فرق اللقاحات إلى 100 على أن تنتشر في جميع مناطق المحافظة المحررة لتشجيع الناس على تلقي اللقاحات". يضيف: "فقدنا الكثير من الأهل والأحبة خلال ذروة تفشي الفيروس. ومع انخفاض عدد المصابين، نجد أنّ الفرصة ممتازة في الوقت الحالي لحث الناس على تلقي اللقاحات كونها تحمي من دخول أقسام العناية المركزة، وخصوصاً بالنسبة لكبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري والضغط وغيرها. اللقاح آمن وموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية، كما أنّ الآثار الجانبية التي يعاني منها المرضى، ومن خلال تجربتنا، كانت خفيفة جداً".
من جهته، يؤكد النازح عقبة الحلبي، المقيم في ريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد"، أنّه مقتنع بأنّ اللقاح آمن والشائعات حوله عبارة عن تضليل لا أكثر. يضيف: "ترددت في البداية وساورتني بعض الشكوك حول اللقاح وما يشاع حوله، لكنني بتّ على يقين علمياً أنّ اللقاح آمن وفعال، وبالفعل حصلت عليه لأظلّ قادراً على إعالة أسرتي ولا أقع ضحية للفيروس الذي قد يقودني إلى قسم العناية المركزة. وأشجع الجميع على الحصول على اللقاحات".