يزداد خطر توقف دعم المنظمات غير الحكومية عن المؤسسات الصحية في مناطق الشمال السوري، الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المناهضة للنظام والمدعومة من تركيا، يوماً بعد آخر، وآخرها "المركز التخصصي للعلاج الفيزيائي" في مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، والمهدد بالإغلاق وحرمان 500 ألف مدني من خدماته مع بداية العام المقبل.
وحول واقع المركز وخدماته، قال مصدر منه طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب خاصة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المركز يعمل بشكل تطوعي وبدعم متقطّع منذ أكثر من عام، ومن أهم الصعوبات التي تواجهه غياب دعم مستمر للفريق، وقلة تأمين المواد والأطراف الصناعية بشكل دائم، إضافة إلى عدم توفر وسيلة نقل، مؤكداً أن عدم تلقيه أي دعم سوف يحرم أكثر من 500 ألف نسمة من الخدمات.
وأضاف المصدر أنّ "المركز يقدّم خدماته لجميع الفئات العمرية، وللنساء والأطفال والكبار في السن، إلى جانب الدعم النفسي الاجتماعي"، ولفت إلى أنه "يمنح أيضا الأدوية والتجهيزات الطبية الضرورية، بحسب توفرها".
وبين أن "العلاج الفيزيائي يعتبر خدمة نوعية وحاجة ضرورية، جراء النقص الذي تعانيه المنطقة بهذا الاختصاص"، لافتا إلى أن "المركز يخدم أكثر من 15 قرية و20 مخيما في المنطقة".
ويكابد السوريون واقعا صحيا صعبا في ظل قلة ذات اليد والكلفة المرتفعة للعلاجات.
وقال محمد ياسين (43 عاماً)، المقيم بالقرب من معرة مصرين مقر المركز التخصصي للعلاج الفيزيائي، لـ"العربي الجديد": "نحن نعاني من قلة مراكز العلاج الفيزيائي المجانية، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، فليس لدى غالبية سكان المنطقة الإمكانيات لتلقي العلاج في مراكز خاصة".
وأضاف ياسين: "إغلاق المركز والكثير من المشافي يحرمنا من أبسط حقوقنا كبشر وهو حق العلاج، وكأن الحصار والموت بمختلف أنواع الأسلحة لا يكفيان، ليكتمل المشهد".
من جانبه، ناشد المواطن فتحي عبد الحفيظ (39 عاما) "جميع المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي بدعم القطاع الطبي بشكل عام، ومنه مركز العلاج الفيزيائي، فأنا أحد النازحين إلى ريف إدلب الشمالي، ووالدي يعاني من مشاكل بالمفاصل، وبحاجة لعلاج فيزيائي، لكن في حال إغلاق المركز لن يتمكن من ذلك، وليست لدي القدرة على نقله إلى منطقة أخرى للحصول على العلاج، ولا تحمّل أعباء العلاج بالمراكز الخاصة".
وأضاف عبد الحفيظ، لـ"العربي الجديد": "لو زارت المنظمات الإنسانية المركز ووقفت على واقع المرضى الذين يراجعونه وحاجاتهم لتلقي العلاج، فإنها ستعيد الدعم حتماً"، مشيرا إلى أن "المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ما حصل في سورية وطول مدة مأساتنا".
بدوره، قال رئيس دائرة الرعاية الثانوية والثالثية في مديرية صحة إدلب يحيى نعمة، في تصريح صحافي، إنّ "حال المركز كحال جميع المشاريع الصحية محدودة المدة والزمن والتكلفة، لذلك يعاني من صعوبة في تجديد المنح لعمله"، مشيرا إلى أنه "تم رفع تقارير المركز إلى المانحين، لكن العلاج الفيزيائي بشكل عام في شمال غرب سورية يعاني من ضعف شديد في الدعم".
ولفت إلى وجود أكثر من 35 مركزاً للعلاج الفيزيائي في محافظة إدلب، نصفها يعمل حتى الآن بشكل تطوعي، وبحاجة ماسة للدعم لكي يستمر في تقديم خدماته للمرضى.