أعلن 88 من مديري المدارس الابتدائية في محافظة منوبة شمالي تونس، استقالتهم الجماعية مساندة لزميل لهم جرى إعفاؤه من منصبه بعد القيام بأعمال صيانة في المؤسسة التعليمية التي يشرف عليها بمساعدة متبرع.
وأعلم 88 مدير مدرسة، رسمياً، اليوم الجمعة، الإدارة الجهوية للتعليم بمحافظة منوبة، باستقالتهم من إدارة المؤسسات التي يشرفون عليها، مع تأجيل تسليم العهدة رسمياً إلى يوم الإثنين المقبل. وأثارت إقالة مدير مدرسة ابتدائية بمحافظة منوبة موجة من الغضب لدى القطاع التربوي الذي عبّر عن تضامنه مع المسؤول المعفى بالتخلي الجماعي عن إدارات المؤسسات التعليمية.
واتخذت وزارة التربية التونسية قرار إعفاء مدير مدرسة ابتدائية من مهامه بناء على تقرير مهمة تدقيق قامت به مصالحها، تبيّن قيام المدير المعفى بتبليط ساحة (فناء) المدرسة بالتعاون مع متطوع بمبادرة منه، بحسب رواية النقابة.
وقال كاتب عام الفرع الجامعي للتعليم الأساسي، سفيان الجعيدي، إنّ "88 مدير مدرسة ابتدائية في محافظة منوبة، سلّموا استقالة جماعية موقعة منهم إلى الإدارة الجهوية للتعليم، احتجاجاً على عزل زميلهم الذي اجتهد في تبليط المساحة الخارجية للمدرسة"، مضيفاً أنّ "الاجتهاد بات تهمة تستحق العقاب والعزل".
وأفاد الجعيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنّ "المديرين تضامنوا مع زميلهم باعتبار أنهم مهددون بالإعفاء أيضاً بسبب الاجتهاد في توفير ظروف دراسة أحسن للتلاميذ". وأضاف أنّ "المدرسة التي تعرّض مديرها للإعفاء، تعاني من مشاكل على مستوى البنية التحتية، تتسبب في توقف الدروس مع هطول الأمطار بعد تسرب المياه الملوثة للفصول، بسبب عدم تبليط المساحة الخارجية وتحويل مياه قنوات صرف المياه".
وقال المسؤول النقابي إنّ "المدير راسل المسؤولين الجهويين في مناسبات عدة للتدخل بهدف تحسين البنية التحتية، إلا أنّ طلبه لم يجد أي إجابة، ما دفعه للاجتهاد والبحث عن حلول فردية". وأكد أنه "حصل على الموافقة من المصالح الجهوية لإنجاز الأشغال التي تسببت في عزله".
وانتقد الجعيدي "تكلس الإجراءات الإدارية التي تحول دون المبادرات الخاصة لتحسين أوضاع المؤسسات التربوية التي يقدمها متطوعون ومتبرعون"، معتبراً أنّ "اتهام مدير المدرسة بالتجاوز ومعاقبته بالعزل يحبطان عزيمة القائمين على المؤسسات التعليمية، التي تشكو ضعف الإمكانيات ورداءة بنيتها التحتية نتيجة الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد".
في المقابل، قالت المندوبة الجهوية للتربية بمنوبة دلندة المباركي، إنّ "عزل مدير الابتدائية النجاة بوادي الليل، يأتي إثر رصد متفقدة مالية وإدارية مكلفة من وزارة التربية جملة من الإخلالات المتعلقة بالإجراءات القانونية في التصرف المالي". وأضافت، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أنّ "التدخلات التطوعية تتم وفق الإجراءات القانونية، ومنها تبليط الساحة المذكورة التي تم ترخيص إنجازها من قبل متطوع".
وتفتقر مدارس عدّة في تونس إلى بنية تحتية سليمة، شيّد بعضها خلال الاستعمار الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي، من دون أن يُصار إلى صيانتها في ما بعد، وبعض آخر منها يقع في أماكن معزولة من البلاد من دون أسوار ولا حراسة ولا مياه ولا شبكات صرف صحي.
وتشير تقديرات وزارة التربية إلى أنّ نحو أربعة آلاف مدرسة تعاني مشاكل في البنى التحتية، وتتطلب صيانتها استثمارات كبيرة، مؤكدة في أكثر من مناسبة أنّها أعدّت برنامج دراسات من أجل إعادة تأهيل المدارس التي تعاني تراجعاً في البنية التحتية.
في المقابل، كشفت الجامعة العامة للتعليم الأساسي عام 2021، أنّ غالبية المدارس الابتدائية تعاني من تقادم البنية التحتية واهترائها، إذ يعود تاريخ تشييد 96% منها إلى ما قبل عام 1980، مشيرة إلى أنّ المعدّل الوطني للتغطية بالمياه الصالحة للشرب لم يتجاوز 88%، ما يعني أنّ 461 مدرسة من دون مياه صالحة للشرب.