تونس: اعتداءات على النقل العمومي

23 أكتوبر 2021
انتظار قدوم عربة المترو قد يطول (العربي الجديد)
+ الخط -

شهدت بعض محطات عربات المترو في تونس أخيراً اكتظاظاً كبيراً بالمسافرين منذ ساعات الصباح الأولى، ما أزعج عدداً كبيراً منهم بسبب تأخرهم عن الالتحاق بالعمل أو المدارس، وأبدوا استياءهم من عدم التزام العربات بالمواعيد المحددة لرحلاتها، وقلة عددها يومياً. وبررت شركة النقل النقص في عربات المترو بتعرّض بعضها إلى عمليات تخريب من قُصر وشبان، علماً أن الاعتداءات على وسائل النقل العمومي ليست ظاهرة جديدة في تونس، إذ تكرر وزارة النقل الحديث عن استهداف الحافلات وعربات المترو والقطارات، بهدف إرباك عملها واستنزاف قدراتها في تأمين استمرار مرافق النقل العمومي إلى المناطق، علماً أن الشركة تشكو من صعوبات مالية جعلتها غير قادرة على إصلاح التجهيزات التي تتعرّض للتخريب والأعطال خلال وقت قصير. وواجهت خلال شهر واحد فقط عام 2018 خسائر قدّرت بنحو 70 ألف دولار.

قضايا وناس
التحديثات الحية

اعتداءات متكررة 
ليل 25 و26 سبتمبر/ أيلول الماضي، رُشقت ست عربات مترو نفذت الرحلات المسائية بحجارة حطمت لوحاتها البلّورية، فتعذّر تسييرها لفترة لاحقاً، في انتظار إجراء التصليحات اللازمة التي استوجبت اتخاذ تدابير إدارية بسبب نفاد مخزون اللوحات البلّورية من المخازن، مع توالي عمليات التهشيم في الفترة الأخيرة. وخفّض ذلك عدد الرحلات، وحرم المواطنين من مجموع 72 سفرة يومياً تتوزع بين 36 ذهاباً و36 إياباً. وأشارت وزارة النقل إلى أن "عمليات التخريب التي تطاول أسطول النقل العمومي تتسبب بخسائر قيمتها 350 ألف دولار سنوياً، علماً أن هذا الرقم قد يرتفع مع تصاعد وتيرة الاعتداءات".

عمل عربات المترو ضروري لكثيرين (العربي الجديد)
عمل عربات المترو ضروري لكثيرين (العربي الجديد)

ويفرض القانون عقوبات تصل إلى السجن مع دفع غرامات مالية كبيرة على كل من يعتدي على أملاك عامة بينها وسائل النقل. وفي حال ارتكب قصّر عمليات التخريب يتحمل أولياء أمورهم العقوبات، خصوصاً على صعيد توفير التعويض المادي عن الضرر الذي ينصّ عليه القانون. ودعت شركة النقل مرات في بياناتها أولياء الأمور إلى توعية أبنائهم بخطورة الاعتداء على وسائل النقل العمومي وتبعاته على صعيد العقوبات المطبقة، خصوصاً أن غالبية عمليات التخريب ينفذها أطفال قصّر تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و18 سنة. 

القُصر مزعجون لوسائل النقل في تونس (العربي الجديد)
بعض القُصَّر يربكون حركة وسائل النقل في تونس (العربي الجديد)

اضطراب الرحلات
وتحدث المسؤول في شركة النقل محمد الشملي لـ"العربي الجديد" عن "أن ظاهرة الاعتداءات على النقل العمومي زادت في السنوات الأخيرة، خصوصاً تلك التي تستهدف عربات المترو وحافلات القطار، ما تسبب في اضطراب في عدد الرحلات ومواعيدها، علماً أن هناك نقصاً في أسطول العربات والحافلات في مقابل اكتظاظ غير عادي على خدمات وسائل النقل العمومية". ويوضح أن "عمليات الإصلاح تتطلب أسبوعاً أحياناً، علماً أن عمليات التخريب تطاول خطوط السكك الحديدية أيضاً، سواء تلك الخاصة بالمترو أو القطارات، وهو ما حصل أخيراً في نقاط عدة بالمدن، ما جعل رحلات النقل بينها غير منتظمة". ويشير إلى أن "غالبية عمليات التخريب يرتكبها قُصر بالدرجة الأولى وشباب بدرجة أقل. وقررت الشركة تشكيل فريق أمني يضم 60 عنصراً لتأمين المحطات وعربات النقل بالتنسيق مع وزارة الداخلية، خصوصاً خلال أوقات الذروة صباحاً، والساعات المتأخرة ليلاً".

اكتظاظ غير عادي بسبب تأخر رحلات (العربي الجديد)
اكتظاظ غير عادي بسبب تأخر رحلات (العربي الجديد)

غياب التوعية
من جهته، يشير سائق إحدى عربات المترو سيف الدين ضيف الله، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى معاناة السائقين من تصرفات القصر الذين يتسببون بفوضى ويعطلون حركة العربات خلال وقوفها في المحطات، كما ينفذون عمليات تخريب داخلها تشمل المقاعد، ويتعمدون شدّ مكابح العربة لتعطيل الرحلات. أما رشقهم العربات بحجارة فظاهرة يومية تتسبب أحياناً في إصابة سائقين وعاملين في شركة النقل أو حتى مواطنين بتأثير تحطم الزجاج. ويحتاج إصلاح الزجاج عادة بين يومين وثلاثة أيام، فيما يستغرق إصلاح أعطال أخرى أكثر من أسبوع، تمهيداً لإعادة عربة المترو أو حافلة القطار إلى نسق العمل العادي".

ويكشف أن "بعض أولياء الأمور لا يعون خطورة ما يفعله أبناؤهم، في وقت لا توعية فيه بمخالفات هذه الظاهرة التي عرّضت هؤلاء الأولياء إلى عقوبات مالية فرضتها شركة النقل عليهم، من أجل تعويض الأذى الذي تسبب به أبناؤهم وأعمال التخريب التي ارتكبوها واستهدفت غالبية وسائل النقل العمومي". والعام الماضي، قدرت شركة النقل خسائرها السنوية بـ 250 مليون دولار، وحددت عجزها المالي بأكثر من 300 مليون دولار. 

المساهمون