أعلن رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، اليوم الجمعة، تسلّم تونس أربع نساء وخمسة أطفال من زوجات وأبناء مقاتلين في تنظيم "داعش" كانوا في السجون الليبية، في وقت لا تزال 10 تونسيات أخريات قيد الاحتجاز في ليبيا.
وقال عبد الكبير في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنّ "عملية التسليم تمّت اليوم عند معبر رأس الجدير الحدودي، تحت إشراف سلطات أمنية من البلدَين". وأضاف أنّ "تونس تسلّمت تسعة من أطفال ونساء داعش بعد تنسيق أمني وقضائي مع ليبيا"، موضحاً أنّ "النساء الأربع سوف يخضعنَ لتحقيق أمني ليُبتّ بأمرهنّ بحسب تقدير القضاء التونسي".
وأشار إلى أنّ "أعمار الأطفال تتراوح ما بين خمسة أعوام و13 عاماً". وبيّن الناشط الحقوقي أنّ ثمّة "مساعي من أجل تأمين عودة 10 تونسيات أخريات يقبعنَ بدورهنّ في سجون ليبية، بعد إصدار القضاء الليبي أحكاماً بشأنهنّ"، شارحاً أنّ هؤلاء "يقضينَ عقوبات تصل إلى السجن 16 عاماً، من بينهنّ نساء مع أطفال".
وأكّد أنّ "المساعي التي تُبذَل هي لمصلحة الأطفال العليا، وقد اقتُرحت متابعة المسار القضائي وتنفيذ الأحكام السجنية في حقّ النساء بتونس، في مقابل تسليم الأطفال إلى أسرهم أو وضعهم تحت رعاية مؤسسات الدولة التونسية".
وتسلّمت السلطات التونسية نساء وأطفال مقاتلي "داعش" من ليبيا اليوم، بعد نحو عامَين من العملية المشابهة الأخيرة (2021) عندما استعادت 10 نساء و14 طفلاً كانوا في السجون الليبية بسبب صلات تربطهم بأشخاص يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش". كذلك، سبق أن تسلّمت أربعة أطفال في عام 2020، واتُّفق على تسلّم الأشخاص الباقين على دفعات عبر وساطات من منظمات مجتمع مدني في البلدَين.
واستبقت تونس عملية تسلّم رعاياها بالإعلان، في بداية شهر مايو/أيار الحالي، عن الوثيقة المرجعية الأولى لمسارات التعهّد بالأطفال العائدين من مناطق النزاع. وقالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ آمال الحاج موسى في تصريحات إعلامية إنّ "الوثيقة تمثّل دليلاً إجرائياً يحدّد عودة الطفل من جديد إلى تونس، وذلك وفقاً لخصوصية كلّ حالة، وإعادة دمجه من جديد عبر مسارات تعهّد على سنوات طويلة يحدّدها القانون بالعودة إلى النيابة العمومية، فيبقى ملف الطفل تحت يد الدولة لسنوات للاطمئنان على دمجه السويّ في المجتمع وزوال أسباب التهديد".
وتعني هذه الوثيقة المرجعية سبع وزارات من شأنها الحسم في مصير الطفل بعد البحث الاجتماعي، سواء بالدمج في العائلة أو الإيداع في قرى الأطفال ومراكز الرعاية بما تقتضيه مصلحته.
وبيّنت بلحاج موسى أنّ وزارتها تلقّت ما يزيد عن 120 طلباً لإعادة أطفال من مناطق النزاع. وإذ أشارت إلى أنّ تلك الطلبات صدرت عن أجداد الأطفال، بيّنت أنّ تونس تمكّنت من استعادة 51 طفلاً من مناطق النزاع منذ عام 2018.
وتسعى منظمات المجتمع المدني في تونس منذ أعوام إلى إيجاد حلول تمكّنها من استعادة أبناء مقاتلي "داعش" العالقين في السجون الليبية، لا سيّما في مصراتة والعاصمة طرابلس، وتطالب بتأهيل هؤلاء والعمل على دمجهم فور عودتهم.
وكان رئيس جمعية التونسيين العالقين بالخارج محمد إقبال بن رجب قد صرّح لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، بأنّ "أوضاع الأطفال التونسيين في السجون ومراكز الاحتجاز الليبية أفضل حالاً من أوضاع الأطفال في المخيمات السورية أو السجون العراقية التي يديرها الأكراد".
وشرح بن رجب أنّ "عدد الأطفال في السجون الليبية يُقدَّر بـ22 طفلاً، وعودتهم رهن القرار السياسي وتحرّك الدولة التونسية. أمّا في سورية والعراق، فثمّة عائلات تونسية تعمل بجهود خاصة للوصول إلى أولادها في المخيّمات السورية" الخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مشيراً إلى أنّ "استعادتهم مكلفة جداً".