تزداد محاولات الهجرة السرية في تونس نحو سواحل أوروبا، على الرغم من تشديد السلطات الرقابة، الأمر الذي يشير إلى مدى صعوبة الحد منها، في ظل اليأس الذي يعاني منه الكثير من المواطنين من جراء الأزمتين الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة.
وقال المتحدث باسم محاكم صفاقس، مراد تركي، الأحد، إن إجمالي عدد من لقوا حتفهم في غرق قوارب المهاجرين ارتفع إلى 17، وإنه تم العثور على خمس جثث أخرى اليوم الأحد، إضافة إلى 12 جثة عثر عليها خفر السواحل خلال الليل. وتم إنقاذ 98 شخصا.
وكشف خفر السواحل التونسي، أمس السبت، أن أربعة زوارق تقل 120 مهاجرا أفريقيا كانت متوجهة إلى إيطاليا غرقت قبالة الساحل قرب مدينة صفاقس.
ويقول رئيس مكتب الإعلام بوزارة الداخلية فاكر بوزغاية لـ "العربي الجديد": "أنقذ 36 مهاجراً وما زال 24 في عداد المفقودين. وكان المركب يقل 60 مهاجراً من جنوب الصحراء"، مشيراً إلى أنه انطلق من صفاقس وغرق بسواحل المهدية. ونفى غرق 4 زوارق أو أن يكون عدد الذين أنقذوا 100 مهاجر من جنسيات أفريقية.
وتمكنت الوحدات البرية والبحرية بإقليم الحرس البحري بالوسط خلال ليل 22 الشهر الجاري من إحباط 10 عمليات هجرة سرية انطلقت من سواحل ولاية صفاقس.
وأفادت في بيان بأنها تمكنت من إحباط 6 محاولات لاجتياز الحدود البحرية وضبط 11 مهاجراً تونسياً و147 مهاجرين يحملون جنسيات أفريقية. وأكدت أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم بحسب تعليمات النيابة العمومية، مبينة أن الوحدات التابعة للمنطقة البحرية بصفاقس تمكنت من إنقاذ 16 مهاجراً يحملون جنسيات أفريقية وانتشال 3 جثث إثر تسرب مياه إلى المركب.
وتمكنت وحدات الحرس الوطني العاملة بجهات صفاقس وبنزرت وطبلبة، خلال الـ 48 ساعة الماضية، من ضبط 143 شخصاً "كانوا يعتزمون اجتياز الحدود البحرية خلسة" كما أعلن الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، وقد أذنت النيابة العمومية باتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم.
وكشفت السلطات الأمنية عن نجاح في مكافحة الهجرة السرية من خلال مضاعفة عدد المحتجزين خلال السنوات الأخيرة ممن يعتزمون مغادرة البلاد بشكل غير قانوني، في وقت تشير المؤشرات إلى استمرار تصاعد وتيرة الهجرة السرية على الرغم من تشديد الرقابة.
زيادة مطردة في أعداد راغبي الهجرة منذ مطلع 2022
ويؤكد مدير إدارة حرس السواحل وليد بن علي، في عرضه النتائج المسجلة في مكافحة الهجرة السرية بحراً، صد محاولات 20616 شخصاً عام 2021، (منهم 10245 تونسياً و10371 أجنبياً) في مقابل 9789 شخصاً عام 2020 و3790 شخصاً عام 2019. ويذكر بن علي أن عدد عمليات الهجرة السرية التي تم التصدي لها بلغ 1489 عام 2021 في مقابل 832 عام 2020.
كما بلغ عدد المنظمين والوسطاء الموقوفين 946 خلال العام الماضي، في مقابل 496 موقوفاً عام 2020 و119 عام 2019، موضحاً أنه تم إيقاف 15 من المنظمين الأجانب.
والأسبوع الماضي، أعلن بن علي أن "عدد المجتازين بلغ حتى 20 إبريل/ نيسان الجاري 3160، هم 2249 أجنبياً و911 تونسياً، في وقت بلغ عدد المفتش عنهم 92 والعمليات التي أحبطت 205، وعدد المنظمين والوسطاء التونسيين الموقوفين 140 والأجانب 8 أشخاص".
وفي ما يتعلق بالهجرة السرية عبر الحدود البرية التونسية، أكد مدير إدارة حرس الحدود البري، قيصر سفطة، أنه تم التصدي لـ 181 عملية اجتياز بري لمهاجرين سريين حتى 20 إبريل/ نيسان الجاري، في مقابل تسجيل 547 عملية اجتياز براً في 2021. أضاف أن عدد الذين اجتازوا الحدود براً حتى 20 إبريل/ نيسان الجاري بلغ 380، منهم 349 أجانب و31 تونسياً، في حين بلغ عددهم 1481 في 2021.
وفي ما يتعلق بالنتائج المسجلة في بقية مجالات أمن الحدود البرية، يشير إلى أن عدد المضبوطين المفتش عنهم على الحدود بلغ 272 حتى 20 إبريل/ نيسان 2022 في مقابل 211 عام 2021 و192 شخصاً تم ضبطهم عام 2020. كذلك استعرض سفطة نشاط وحدات الحدود البرية، إذ حرّر 485 محضراً مؤخراً، في حين بلغ عدد المحاضر 1769 عام 2021.
وكان المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر قد أعلن في تصريح سابق لـ "العربي الجديد" أن "43951 مهاجراً (42703 رجال و1251 امرأة)، وصلوا إلى السواحل الإيطالية ما بين 2017 و2021 في مقابل منع 53524 مهاجراً تم منعهم من الوصول إلى إيطاليا في الفترة نفسها".
ولفت إلى أنّ "عدد المهاجرين السريين الذين وصلوا إلى إيطاليا منذ الأول من يناير/ كانون الثاني 2022 بلغ 870 وعدد الذين أوقفوا بلغ 2722، بالإضافة إلى إحباط 254 عملية". أضاف أنه من بين المهاجرين السريين هناك 5509 قاصرين من دون مرافقة و1335 من القاصرين مع مرافقة وصلوا إلى السواحل الإيطالية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
إلى ذلك، يقول المتخصص في علم الاجتماع حسان موري لـ "العربي الجديد" إنّ "الهجرة السرية ظاهرة عالمية قديمة جديدة، لا تخص تونس فقط بكونها نقطة انطلاق نحو جنوب سواحل أوروبا أو بوصفها نقطة عبور من خلال استقبال مهاجرين من باقي الدول الأفريقية جنوب الصحراء أو حتى من جنسيات عربية أخرى".
ويوضح أنّ "الأرقام الرسمية وحتى تلك التي تعدها المنظمات المعنية بملف الهجرة تؤكد تصاعد وتيرة محاولات الهجرة، سواء نجح المهاجرون في ذلك أو احتجزوا، كما تؤكد أنّ المقاربة الأمنية لإغلاق الحدود وحراستها ومراقبة المنافذ البحرية والبرية لا تعدّ كافية".
ويشير موري إلى أنّ "دوافع الهجرة السرية اجتماعية واقتصادية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى جوانب أخرى نفسية وأخرى أمنية، إلا أن معظم الدراسات أثبتت أن المهاجرين السريين يخاطرون بحثاً عن وضع اجتماعي أفضل والرفاه وفرص عمل واستقرار اجتماعي وظروف صحية ملائمة لهم ولعائلاتهم بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس وبلدان المنشأ بالنسبة للأجانب".
ويلفت إلى أنّ "المعالجة هي من خلال البحث عن حلول اجتماعية واقتصادية للتونسيين بهدف تقليص محاولات الهرب من الواقع الصعب الذي أكدته محاولات عائلات بأسرها وقصر ورضع بمغادرة البلاد بوسائل غير قانونية".
ويشدد على "ضرورة وضع مقاربة اجتماعية واقتصادية لحل هذه الظاهرة، ويتوجب على السلطات أن تتباحث مع الدول الأوروبية التي تشكو توافد المهاجرين إلى سواحلها من خلال الوصول إلى حلول استثمارية تساعد في خلق فرص عمل وتحسين مستوى العيش في تونس والدول المصدرة للمهاجرين السريين وتحسين شروط السرية".