ورغم تدخل مجلس نواب الشعب، في محاولة منه للتخفيف من منسوب الاحتقان، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي نتيجة تُذكر، في ظل تواصل الإضراب المفتوح الذي أقرته نقابة التعليم الثانوي، وذلك لليوم الخامس.
وفي السياق، أصدر الاتحاد الوطني الحرّ، اليوم السبت، بياناً حمّل فيه المسؤولية الكاملة لهذا التصعيد الخطير وغير المسبوق للحكومة، بعد أن تعمدت التعنت وغلق كل قنوات التواصل، وعجزت عن إدارة الحوار مع شريكها الاجتماعي طيلة الأشهر السابقة.
وأشار البيان إلى غياب الرؤية الواضحة للدولة، في معالجة الإشكال الكبير القائم بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي، والذي يهدد مستقبل الأجيال القادمة.
ولفت النائب عن الاتحاد الوطني الحر، نور الدين المرابطي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ على رئيس الجمهورية تقريب وجهات النظر بين الحكومة واتحاد الشغل بحكم خبرته وحنكته، مبيناً أنه لا يمكن للأزمة أن تستمر أكثر في ظل التجاذبات الحاصلة والتصريحات المتبادلة بين الطرفين، إذ تحول الأمر إلى معركة، في الوقت الذي كانت تجب فيه التهدئة وعدم الوصول إلى هذا الأمر.
Twitter Post
|
وأضاف المرابطي أنه كان من المفروض أن يتم فتح باب التفاوض والحوار، لكي تتخلى نقابة التعليم الثانوي عن قرار حجب الأعداد، كما أنه لا يجب على وزارة التربية ترك الأمور تتفاقم وتصل إلى تعطيل الدروس وربما قرارات أخرى، وبالتالي فإنه يتحمل جزءاً من المسؤولية وعليه التدخل ودفع وزير التربية إلى التفاوض مع نقابة التعليم الثانوي وحل الإشكال.
وأفاد بأن الأزمة أصبحت مزعجة لجميع الأطراف، فهي مقلقة لرئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس نواب الشعب واتحاد الشغل والنقابات. بالتالي، مهما كانت الظروف والمطالب، فإنه يمكن التوصل إلى حلول ترضي الحكومة والنقابات.
Twitter Post
|
ويرى ملاحظون أنّ دعوات التهدئة والحوار قد تنتقل من البرلمان إلى رئاسة الجمهورية، داعين السبسي إلى دفع الأطراف المعنية إلى الجلوس على طاولة الحوار.
وأشاروا إلى أن رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي بدأ يستشعر خطورة الوضع، وربما التدخل لتقريب وجهات النظر ودفع الحكومة والاتحاد إلى الحوار، إذ تطرق اللقاء الذي جمعه أول من أمس برئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الأوضاع العامة بتونس، إلى جانب مستجدات أزمة التعليم الثانوي.
من جهته، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أمس، في كلمة بثتها القناة الوطنية الأولى، إنّ الحكومة ملتزمة بالحوار، ولا يوجد حل آخر بديل منه، داعياً إلى استئناف الدروس يوم الإثنين في قطاع التعليم الثانوي.
وأكد أن الإضراب المفتوح في قطاع التعليم الثانوي بات يهدد منظومة الامتحانات بما فيها الوطنية، مبيناً أنه مهما كانت الخلافات فإنها لا تبرر ما يحصل اليوم، وأن اتحاد الشغل له نفس الهاجس وهو إنقاذ السنة الدراسية".
غير أن هذه التصريحات لم ترق كثيراً لاتحاد الشغل، الذي اعتبرها لا تخلو من تهديد ولا تتضمن أي حلول.
وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، خلال التجمع العمالي بقفصة، اليوم السبت، أن خطاب رئيس الحكومة أمس تضمن لهجة التهديد، مشدداً على أن الاتحاد لن يتراجع عن مطالبه المشروعة.
ولفت الطبوبي إلى أن يوسف الشاهد اتصل به قبل 15 دقيقة من كلمته ليبلغه بمحتوى الخطاب، مشيراً إلى أنه قد عبّر عن رضاه عما جاء بالكلمة في البداية، إلا أنه تفاجأ عند سماعها حيث تم تغييرها، وهو ما يؤكد أن رئيس الحكومة لا يتحكم بقراراته.
ودعا الأمين العام لاتحاد الشغل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى التدخل العاجل، من أجل حلّ الأزمة وإيجاد حلول عاجلة.
وأشار الطبوبي إلى أن أزمة البلاد سياسية بامتياز، وأنّ الائتلاف الحاكم هو جزء من المشكل، مبيناً أنه "عوض أن تكون الكفاءة ونظافة اليد والقدرة على استنباط الحلول هي أساس الأداء الذي يستوجب القيام به من قبل الحكومة، فإن السعي وراء ربح المواقع والمحاصصة هو ما يطغى على أدائها".
وبيّن أنّ الهيئة الإدارية للاتحاد ستُعقد الإثنين القادم، من أجل دعم قطاع التعليم الثانوي
والمفاوضات الاجتماعية، معتبراً أن الحكومة تسعى إلى إقحام المنظمة الشغيلة في معركة مع الشعب وأولياء التلاميذ، للتغطية على فشلها في معالجة الملفّات الكبرى ومواجهة الفساد
والمتهرّبين من دفع الضرائب، مُذكراً أن موقف الاتحاد ثابت، وهو الوقوف إلى جانب المربّين في مطالبهم ومطالب كل الطبقات المهمّشة.
في السياق ذاته، وصف الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي، لسعد اليعقوبي، خطاب رئيس الحكومة بـ"الملغوم"، مبيناً في تصريح إعلامي أنه يتضمن الكثير من الاستفزاز للأساتذة وهياكلهم النقابية، من أجل دفعهم لقرارات تصعيدية.
وقال اليعقوبي، إنّ "الشاهد ما زال على مواقفه القديمة، وما زال يدعو لمفاوضات مشروطة، وهي رفع قرار حجب الأعداد وتعليق الإضراب في قطاع التعليم".
بدوره، أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، اليوم السبت، أن من حق اتحاد الشغل الاحتجاج والمطالبة بتحسين الأوضاع.
وقال الغنوشي، خلال زيارته اليوم ولاية القصرين، إن الثورة أقرت مبدأ الحوار والتوافق، مستبعداً أن يتسبب الاتحاد في خيبة أمل للتونسيين.