أصبحت الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة ساحات لتعبير الشبان عن غضبهم مما يحصل، من خلال أعمال وطنية وتضامنية شملت تنفيذ عشرات من السلاسل البشرية ووقفات احتجاج لرفض الجرائم وتأكيد الوقوف مع الشعب الفلسطيني في ظل اعتبار معركة "طوفان الأقصى" معركة الشعب الأردني.
تقول طالبة الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا، شمس شديد، من كتلة التجديد العربية لـ"العربي الجديد": "الشارع الطلابي الأردني عصّي على التطبيع، وهذا ما أظهره منذ بداية معركة طوفان الأقصى من خلال تنظيم وقفات عدة لدعم ومناصرة المقاومة الفلسطينية، وذلك بمشاركة عدد هائل من الطلاب".
تضيف: "تشكّل الملتقى الطلابي لدعم المقاومة بعد العدوان على قطاع غزة، ما مهّد لتنظيم العديد من التحركات والاحتجاجات، ومنها إضراب طلابي إثر مجزرة المستشفى المعمداني، وسلاسل بشرية وغيرها".
وتتحدث شمس عن أن "الطلاب يدعون إلى إلغاء كل معاهدات واتفاقات التطبيع مع العدو الصهيوني، وإغلاق وكر الإرهاب المتمثل في السفارة الصهيونية بمنطقة الرابية بعمّان، وإلغاء المعاهدة الأميركية، باعتبار أن الولايات المتحدة شريكة أساسية في المجازر الحالية التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني. وهم يشددون على مبدأ أن فلسطين هي القضية المركزية لكل أطياف الشعب الأردني، وأن وقفات احتجاج الحركة الطلابية في الجامعات ليست إلا انعكاساً لمطالب المجتمع الأردني".
وترى أن "ما يحدث حالياً هو بداية نهاية إسرائيل، فبعدما تعرّت منظومة الجيش الصهيوني في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم يبقَ في يد الكيان الفاشي سوى ارتكاب جرائم ضد شعبنا بغزة، ما يشكل محاولات واهية لإعادة الاعتبار لنفسه، فالمقاومة الفلسطينية والشعب الغزيّ ورفاقهم في اليمن والعراق وجنوب لبنان عصيّون على الانكسار أمام كل الحقد الغربي من الولايات المتحدة وفرنسا، والدول المعادية للمشاريع التحررية والوحدوية العربية. ولتكن هذه الأيام تلك التي تخط لنا طريق التحرير الحتمي".
بدوره، يقول الطالب في كلية الاقتصاد بالجامعة الأردنية أحمد الخطيب لـ"العربي الجديد": "قلوبنا في غزة وأجسادنا في عمّان، نتألم لألمهم ونفرح لفرحهم، واليوم يشعر جميع طلاب الجامعة، كما كل الأردنيين، بأنهم جسد واحد مع أهل غزة".
يضيف: "شهدت الجامعة الأردنية فعاليات للتضامن مع الأهل في غزة ودعم المقاومة مثل وقفات وسلاسل بشرية، والحديث الوحيد المتداول هو أخبار غزة وأحداثها. وهذه الفعاليات تكشف التفاف جميع الطلاب حول مشروع المقاومة ودعمه، ومطالب الأردنيين من الحكومة واضحة ولا تحتاج إلى نقاش، وتتمثل في إصدار موقف شديدة تجاه العدوان الصهيوني على الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، ومنها إغلاق السفارة الأردنية في عمّان، وإلغاء اتفاق وادي عربة واتفاق الغاز والماء مقابل الكهرباء".
ويلفت إلى أن "موقف إدارة الجامعة يتماهى مع موقف الطلاب، ومنها على سبيل المثال بدء محاضرات بقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء غزة الذين قضوا جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم، كما نكّست الأعلام بعد استهداف المستشفى المعمداني في غزة".
ويرى الخطيب أن "الحرب على غزة كشفت زيف ادعاء دول غربية بقيم حقوق الإنسان، إذ استهدفت جرائم قوات الاحتلال المدنيين والأبرياء والمستشفيات، ما يتنافى مع كل القيم الإنسانية والأخلاقية والقوانين الدولية التي تتحدث عنها هذه الدول".
أما الطالبة منى الزعبي من جامعة اليرموك فتقول لـ"العربي الجديد": "نشعر بعجز في وقت يُمارس جيش الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني والأهل في غزة، ونشعر بالقهر لعدم القدرة على مساعدتهم بشكل حقيقي، لكن قلوبنا ومشاعرنا معهم".
تضيف: "لا أبالغ بالقول إن جميع الطلاب على قلب واحد مع الأخوة في غزة، علماً أن أي قضية لم توحّد منذ زمن مشاعر الأردنيين وطلاب الجامعة، كما حصل خلال العدوان على غزة".
وتوضح أن الجامعة شهدت تنظيم العديد من الفعاليات والوقفات التضامنية الحاشدة، وشارك أكاديميون في بعضها، وتخللها إقامة صلاة الغائب على أرواح الشهداء الذين ارتقوا إلى ربهم دفاعاً عن أرض فلسطين ضد العدوان الغاشم الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني المدافع عن حقه في أرضه.
وتشير إلى أن "الطلاب لا يتركون فرصة أو مساحة إلا ويعبرون من خلالها عن استنكارهم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان همجي يشنه الاحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب جرائم حرب بشعة تتعارض مع ما يسمى بالشرعية الدولية من خلال استهداف المدنيين العزل، واغتيال كل معاني الإنسانية، ونشر الألم والفقدان والقهر".
من جهته، يقول الطالب يزن العبادي من جامعة البلقاء التطبيقية لـ"العربي الجديد": "كل شباب وطلاب الأردن مع غزة والمقاومة، ولا فرق بين أردني وفلسطيني، فقصف غزة يؤلم قلوبنا، ونشعر بالقهر مما يحدث في هذا العالم الظالم، وبالاشمئزاز من مواقف العالم الذي يرى في المقاومة الشرعية إرهاباً في مقابل دعم الاحتلال وجرائمه البشعة في إطار حرب إبادة يشنها ضد الشعب الفلسطيني".
وكانت هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني في الأردن "همم" قد طالبت الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن مواقفه المنحازة إلى الاحتلال الإسرائيلي التي تغضّ الطرف عن الجرائم التي يرتكبها في حقّ الشعب الفلسطيني. وجاء ذلك في إطار مذكّرة سلّمتها "همم" إلى سفير الاتحاد الأوروبي لدى عمّان بيير كريستوف تشاتزيسافاس. وشدّدت "همم" على حقّ الشعب الفلسطيني في المقاومة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى دعم ذلك، مشيرةً إلى أنّ "سمعة ومصداقية الاتحاد على المحكّ".
ويرى العبادي أن حرب غزة أكدت رغم الخسائر والألم أن المقاومة تستطيع بإمكاناتها المحدودة إصابة دولة الاحتلال وجيشها الذي لا يقهر في مقتل، وأن الدفاع عن الحق أقوى من استمرار الظلم.