جثث في الأنهر وأطباء هواة... كورونا يواصل ضرب قرى الهند

15 مايو 2021
لا يستطيع الجميع تحمّل تكاليف حرق الجثث بشكل لائق (نفين شارما/Getty)
+ الخط -

يتفشى فيروس كورونا في مناطق الهند النائية حيث تدفن الجثث أحياناً في قبور شبه موازية لسطح الأرض أو تُلقى في الأنهر، فيما يعتمد المرضى على الأعشاب وأطباء من دون خبرة لعلاجهم.

وتحدّث كيدواي أحمد، من قرية ساداللابور في ولاية أوتار براديش الشمالية الشاسعة، عن وضع "كارثي" بينما يموت السكان في أنحاء الحيّ الذي يقطنه.

وقال في اتصال هاتفي مع فرانس برس: "هناك فقر مدقع حتى إنه لا يمكن للناس تحمّل تكاليف حرق الجثث بشكل لائق. يربطون أحجاراً كبيرة بالأجساد ويلقون بها في النهر".

وأضاف: "لا يهتم الآخرون بذلك ويرمون الجثث كما هي. لقد أصبحت ممارسة شائعة هنا".

وتابع: "البعض يدفن موتاهم في قبور غير عميقة وحتى لا ينتظرون ليروا ما إذا كانت الغربان أو الكلاب تتغذى على جثثهم".

ولم يقم أي فريق طبي بزيارة القرية الشهر الماضي. وقال أحمد إنّ المرضى يبقون في منازلهم ويتناولون "تركيبات عشبية".

وحتى لو كان بمقدور البعض الذهاب إلى العيادات، فإنها تعاني من نقص في الأسرّة والأدوية والأكسجين. وأضاف: "لقد تُرك الناس ليموتوا. هذه هي الهند المخفية عن الجميع".

 فوضى 
وتشير أكثر من 100 جثة، جرفتها الأمواج إلى ضفاف نهر الغانج في الأيام الأخيرة، إلى أنّ الوضع مروع بالقدر نفسه في أماكن أخرى من البلاد.

وفي منطقة أُناو الواقعة في ولاية أوتار براديش أيضاً، دفن عشرات الأشخاص في مقابر رملية ضحلة بجوار النهر.

وأعلنت السلطات، الجمعة، أنها سترسل دوريات إلى ضفاف النهر لمنع الناس من التخلّص من موتاهم.

ويقول السكان المحليون إنه لا يوجد ما يكفي من الحطب لمحارق الجنائز، ما يعني أنهم مجبرون على ترك الجثث في النهر، لكن المسؤولين يشككون في وجود نقص.

كما تصرّ حكومة أوتار براديش على أنها تنفذ "حملة لا هوادة فيها لتتبع وفحص وعلاج مرضى كوفيد".

لكن فينود باندي (45 عاما)، وهو مسؤول حكومي يتعافى من كوفيد-19 في منطقة بادوهي، قال إنّ البنية التحتية الصحية المحلية "مزرية". وذكر أنه في حين لم تشهد قريته سوى وفاة شخصين أو ثلاثة، لقي نحو عشرة أشخاص حتفهم في قرية مجاورة، و"يبدو أنّ جميع سكان القرية ليسوا على ما يرام".

وقال أجاي سينغ ياداف (40 عاما) إنّ عشرة أشخاص على الأقل توفوا في قريته، مشيراً إلى أنه يتم التعامل مع كورونا على أنه "عدوى فيروسية عادية".

وقال ياداف لفرانس برس: "لا طبيب في المرفق الصحي، والعاملون في متجر الأدوية هم من يتولون شؤون المرض في القرى إلى حد كبير".

وأوضح: "يأتي الناس ويبلغون عن أعراضهم، والفتية في الصيدليات يوزّعون الأدوية عليهم حسب فهمهم للأعراض".

وألقى ياداف باللوم في انتشار الفيروس على انتخابات المجالس المحلية الأخيرة في ولاية أوتار براديش، عندما تمّت دعوة ملايين الأشخاص للتصويت حتى مع ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس.

وقال: "حتى لو كنت لا تريد الخروج من منزلك، لا يمكنك تجنّب المرشحين الذين يطرقون بابك".

 "نعيش في خوف" 
وفي ولاية بيهار المجاورة، عانى غودو خان من الحمى والسعال وآلام في الجسم مدة أسبوع تقريباً، وعولج على يد طبيب هاوٍ يفتقر إلى المعدات الأساسية.

وهذا الطبيب واحد من مئات الآلاف من الممارسين الصحيين غير الرسميين وغير المسجلين وغير المؤهلين في جميع أنحاء البلاد، الذين يعتمد عليهم الهنود في المناطق الريفية.

ويقول أرمان خان، أحد أقرباء غودو، إنّ "مئات الأشخاص في عشرات القرى في المنطقة يزورون الطبيب الهاوي حيث تبدو عليهم أعراض كورونا".

ولم يتم تشخيص خان بالفيروس، بسبب نقص مرافق الاختبار، وتمّ نقل الرجل الأربعيني في النهاية إلى المستشفى وهو في حالة حرجة.

وفي قرية ناشاب، مات نحو عشرة أشخاص بأعراض تشبه تلك الناجمة عن الإصابة بالفيروس. لكن نظراً لعدم إجراء فحوص لهم، لم تتم إضافتهم إلى عدد الموتى الرسمي في الهند الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أقل من العدد الإجمالي للوفيات بنحو 260 ألفاً.

وقال أوميش ياداف، وهو قروي آخر، لفرانس برس عبر الهاتف: "نعيش في خوف".

وفي عشرات القرى في المنطقة نفسها، لقي أكثر من 100 شخص حتفهم بعد معاناتهم من الحمى والسعال والضعف وضيق التنفس، في الأيام الـ25 الأخيرة.

وقال الباحث في مجال الصحة وأخلاقيات علم الأحياء المقيم في بوبال، أنانت بهان، إنه حتى عندما تزور الفرق الطبية القرى، فإنّ الناس يترددون في إجراء الاختبارات.

وأوضح: "نحن بحاجة إلى تكثيف الاختبارات وإجراء حملة إعلامية وإشراك المجتمعات مع مسؤولي الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، لإعطاء المجتمعات المعلومات الصحيحة".

(فرانس برس)