استمع إلى الملخص
- **الجدل حول تعليم أبناء المغتربين**: دعوات لعدم قبول تلاميذ لا يجيدون الروسية أثارت جدلاً، مع تحذيرات من العواقب الاجتماعية لتسربهم من التعليم، واقتراحات لتعليم اللغة الروسية.
- **آراء متباينة حول الحلول**: بعض الخبراء يدعمون اشتراط إتقان اللغة الروسية للالتحاق بالمدارس، بينما يقترح آخرون حلولاً لضمان التواصل اللغوي الفعّال وتخفيف العبء على البنية التحتية.
منذ واقعة الهجوم الإرهابي الدموي الذي استهدف قاعة العروض "كروكوس سيتي هول" على أطراف موسكو في مارس/ آذار الماضي، والذي نفذه مسلحون طاجيك، لا يتوقف في روسيا الجدل في ضرورة تنظيم حركة الهجرة الوافدة من آسيا الوسطى، وسط تعالي الأصوات المطالبة بتشديد القوانين بحق المغتربين الوافدين بهدف العمل والذين تُقدَّر أعدادهم بملايين الأشخاص.
من آخر المبادرات المثيرة للجدل من هذا القبيل، الدعوات إلى عدم قبول تلاميذ لا يجيدون اللغة الروسية عند المستوى اللازم للالتحاق بمدارس روسيا، ما أثار جدلاً بين من يرى فيها انتهاكاً للحق الدستوري في التعليم، وآخرون يؤكدون ضرورة إتقان لغة البلد المضيف للاندماج في العملية التعليمية.
تشير منسقة مشروع إتاحة التعليم في لجنة العون المدني، صوفيا إسماعيلوفا، إلى أن الدعوات لحصر قبول التلاميذ في المدارس بمن يجيد اللغة الروسية تتعارض مع الدستور الذي يكفل حق التعليم، محذرة من العواقب الاجتماعية الوخيمة لتسرب أبناء المغتربين من العملية التعليمية.
تقول إسماعيلوفا لـ "العربي الجديد": "يتعارض اشتراط إتقان اللغة الروسية للالتحاق بالمدارس مع المادة الـ 43 من الدستور الروسي التي تكفل الحق في التعليم. وفي حال تبني مثل هذا القانون، ستكون له عواقب كارثية من جهة تسرب أعداد هائلة من الأطفال من التعليم المدرسي، خصوصاً أنه لا يُقدَّم أي بديل لهم". وتلفت إلى أن هذه المشكلة لا تقتصر على أبناء المغتربين فحسب، بل تشمل أيضاً عائلات الأجانب الذين يحملون الجنسية الروسية حديثاً، ولكن أبناءهم لم يتقنوا اللغة الروسية بعد.
وتضمن المادة الـ 43 من الدستور للجميع الحق في التعليم المجاني بمراحله كافة، حتى الثانوية، أو المعاهد المتوسطة، مع حصر الحق في التعليم العالي المجاني لمن يستوفون شروط إثبات الجدارة العلمية، مع إلزام أولياء الأمور بضمان تلقي أبنائهم التعليم بمرحلته المدرسية.
وعن رؤيتها لحل مشكلة اندماج أبناء المهاجرين ضمن المجال التعليمي الروسي، تضيف إسماعيلوفا: "يمكن استحداث مادة اللغة الروسية لغير الناطقين بها في المدارس أو توفير ما يكفي من الأماكن لأبناء المغتربين برياض الأطفال حتى يتعلموا أساسيات اللغة الروسية في مرحلة ما قبل المدرسة، ولكن هناك نقص دائم بالأماكن الشاغرة بالرياض الحكومية التي لا تتسع دائماً حتى لجميع المواطنين الروس المقيمين في محيطها".
من جهة أخرى، يرحب عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، بمبادرة اشتراط إتقان اللغة الروسية للالتحاق بالمدارس، معتبراً أن ضعف أداء أبناء المهاجرين يعرقل العملية التعليمية لجميع التلاميذ بلا استثناء.
ويقول بيزبالكو لـ "العربي الجديد": "هذه المبادرة صائبة، ولكنها من وجهة نظري ضعيفة ومتأخرة، لأن أبناء المغتربين يفرملون العملية التعليمية بالمدارس ويؤدون أداءً دراسياً ضعيفاً ويشكلون مجموعات إثنية ترهب التلاميذ الآخرين".
وحول رؤيته لحل مشكلات التلاميذ من أبناء المغتربين، يضيف أن "الخيار الأفضل خلق ظروف للمغتربين تمكنهم من ترك عائلاتهم بأوطانهم"، متسائلاً: "إذا حضرتم إلى روسيا بهدف العمل لفترة مؤقتة، فلماذا تصطحبون معكم زوجاتكم وأبناءكم؟ اتركوهم في وطنكم وحوّلوا أموالاً لهم".
ويخلص إلى أن "عائلات المغتربين تشكل عبئاً كبيراً على البنية التحتية التي تنشأ في روسيا على حساب ضرائبنا نحن، لا ضرائبهم هم".
يرى رئيس النادي الأوراسي للتحليل في موسكو، نيكيتا ميندكوفيتش، أن اشتراط إتقان اللغة للالتحاق بالمدارس إجراء طبيعي، لافتاً إلى أن الجامعات الروسية تشترط على الطلاب الأجانب اجتياز السنة التمهيدية لتعلم اللغة قبل التحاقهم بالمرحلة الأساسية من التعليم. ويقول ميندكوفيتش لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن إلزام التلاميذ بإتقان اللغة الروسية قبل الالتحاق بالمدارس إجراء طبيعي، لأن العملية التعليمية مستحيلة من دون تواصل لغوي بين المعلم والتلميذ، وحتى الجامعات الروسية تشترط على الطلاب الأجانب اجتياز السنة التمهيدية لدراسة اللغة قبل الالتحاق بها".