ألهبت مشاهد مجزرة المستشفى المعمداني في غزة، الثلاثاء الماضي، مشاعر الأردنيين الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم لحال أخوة الدم ومصيرهم المأساوي الغارق في بحر حقد الاحتلال الإسرائيلي في أرض فلسطين.
يقول أحمد المناصير، وهو أب لأربعة أطفال، لـ"العربي الجديد": "الحقيقة أن مجزرة المستشفى المعمداني أفقدتني صوابي. كانت جريمة بشعة جداً في حق الإنسانية، باعتبارها استهدفت مستشفى لجأ إليه سكان غزة بحثاً عن الأمان والعلاج، فتحوّل إلى مقبرة وقطعة من الجحيم".
يضيف: "آلمتني مشاهدة رجل يحمل أشلاء طفله، وطبيب قضى خلال قيامه بواجبه الإنساني، وعائلة أمست مجرد ذكرى وشطب اسمها من الحياة. لا يمكن حتى أن أتحمل تخيّل أمر وجودي مع أولادي في المكان نفسه. أشعرتني مشاهد الحرب على غزة، خصوصاً جريمة المستشفى المعمداني، بعجز وقهر، ونحن لا نحرك ساكناً، ونكتفي بالمشاهدة، ما يزيد القهر داخلنا".
وبالنسبة إلى المناصير "يزداد حجم القهر من نفاق الدول الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تتفاخر بحقوق الإنسان، في حين توفر غطاءً لإبادة دولة الاحتلال المجرمة الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه والحفاظ على كرامته".
وتقول هبة العساف، وهي معلمة وأم لخمسة أطفال، لـ"العربي الجديد": "ندعو أن يمنح الله الصبر للأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، والرجال الذين حملوا جثامين أطفالهم في يوم المجزرة الحزين".
تتابع: "مشهد الأطباء بين مئات من جثث الأطفال أبشع مشهد يمكن مشاهدته في أي وقت من حياتنا على هذه الأرض. كان هؤلاء الأطباء عاجزين تماماً بين جثث الأطفال الذين أصبحوا مثل دمى قماش مقطعة بين أيدي أمهات وآباء عاجزين بدورهم عن الرد على الجريمة التي سلبتهم فلذات أكبادهم. لا شك في أن الدموع سبقت الكلمات وحتى الدعوات، وكان الوجع كبيراً في قلوبنا. أضع نفسي في مكان أهل هؤلاء الأطفال، وأقول نحتسبهم عند الله مقابل الحرية وعدم استمرار حياتهم في السجن الكبير الذي يفرضه الاحتلال عليهم، ونرى أيضاً أن من استشهدوا في هذه الحرب تحرروا، فالأبطال والمقاومون سيقدمون شهداء بعد الشهداء حتى يتحرروا من سجونهم. وربما نستطيع القول إن كل العرب في سجن، والفلسطينيون وحدهم أحرار ويعملون ما تمليه عليهم ضمائرهم. وهذا الدرس الذي نتعلمه من أهلنا في غزة، ونحن نتوجه إلى الله أن يحق الحق وينتقم من مجرمي الحرب الذين لم يراعوا أي مبادئ إنسانية في حربهم على غزة".
وتقول وئام خضر، وهي موظفة ثلاثينية، لـ"العربي الجديد": "لم أستطع تحمل المشاهد التي بثتها محطات التلفزيون لمجزرة المستشفى المعمداني. صدمتني هذه المجزرة، واحتجت إلى وقت طويل لاستيعاب ما حصل، علماً أن محطات التلفزيون حاولت تغطية الصور المؤلمة على الشاشة، لكن مقاطع الفيديو التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت الكارثة على حقيقتها".
تضيف: "لم نستطع النوم في ليلة المجزرة من هول المشاهد والإحساس بالألم والعجز، ونفذت الشركة التي أعمل بها إضراباً شاملاً تضامنا مع أهل غزة في اليوم التالي، والأكيد أن مشاعر جميع الأردنيين مع الأهل في غزة".
بدوره، يقول محمد سليم، وهو أربعيني وأب لطفلين، لـ"العربي الجديد": "أشد أنواع الألم هو الذي لا تستطيع التعبير عنه بسبب العجز عن القول والفعل، وهذا ما يحصل مع معظم الشعوب العربية الثائرة في شوارع بلدانها حالياً للتعبير عن وجعها وقهرها من المجازر والإرهاب المنظم الذي تمارسه عصابة اسمها دولة إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامد والمتمسك بأرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية".
يضيف: "مارس الصهاينة أبشع أنواع القتل والدمار والحصار ضد الشعب الأعزل في قطاع غزة الفلسطيني، من دون أن يستثنوا أي طفل أو امرأة ثكلى أو شيخ، وهذا ليس أمراً غريباً أو مستغرباً في تاريخهم الذي تضمن مجازر وحصار وقتل نفسي وجسدي في حق شعب محاصر يؤمن بالكاد قوت يومه. ويشهد الجميع على المجازر التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948".
ويشير إلى أن" الاحتلال يقتل الشعب الفلسطيني بدعم واضح من الولايات المتحدة، وجريمة المستشفى المعمداني ضمن مسلسل الجرائم التي ترتكبها يومياً في غزة المحاصرة، وكل جريمة أفظع من سابقاتها، ولا تفرق بين النساء والأطفال وكل مكونات المجتمعات الفلسطيني، في حين لا نرى أي تحرك من الدول التي تدّعي الحفاظ على الأمن والاستقرار، وتستضيف منظمات حقوق الإنسان".
ويقول سليم أيضاً إن "آهات النساء وصرخات الأطفال ورعب ودموع الآباء ستبقى تلاحق كل من تسبب في حصولها حتى يوم القيامة، وغزة تنتظر القرار الإلهي بالتدخل لإنقاذها من الإرهاب الممنهج الذي تمارسه عصابة الاحتلال الصهيوني تجاهها".