قررت المحكمة المركزية في تل أبيب، اليوم الثلاثاء، إمهال المستثمرين في مقبرة طاسو الإسلامية بمدينة يافا مدة 30 يوماً من أجل التوصل لاتفاق مع بلدية تل أبيب ووزارة المالية الاسرائيلية، والشركة التي تحاول السيطرة على 40 دونماً من المقبرة بالقسم الشرقي.
وغصّت قاعة المحكمة بالحاضرين لجلسة التداول من أهالي يافا لاهتمامهم بملف المقبرة، وحرصهم على رفع الصوت ضد أي محاولة للاستيلاء عليها.
ملف مقبرة طاسو في المحاكم لسنوات
ويتداول ملف مقبرة طاسو بيافا في المحاكم منذ سنوات، ويدافع عنها الوقف الإسلامي لمنع شركة الاستثمار الإسرائيلية من الاستيلاء على الجزء الشرقي من المقبرة بصفقة مشبوهة كانت قبل أكثر من خمسين عاماً.
وفي السياق، قال المحامي محمد دريعي، رئيس لجنة الوقف الإسلامي، والمترافع عن الملف: "ملف مقبرة طاسو لا زال موجوداً ومتداولاً في المحاكم لمنع أي تشويش حوله، والقضية لم تعرف طريقها إلى الحل بعد".
وأضاف دريعي: "حاليا الشركة الاستثمارية التي اشترت القطعة الشرقية من مقبرة طاسو قبل 50 عاماً بمساحة تقدر بـ40 دونماً ما زالت تحاول منع المسلمين من الدفن فيها، رغم أنه حق مشروع لهم".
وأوضح دريعي أن "حل الملف موجود عند الدوائر الرسمية والوزارة والبلدية لتقديم حلول مالية واقتصادية للشركة المستثمرة، وهو ما جرى التطرق إليه خلال الجلسة من خلال مقترح إعطاء تعويض مادي للشركة من الوزارة وبمساعدة البلدية، لبناء خطة هيكلية داخل مقبرة طاسو حتى يتم منع أي المحاولة للمساس بها مستقبلاً".
وشدد المتحدث على أهمية البقاء على أهبة الاستعداد لـ"حماية أوقافنا ومقدساتنا التي تشكل محط أطماع واستغلال من طرف المؤسسات الإسرائيلية"، مشيرا إلى أنه "بمساندة أهالي يافا والثقة التي نحظى بها نستمد القوة لاسترجاع أوقاف المدينة، وسيتم الإعلان لاحقا عن بشائر جديدة".
وتعد مقبرة طاسو الإسلامية في يافا واحدة من نماذج مصادرة الأوقاف الإسلامية بالداخل الفلسطيني من قبل المؤسسة الإسرائيلية بعد النكبة، وحكايتها شبيهة بكثير من الأوقاف والمقدسات الإسلامية التي جرى الاستيلاء عليها ومصادرتها.
وفي عام 1931، جرى إيداع أرض بمساحة 80 دونماً في منطقة حي أبو كبير العريق وقفاً لصالح دفن المسلمين من أهالي مدينة يافا. ومع دخول الاحتلال عام 1948 متبوعاً بقانون "أملاك الغائبين" عام 1951 صودرت المقبرة.
و"أملاك الغائبين" هو القانون الذي تحولت بحسبه أراضي فلسطين من ملكية الفلسطينيين إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ جرت بموجبه تلك المصادرة بحقّ مقبر طاسو بذريعة غياب القائمين عليها.
أما عام 1956، فجرى تحرير جزء من المقبرة، وعينت المؤسسة الإسرائيلية لجاناً تحت تسمية لجان أمناء للوقف الإسلامي عبر وزارة المالية، وذلك لضمان تعيين أشخاص غير مؤتمنين يخدمون مصلحة الاحتلال فقط لا غير.
وعام 1973، باعت اللجنة نصف المقبرة لشركة استثمار إسرائيلية تدعى "يوسي هشكعوت"، وذلك بموافقة الوزارة، حتى أنّها وافقت على نقل بعض القبور من منطقة إلى منطقة أخرى.
وكانت هناك عدة مقابر لدفن المسلمين في يافا، وما زالت شواهد قبورها قائمة حتى اليوم، وجرى توقيف الدفن فيها منذ النكبة 1948، ونذكر منها مقبرة الشيخ مراد، والتي تقع شمال شارع كيبوتس غلويوت، ثم مقبرة رب عبد النبي بجانب فندق هيلتون على شواطئ تل أبيب، ومقبرة الكزخانة في حي الجبلية، ومقبرة يازور في قرية يازور المهجرة، ومقبرة الإسعاف التاريخية.