كشفت منظمات حقوقية أردنية تجاوزات وانتهاكات يتعرض لها العمال المهاجرون في البلاد، يصل بعضها إلى شبهة الاتجار بالبشر، وسط تجاوزات وانتهاكات تتعلق بالحقوق المالية والحصول على الحماية الاجتماعية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي يصادف اليوم 18 ديسمبر/كانون الثاني.
ودعت الحملة الوطنية الأردنية لنظام الهجرة العمالية البديل في بيان، اليوم الأحد، إلى حماية حق العمال المهاجرين في التنظيم النقابي والتفاوض الجماعي، وشمول جميع العمال المهاجرين بالضمان الاجتماعي وحماية حرية الحركة والتنقل والاستقلال المالي.
وشددت الحملة على أهمية المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 لإنهاء العنف والتحرش في عالم العمل، والتي تؤكد أنه لا تمكن مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل من دون الالتزام بالمعايير الأساسية لمنظمة العمل المتعلقة باحترام الحريات النقابية.
وطالبت الحملة الوطنية لنظام الهجرة البديل بالإلغاء الكامل لنظام الكفالة، واصفة نظام الكفالة بأنه أحد أشكال العبودية الحديثة التي تتنافى مع القيم والمبادئ التي يلتزم بها الأردن، والاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها الأردن، والمبادئ الأساسية لمنظمة العمل الدولية حول الحرية النقابية والتفاوض الجماعي.
شددت الحملة على أهمية المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 لإنهاء العنف والتحرش في عالم العمل
وفي السياق، طالب تقرير متخصص، صدر تزامنا مع المناسبة ذاتها عن جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، بعدم استثناء العمال المهاجرين من الحد الأدنى للأجور ومساواتهم بالعمال الأردنيين، وتفعيل دور وكفاءة نظام التفتيش من خلال زيادة أعداد المفتشين وتأهيلهم وتزويدهم بالمعارف والأدوات التكنولوجية الحديثة.
وقال التقرير إن العمال المهاجرين في الأردن يتعرضون للعديد من الانتهاكات، أبرزها تدني الأجور وانتهاك حقوقهم العمالية، إلى جانب عدم إدماجهم في برامج الحماية الاجتماعية، خاصة شمولهم بالضمان الاجتماعي، حيث تشير الأرقام إلى أن نحو 12 بالمائة فقط من هذه الفئة مشتركون في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، رغم تعرض العديد منهم إلى إصابات العمل.
وفي ما يتعلق بأعداد المهاجرين الحاصلين على تصاريح عمل، بين التقرير أنه وفقـا لبيانات وزارة العمل، بلغ عددهم 746 ألف عامل عام 2021، في زيادة واضحة عن التصاريح الصادرة في العام 2020 التي بلغ عددها (221,833)، مقابل (348,736) تصريح عمل عام (2019).
ومنذ بداية العام 2022 وحتى الـ15 من الشهر الجاري، استقبلت "تمكين" 285 شكوى قدمها عمال مهاجرون، تركزت غالبية الشكاوى في قطاعات العمل المنزلي، ومصانع الألبسة.
وتتمثل أهم الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرون، وفقاً للشكاوى المقدمة لـ"تمكين"، في حجز كلي أو جزئي للأجور، وحجز الحرية، وحجز جوازات السفر، وحرمانهم من الإجازات والعطل الرسمية، وحرمانهم من الطعام، ومنع العاملين من التواصل مع أهاليهم.
ومن هذه الانتهاكات أيضا، تعرض هؤلاء العمال للضرب والشتم، وحرمانهم من الرعاية الصحية، والاحتيال عليهم وابتزازهم، ومطالبتهم بمبالغ مالية مقابل تسليم جوازات سفرهم، إضافة إلى عدم تخصيص مكان للنوم، وطول ساعات العمل، وحرمانهم من بدل العمل الإضافي، ومطالبتهم بالعمل في أكثر من مكان.
وكشف تقرير متخصص أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بالتعاون مع مؤسسة فردريش إيبرت، معنون بـ"خداع الاستقدام وأنين المرض.. العمال المهاجرون في مصانع الألبسة يعانون انتهاكات مستمرة"، بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين، تعرّض عمال مهاجرين (وافدين) في قطاع صناعة الألبسة لعروض توظيف خادعة تجذبهم للعمل في الأردن.
وتناول التقرير قصصاً مختلفة تشابهت ظروف استقدام العاملين والعاملات فيها، حيث يأتون من بلدانهم بعروض عملٍ مغرية وأجور يعتقدون أنّها مناسبة، ليفاجأوا بأنّ أجورهم قد لا تُجاوز 200 دينار(280 دولارا) شهريا.
ومن الحالات التي تناولها التقرير، أحد العاملين الذي جاء للعمل مديرا لفندق بعد تقديم عرض له لخبرته في إدارة الفنادق بالهند، ليكتشف أنه مطعم ملحق به سكن، وعمل في التنظيف والتحميل والتنزيل وتقديم الطعام والشراب ومساعد طاه، بأجر 250 ديناراً (350 دولاراً)، وبساعات عمل مفتوحة تتجاوز عشر ساعات يومياً، ويتعرض لمعاملة سيئة كان آخرها الاعتداء الجسدي واللفظي أمام الزبائن.
فضلاً عن ذلك، فإنّ 11 عاملة، دفعت كل واحدة منهن مبلغ 700 دينار أردني (1000 دولار)، لقاء العمل في مصنع بأجر أساسي 110 دنانير (155 دولارا)، وتعرضن لسوء المعاملة وانتقلن إلى صاحب عمل آخر في مدينة الحسن الصناعية.
وتراوحت المبالغ التي يدفعها عاملون وعاملات لقاء الحصول على عمل في الأردن، ووردت قصصهم في التقرير بين 300 دينار (420 دولارا) إلى 1000 دينار(1400 دولار)..
وأوضح التقرير أن الواقع المرّ المغاير لعروض فرص العمل "الخادعة" يدفع عاملين وعاملات إلى طلب إنهاء العقد أو عدم الاستمرار أكثر من عام، إلّا أنّ إدارات المصانع تشترط عليهم دفع مبالغ تصل إلى 2000 دينار(2800 دولار) لقاء إلغاء عقد العمل، بحجة مصاريف الاستقدام وتذاكر الطيران من دون الأخذ بالاعتبار أنّهم دفعوا لمكاتب ووسطاء التشغيل عند السفر إلى الأردن.
يذكر أن الحملة الوطنية لنظام الهجرة البديل تضم مؤسسات مجتمع مدني، وهي مركز بيت العمال للدراسات ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان وجمعية اتحاد المرأة الأردنية والنقابة المستقلة لعمال الزراعة في الأردن، ونشطاء عماليين وعمالاً مهاجرين من جنسيات مختلفة.