استمع إلى الملخص
- **موقف الكرملين والمجلس الروسي للشؤون الدولية**: الكرملين نأى بنفسه عن النقاش، بينما أكد الخبير كيريل سيميونوف أن المسلمين سيتفهمون الحظر إذا كان لأسباب أمنية دون تصويرهم كمتطرفين.
- **موقف مجلس علماء المجمع الديني لمسلمي روسيا**: أقر المجلس بأن النقاب غير مقبول حاليًا، مشددًا على الفارق بين النقاب والحجاب، وأن ارتداءه قد يضر بالعلاقات بين الأديان والقوميات.
بدأت بعض الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة في شمال القوقاز الروسي فرض الحظر على وضع النقاب لاعتبارات أمنية، بعد هجمات إرهابية دامية شهدتها مدينتا محج قلعة ودربند الواقعتان في جمهورية داغستان في يونيو/ حزيران الماضي.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه دار إفتاء جمهورية داغستان فرض حظر مؤقت على وضع النقاب، سارعت جمهورية كراتشاي - شركسيا هي الأخرى إلى حذو حذوها الأسبوع الماضي. وقال نائب مفتي داغستان عبد الله سليموف: "بناء على طلب وزارة السياسات القومية وشؤون الأديان بشأن التهديد القائم لأمن السكان، وبناء على تقرير قسم الإفتاء، يعلن المفتي حظر وضع النقاب حتى إزالة التهديدات التي رصدت، وصدور فتوى جديدة".
وأعلنت الإدارة الدينية لمسلمي كراتشاي ـ شركسيا هي الأخرى حظر وضع النقاب حتى إزالة التهديدات القائمة وصدور فتوى جديدة، لتصبح بذلك ثاني كيان إداري في روسيا يمنع النقاب بعد داغستان. في المقابل، قرر الكرملين النأي بنفسه عن القضية وعدم المشاركة في النقاش بشأن حظر وضع النقاب، كما أوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف.
ومع ذلك، يعتبر الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية المستشرق كيريل سيميونوف أن مسلمي روسيا سيبدون تفهماً لقرارات حظر النقاب في مختلف الأقاليم ما دام يندرج ذلك ضمن اعتبارات أمنية بلا تصوير معارضي الحظر أنهم راديكاليون.
ويقول سيميونوف الذي اعتنق الإسلام، في حديث لـ"العربي الجديد": "سيدعم المسلمون قرار الدولة حظر بعض أنواع الملابس لاعتبارات أمنية ما داموا لا يُرغمون على تغيير آرائهم الدينية". ويشيد بإقرار الإدارة الدينية في داغستان، عند فرض الحظر "المؤقت" على النقاب، بأن هذا اللباس ينبع من التقاليد لا من الدين، وقد يكون محايداً ومحبذاً وحتى إلزامياً كما هو الحال في المذهب الشافعي.
وعلى مستوى عموم روسيا، أقر مجلس علماء المجمع الديني لمسلمي روسيا بأن وضع النقاب غير مقبول في الظروف الراهنة. وجاء في نص القرار الذي اتخذ في اجتماع دوري موسع لرئاسة المجمع الديني يوم 5 يوليو/ تموز الجاري: "النقاب ليس مكوناً إلزامياً لغطاء الرأس لمسلمات روسيا، ونعتبر ارتداءه غير مقبول في الظروف الحالية".
وشدد مجلس العلماء على الفارق بين النقاب والحجاب الذي لا يخفي الوجه، ويبقى عنصراً لإيمان المسلمات بلا قيود، على عكس النقاب الذي لا يشترط الإسلام وضعه وقد يلحق ضرراً بالعلاقات بين الأديان والقوميات في روسيا، بحسب الدوافع المعلنة للقرار.
وانفجر الجدل بشأن مسألة السماح بوضع النقاب من عدمه في روسيا بعد واقعة الهجوم الإرهابي الذي استهدف قاعة العروض "كروكوس سيتي هول" على أطراف موسكو في مارس/ آذار الماضي، لكنّ أياً من الأقاليم الروسية لم يمض قدماً في طريق حظر النقاب إلا بعد الهجمات الأخيرة في داغستان.
وبعد وقوع الهجمات التي راح ضحيتها نحو 20 قتيلاً جلهم من أفراد الأمن، سارعت دار إفتاء داغستان للإعلان مطلع الشهر الجاري عن عزمها إصدار فتوى حظر النقاب. ويوضح مفتي داغستان أحمد أفندي عبد اللايف أن "الفتوى في الإسلام هي قرار بشأن مسألة بعينها يصدرها مفتي أو فقيه أو عليم وتستند إلى مبادئ الإسلام"، مضيفاً: "تخشى جميع الشخصيات الدينية في كافة أنحاء روسيا الإجابة عن هذه المسألة، لكنني سأجيب. سنصدر فتوى تحظر النقاب. لن تكون هناك إلا حقيقة واحدة".
وكان حاكم داغستان سيرغي ميليكوف قد عارض، في 25 يونيو/ حزيران الماضي، بعد يومين على الهجمات على كنيسة وكنيس يهودي ونقطة لأفراد الشرطة في محج قلعة ودربند، وضع النقاب من وجهة النظر الأمنية، لكنه لم يتفق مع من يعتبرونه مظهراً للإسلام الراديكالي. وأشار إلى أن غطاء الرأس هذا ليس شائعاً بين شعوب القوقاز، وقد يختبئ خلفه رجال في بعض الأحيان، وقد تحمل النساء قطعاً محظورة تحته في أحيان أخرى.
كما أعرب حاكم الجمهورية عن دعمه طبيبة تدعى يفغينيا ماكييفا، وقد اتهمها المدون المحلي حاجي مراد خانوف (اسمه الحقيقي حاجي مراد عطايف) برفض استقبال شقيقته بسبب وضعها النقاب. ورغم أن ماكييفا اضطررت للاعتذار بعد تعرضها للتنمر، إلا أن ميليكوف تعهد بضمان سلامتها، متوعداً من يزرع الفتنة.
ويعد الإسلام الديانة الثانية الأكثر انتشاراً في روسيا بعد المسيحية الأرثوذكسية. ويتركز المسلمون المقدر عددهم بنحو 20 مليوناً في جمهوريات شمال القوقاز وتتارستان وبشكيريا، إضافة إلى موسكو التي يقطنها مليونا مسلم على الأقل، بينهم مغتربون قدموا من الجمهوريات السوفييتية السابقة، وفي مقدمها أوزبكستان وطاجكستان وقرغيزستان.