حائزو بكالوريا الآداب في تونس: آفاق ضيقة بالجامعات

21 اغسطس 2023
تخصصات جامعية محدودة في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بعد نجاحها في البكالوريا شعبة آداب، قضت التونسية تسنيم العياري أكثر من أسبوعين في التردد إلى منتديات التوجيه الجامعي التي تنظم لمساعدة الناجحين في الحصول على توجيهات ونصائح من قبل مستشارين لاختيار التخصص الجامعي الأنسب.
تقول العياري إنها اكتشفت أن اختيار التخصص الجامعي هو أصعب المراحل، حتى أنه أصعب من اختبارات البكالوريا، نظراً لأهميته في تحديد المسار الدراسي والمهني، في حين لا يتمتع الناجحون من شعبة الآداب بخيارات كثيرة في اختصاصات الجامعات تفضي بهم إلى سوق العمل.
وتؤكد الطالبة لـ"العربي الجديد"، أن "الناجحين من شعبة الآداب يواجهون أفقاً ضيقاً في الخيارات التعليمية الجامعية التي تواكب متطلبات سوق العمل، ما يدفعهم إلى اختيار شعب تفضي بهم إلى البطالة في أغلب الأحيان. البكالوريا شعبة علوم تسمح بدراسة اختصاصات جامعية مطلوبة في سوق عمل يعتمد على تنمية المهارات الخاصة بشكل أساسي، في حين أننا نُدفع نحو اختيار شعب كلاسيكية تنحصر في العلوم الاجتماعية واللغات أو الحقوق، وهي تخصصات يعاني خريجوها من نسب بطالة عالية".
في العام الحالي، اجتاز أكثر من 9800 طالب امتحان البكالوريا في شعبة الآداب، من مجموع 27 ألف طالب، بنسبة نجاح تقدر بـ38 في المائة، وهي نسبة النجاح الأضعف مقارنة بالشعب الأخرى. 
يؤكد مستشار التوجيه مهدي عبد السلام أن "المستشارين يجتهدون لمساعدة الناجحين في البكالوريا على اختيار سليم لمسارهم الجامعي حسب مؤهلاتهم في المناظرة الوطنية، غير أن الخيارات عادة غير كافية، ما يجعل بعضهم مجبرين على اختيار شعب العلوم الاجتماعية، أو بعض التخصصات القانونية التي يعيش خريجوها بطالة مطولة"، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "دور مستشار التوجيه يظل محدوداً في ظل خيارات توجيه رسمية محدودة تعكسها العروض التي تقدمها وزارة التعليم العالي".
ويعمل مستشار التوجيه في إطار زيارات دوريّة إلى المؤسّسات التعليمية لتوفير معلومات للطلاب حول مستجدّات النّظام التربوي، وتفاصيل الشعب، ولمحة عن المهن المتاحة في سوق العمل، كما يقدّم المستشار خدمات تشمل النصائح والاستشارات والإحاطة النفسيّة للتّلاميذ الذين يحتاجون إليها.

طلاب جامعات تونس يخشون البطالة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
طلاب جامعات تونس يخشون البطالة (فتحي بلعيد/فرانس برس)

ويتخرج سنوياً أكثر من 250 ألف طالب في تونس، من بينهم نحو 17 ألفاً درسوا تخصصات أدبية، ويتجاوز عدد خريجي العلوم الاجتماعية سنوياً ثلاثة آلاف خريج، وفق إحصائيات وزارة التعليم العالي. ويعاني خريجو التخصصات الأدبية في تونس من ارتفاع نسب البطالة، ما يدفع العديد منهم إلى التوجه نحو التدريب المهني من أجل الاندماج في سوق العمل.
وكشفت دراسة حديثة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات (غير حكومي)، أن متخرّجي الطب وإدارة الأعمال والإعلام يحصلون على فرص شغل في أقل من 4 أشهر، مقارنة مع 4 سنوات بالنسبة لمتخرّجي كليات الاقتصاد، وأبرزت الدراسة أنّ 64 في المائة من أصحاب الشهادات الجامعية يعملون في مجال دراستهم، بينما يبحث 74 في المائة من المتخرّجين العاطلين عن عمل يتماشى مع مجال دراستهم، فيما يواصل 29 في المائة دراساتهم العليا لأنهم لم يجدوا وظائف، في حين عبر نحو 89 في المائة من المتخرّجين من الجامعات عن رغبتهم في الهجرة للعمل، وأكد 15 في المائة منهم استعدادهم للهجرة بطريقة غير نظامية.

وخلال السنوات الماضية نظم خريجو الاختصاصات الأدبية والاجتماعية العديد من التحركات الاحتجاجية من أجل المطالبة بتشغيل من طالت بطالتهم بعدما حصلوا على شهادات جامعية، وطالب المحتجون في أكثر من مناسبة بتفعيل قانون أقره البرلمان المنحل (القانون رقم 38 لسنة 2020)، والذي ألغاه الرئيس قيس سعيد. والقانون متعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي لمن تجاوزت بطالتهم 10 سنوات، وصادق عليه البرلمان قبل أسابيع قليلة من تجميده في يوليو/ تموز 2021.
ويرى أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التّونسية عبد الستار السحباني أن "عدم ملاءمة منظومة التعليم والتدريب المهني لحاجيات سوق العمل هو أحد أبرز أسباب البطالة في تونس"، ويضيف في تصريحات إعلامية أن "الاقتصاد العالمي تغير وتطور، فيما ما زال نظام التعليم التونسي غير متلائم مع تلك التغيرات، كما أن القطاع الحكومي أصبح غير قادر على توفير فرص الانتداب والتوظيف في الاختصاصات الاجتماعية، ومن بينها اللغات، والتي توجه أساساً إلى تلبية حاجة قطاع التعليم من المدرسين".

المساهمون