يبدو أنّ حرائق الغابات في تونس سوف تؤثّر سلباً على موائد الاحتفال بعيد المولد النبوي، إذ تشهد أسعار الصنوبر الحلبي والبندق وغيرهما ارتفاعاً كبيراً، الأمر الذي يزيد تكاليف إعداد العصائد التي تمثّل الطبق المميّز للاحتفال في البلاد.
وفي السنوات الماضية، شهدت غابات تونس تضرراً كبيراً من موجات الحرائق الصيفية التي أتت على آلاف الهكتارات من الأشجار التي تشكّل النسيج الغابي وتوفّر مواطن رزق لمواطني المناطق الجبلية والغابية في غرب البلاد. وتشكل غابات الصنوبر الحلبي أو ما يعرف محلياً بـ"الزقوقو" جزءاً من النسيج الغابي في تونس، إذ توفّر هذه الشجرة نحو 100 طن من الإنتاج سنوياً، يُستهلك منها في السوق المحلية ما بين 80 و90 طناً، معظمها بمناسبة ذكرى المولد النبوي.
وتتميّز موائد التونسيين في المولد النبوي بتحضير أنواع العصائد التي تعتمد في مكوّناتها على منتجات غابية، لا سيّما الصنوبر الحلبي والبندق. ويُجنى الصنوبر الحلبي من غابات تونس من قبل سكان المناطق الجبلية، ليُباع لاحقاً في الأسواق من قبل وسطاء كمادة خام أو في علب فيكون جاهزاً للطبخ.
لكنّ الحرائق التي أتت على مساحات شاسعة من الغابات تسبّبت في أضرار كبيرة طاولت أشجار الصنوبر الحلبي التي تُعَدّ من الأصناف النباتية المميّزة في الغابات التونسية، علماً أنّها من بين الأشجار الأسرع اشتعالاً إلى جانب أشجار الزان.
يقول ناجي المستوري، وهو رئيس مجمّع زراعي في منطقة إنتاج البندق بمدينة نفزة، شمال غربي تونس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحرائق تؤثّر على كلّ النشاطات المرتبطة بالإنتاج الغابي، بما في ذلك إنتاج الصنوبر الحلبي والبندق"، يضيف أنّ "وفرة الإنتاج تحدّد الأسعار"، موضحاً أنّ "الحرائق تهبط بنسب الإنتاج من الصنوبر الحلبي"، لكنّه يشير أيضاً إلى "دور الوسطاء في رفع ثمن المواد الأساسية لأطباق العصائد التي تُعَدّ في المناسبات الدينية وغيرها".
ويلفت المستوري إلى أنّ "المجتمعات المحلية في محيط الغابات تعيش أساساً من المنتجات التي يوفّرها الغطاء النباتي في تلك المناطق، وهي عرضة للضرر المباشر الناجم عن الحرائق وإتلاف النيران للغطاء الغابي بكلّ أصنافه".
وتمثّل الحرائق الصيفية الخطر الأكبر الذي يهدّد الغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية في تونس، لا سيّما أنّ التشخيص الذي تعدّه مصالح الغابات لم يكشف بعد الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق التي تُقيَّد 90% منها ضدّ مجهول.
وفي سياق متصل، يقول مدير تنمية الغابات والمراعي في وزارة الزراعة جمال كعيلان لـ"العربي الجديد"، إنّ "جهوداً كبيرة تُبذل من أجل ترميم ما تتلفه الحرائق في الغطاء الغابي، لا سيّما الأشجار التي تشكّل مورد رزق للمجتمعات المحلية". يضيف كعيلان أنّ "أكثر من 600 منظمة مدنية انخرطت في الجهود الوطنية الخاصة بالتشجير، عبر اتفاقيات موقّعة بينها وبين مصالح وزارة الزراعة التي توفّر المشاتل والمساعدة اللوجستية".
ويشير كعيلان إلى أنّ "حملة تشجير وطنية انطلقت في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021 وحقّقت نتائج جيّدة من خلال زراعة 2.2 مليون شتلة"، موضحاً أنّ "الجهد مستمرّ من أجل تجديد الغطاء النباتي الذي أتلفته النيران التي تهدّد المحاصيل الزراعية أيضاً".