حرمان لا ينتهي للعمال الفلسطينيين في لبنان

03 مايو 2023
يملك العمال الفلسطينيون خبرات في مهن عدة (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

مع مرور 75 سنة على لجوء الفلسطينيين إلى لبنان، بسبب النكبة التي حلت بهم عام 1948، حين طردوا من أرضهم وتشرّدوا في الدول المجاورة، بات أغلب الفلسطينيين الذين يقيمون على الأراضي اللبنانية، ممن ولدوا فيها، يحملون وثائق تثبت ذلك، لكنهم ما زالوا محرومين من ممارسة وظائف عدة، ما يؤثر بشكل كبير في أوضاعهم الاقتصادية، وهي صعبة جداً للجميع في الفترة الحالية. 
ويؤكد اللاجئون الفلسطينيون أنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل مزيد من أعباء أوضاعهم السيئة جداً التي تسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر بينهم، علماً أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أعلنت في تقرير نشرته أخيراً وتناول أوضاع الفلسطينيين في لبنان، أن نسبة الفقر والبطالة في صفوفهم بلغت 93 في المائة.
يقول مسؤول اللجان العمالية الفلسطينية في لبنان، عبد الكريم الأحمد، المتحدر من بلدة قباعة بفلسطين في قضاء صفد، والذي يقيم في مدينة صيدا جنوب لبنان، لـ"العربي الجديد": "يعاني العمال الفلسطينيون الذين يقيمون في لبنان من تدابير منع ممارستهم 73 مهنة، بحسب القانون اللبناني المطبّق، وبينها كل أنواع المهن الحرة، ما يجعل هذا القانون الذين أصدرته الدولة اللبنانية قبل عشرات السنين جائراً في وقت يضطلع هؤلاء العمال بأدوار كبيرة ومهمة في تنمية الاقتصاد اللبناني، ويؤكدون على أرض الواقع امتلاكهم خبرات متعددة في ممارسة كل المهن، وتعتبر مساهماتهم كبيرة أيضاً في قطاع الزراعة في مناطق جنوب لبنان، ومشاريع البناء ومهن مختلفة".
يتابع: "يملك الفلسطينيون قدرات هائلة، وساهموا بشكل فعّال في تنمية الوضع الاقتصادي في لبنان من خلال الأموال التي جلبوها معهم من بلدهم بعد حصول النكبة، واستثمروها في لبنان. ونذكر أيضاً أولئك الموظفين بوكالة الأونروا الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار ويصرفونها في لبنان، إضافة إلى الأسر التي تتلقى أموالاً بالدولار يرسلها أفراد منها يتواجدون في الخارج، وكذلك ضخ منظمة التحرير الفلسطينية مبالغ كبيرة بالدولار تساعد في تنمية الاقتصاد اللبناني".

يُحرم اللاجئون الفلسطينيون من حقوق العمل في لبنان (جوزف عيد/ فرانس برس)
يُحرم اللاجئون الفلسطينيون من حقوق العمل في لبنان (جوزف عيد/فرانس برس)

ويتحدث عبد الكريم أيضاً عن أن "العمال الفلسطينيين محرومون أيضاً من حقوق العمل في لبنان، بحجة الخوف من توطينهم، وهو ما لا يتطلع أحد إليه، ولا إلى الحصول على الجنسية اللبنانية، لأن عنوانهم الأساس هو العودة إلى فلسطين، لكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يعيشوا بكرامة في لبنان حتى العودة إلى فلسطين". ويشير إلى أن إحصاءات أصدرتها "الأونروا" تؤكد أن الأزمة الاقتصادية في لبنان زادت نسبة الفقر الشديد والعيش تحت خط الفقر إلى 90 في المائة؜، مضيفاً: "نملك كشعب فلسطيني وعمال الحق في الحياة، ونحن نناضل من أجل تحصيل حقوقنا، ونعاني أيضاً من الأزمة التي يمر بها لبنان لأن فرص العمل قليلة بالنسبة إلينا، ونتعامل مع الوضع الاقتصادي الصعب ذاته، علماً أن الفلسطينيين الذين يتوفر لهم عمل لا يحصلون على ضمان صحي واجتماعي، ويتقاضون رواتب شهرية بالعملة اللبنانية التي انهارت أمام الدولار، ويواجهون بدورهم مشاكل تحديد أسعار السلع بالدولار. وفي كل الأحوال، يواصل العمال الفلسطينيون حياتهم رغم كل الجروح، ويعيشون كأنهم قابضون على الجمر، ويعملون من أجل إعالة أسرهم والعيش بكرامة، فهم يتطلعون إلى الأفضل في الحياة، والعودة إلى فلسطين التي تهجروا منها قسراً".

ويقول أبو علي، وهو مدرس لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة صيدا جنوب لبنان، ويقيم في مخيم عين الحلوة: "أنا حاصل منذ 15 عاماً على إجازة تعليم من الجامعة اللبنانية، وأعمل مدرسا للغة العربية للصفوف الثانوية براتب لا يتجاوز 4 ملايين ليرة لبنانية (نحو 40 دولاراً). ومع بداية العام الدراسي الحالي أعطتنا إدارة المدرسة 50 دولاراً إضافية، وإذا جُمع المبلغان فهما لا يتجاوزان 9 ملايين ليرة لبنانية (نحو 90 دولاراً)، ولا يكفيان لتسديد فاتورة اشتراك مولد الكهرباء الذي اضطررت إلى إيقافه بعدما بلغت فاتورة شهر مارس/ آذار 100 دولار. وحالياً أذهب إلى المدرسة وأعود منها سيراً على قدمي، ولديّ ولدان في المدرسة، ونريد أن نعيش بكرامة، فراتبي يغطي بالكاد بعض المصاريف الضرورية، وصرت أتمنى الهجرة كي أؤمن لولدي حياة تليق بهما".
وختم: "لا تتوفر فرص عمل للفلسطينيين الذين يحملون شهادات، ولا حتى مهن أخرى، لذا يعيشون في مأساة كبيرة يومياً".

المساهمون