- جمعية فعل الخيرات بالموصل دعت لجمع التبرعات لغزة في 13 أكتوبر، حيث أرسلت قوافل مساعدات وأنشأت مخيماً للنازحين، مؤكدة على استمرار الدعم.
- المبادرات الخيرية تعكس وحدة الأخوة والتضامن في الأزمات، مع إقبال كبير من الموصليين لدعم غزة، ما يساهم في إعادة الأمل للموصل بعد سنوات الصراع.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، انطلقت في مدينة الموصل شمالي العراق سلسلة مبادرات خيرية لدعم وإغاثة المنكوبين من أهالي القطاع.
وعلى الرغم من حجم الكارثة التي حلت بالموصل جراء سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، وما أعقبها من عمليات عسكرية، إلا أن المدينة المنكوبة تركت بصمتها من بين مدن العراق التي نظمت تظاهرات ووقفات وحملات تبرع لمدينة غزة.
ولاقت الدعوة التي أطلقتها جمعية فعل الخيرات (جمعية محلية) في الموصل في الثالث عشر من شهر أكتوبر الماضي لجمع التبرعات للمحاصرين والنازحين في قطاع غزة، استجابة واسعة حيث تستمر قوافل المساعدات التي أرسلت من مدينة الموصل إلى غزة لغاية اليوم.
الجمعية الخيرية أكدت أنها تواصل تقديم المساعدات الإغاثية لأهالي غزة، رغم الصعوبات التي واجهت فرق الإغاثة التابعة لها في الوصول إلى القطاع.
وقال مسؤول في الجمعية لـ "العربي الجديد" دون الكشف عن اسمه، إن "الجمعية تتلقى المساعدات من أموال الصدقات والزكاة والتبرعات من المحسنين في الموصل وتقوم بتحويلها إلى قطاع غزة عبر فرق الإغاثة المتعاونة معها في مدينة رفح الفلسطينية ورفح المصرية".
وأضاف أن "المساعدات التي يتم تسليمها للنازحين في غزة تتمثل في الخيام والملابس والأغذية واللحوم والسلال الغذائية والخبز"، مشيرا إلى أن حملة الجمعية التي انطلقت مستمرة دون انقطاع طيلة الأشهر الماضية، لافتا إلى أن قوافل المساعدات من المقرر أن تستمر طالما أن دعم المحسنين مستمر وطالما تجري عملية إدخال المساعدات الإغاثية إلى القطاع.
كما أعلن المصدر عن إنشاء الجمعية أول مخيم عراقي لاستقبال النازحين في قطاع غزة، حيث شيدت مخيما لإيواء النازحين جنوبي القطاع وتحديداً في الجهة الغربية لمدينة رفح.
ويُعرف عن جمعية فعل الخيرات التي تنشط في مدينة الموصل تبنيها إعمار المساجد التاريخية ومنها جوامع النبي يونس والنبي جرجيس والخضر، إضافة إلى فتح عيادات طبية مجانية للفقراء في المدينة، إلى جانب فتح 4 مطاعم توزع الطعام بشكل مجانبي على العمال والفقراء في جانبي الموصل بشكل مجاني وبواقع وجبتين في اليوم.
إمام وخطيب جامع النبي يونس، محمد الشماع، اعتبر تلك الحملات "مفخرة للموصل"، قائلا لـ"العربي الجديد": إن "تقديم المساعدات من الموصل إلى غزة التي لم تندمل جراحها بعد يعبّر عن وحدة الأخوة الإنسانية والإسلامية ووحدة المصير"، وأضاف: أن "جمعية فعل الخيرات أرسلت قوافل غذائية وخيما وملابس ومخبزا مع مواده وهو حاليا يباشر بعمل وتقديم الخبز إلى النازحين في غزة بشكل يومي".
وأشار الشماع إلى أن مبادرات أهل الموصل تجاه غزة ليست بالغريبة، فالموصل تُعتبر مركزا للكفاءات الطبية والعسكرية والهندسية والفنية عبر الزمن ومركز ثقل ديني معتدل، حسب وصفه.
من جانبه، يؤكد الطبيب أشرف الحسو، أحد الناشطين في مجال الإغاثة وجمع التبرعات لأهالي غزة، أن إقبال المتبرعين من الموصل يفوق التوقعات، مبينا أن الكثير من الموظفين ورجال الأعمال والأطباء شاركوا في الحملة لدعم غزة وأهلها.
وعن سبب الإقبال الواسع لتقديم المساعدات المالية لأهالي غزة، أوضح الحسو أن السبب الأول يرجع إلى وحدة وتقارب الشعبين في الموصل وغزة من جهة، وإلى ثقة أهالي الموصل بالقائمين على الحملة.
رئيسة لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في مجلس محافظة نينوى سمية الخابوري أشارت إلى أن أزمة غزة ومعركة طوفان الأقصى حاضرة في قلوب وعقول أهالي نينوى والموصل تحديدا، كون أهالي الموصل عاشوا نفس الظروف والمأساة والمعاناة التي يعيشها أهالي غزة، وهو ما يجعلها المدينة الأكثر تفاعلا على المستوى الشعبي مع ما يجري في غزة.
وقالت الخابوري لـ "العربي الجديد": إن "جميع الأهالي والعائلات الموصلية أخذوا على عاتقهم نصرة غزة، سواء عبر مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، أو عبر الحملات الإغاثية وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة".
وأوضحت أن العديد من المساجد في الموصل تعمل على جمع التبرعات المالية من أجل إيصالها إلى غزة، إلى جانب العمل الإنساني والإغاثي الكبير الذي تقدمه جمعية فعل الخيرات التي تُعتبر من الجمعيات السباقة على الصعيد العربي في إغاثة المنكوبين في القطاع.
أما الناشط الموصلي سيف الحمدان، فيرى أن العمل الإغاثي في الموصل شكّل ركيزة أساسية وعنصرا مهما لإعادة الحياة إلى المدينة بعد الكارثة التي تعرضت لها خلال سنوات الحرب.
وأشار الحمدان في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المبادرات الخيرية التي انطلقت من الموصل تؤكد تسابق أهالي المدينة على نصرة المظلومين وإغاثتهم، ولفت إلى أن الأعمال التطوعية والخيرية الشعبية التي قدمت من أبناء الموصل ومساهمتهم في إيصال المساعدات الإغاثية وافتتاح مخبز في غزة عجزت عن تقديمها العديد من الدول، وذلك مدعاة فخر لكل أبناء الموصل الذين يسعون لأداء أبسط واجباتهم الإنسانية والدينية تجاه إخوانهم المحاصرين في قطاع غزة.