- جمعية "رواحل الخير" تبرز بحملتها "دفء الشوارع" في تطوان لتخفيف معاناة المشردين، بينما تشارك جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" في حملة "دفء 2024" بالدار البيضاء، مستهدفة تحقيق "صفر حالة تشرد".
- الجهود الجماعية تعكس التزام المجتمع المغربي بتعزيز التضامن والعمل التطوعي لمساعدة الفئات الهشة، مع التأكيد على أهمية محاربة الفقر كجزء أساسي من الحل لظاهرة التشرد، خاصة خلال الشتاء.
مع انخفاض درجات الحرارة في جل المناطق المغربية، أطلقت منظمات مدنية ومؤسسات حكومية حملات عدة لحماية الأشخاص المشردين وإيوائهم، وقدمت لهؤلاء الأشخاص المأوى والدفء والملابس والطعام.
تواصل جمعية "رواحل الخير" (غير حكومية) نسختها السابعة من حملة "دفء الشوارع" في مدينة تطوان شمالي المغرب، تحت شعار "لنجعل شتاءهم أدفأ"، بهدف التخفيف من معاناة الأشخاص الذين يعيشون من دون مأوى، خصوصاً في ظل برد فصل الشتاء.
ويقوم متطوعو حملة "دفء الشوارع" بجولات ليلية للبحث عن أناس قادتهم الأقدار إلى التشرد، والنوم في أزقة تطوان، ويعملون على توفير الحاجات الضرورية التي تعينهم على مواجهة الأجواء الباردة مثل الأغطية والألبسة الشتوية والوجبات الغذائية الساخنة.
يقول الكاتب العام لجمعية "رواحل الخير"، عبد العزيز مرون، لـ"العربي الجديد": "نحرص على تقديم يد المساعدة لسكان الأرصفة احتراماً لإنسانيتهم في كل شتاء، ونحاول التخفيف من معاناتهم، وإيصال ما يعيشونه من أوضاع إلى من يهمهم الأمر، فبعضهم أشخاص دفعتهم ظروفهم إلى العيش في الشوارع رغماً عنهم. نحاول مساعدتهم من خلال التبرعات التي نحصل عليها من مؤسسات القطاع الخاص ومن هبات أعضاء الجمعية، ونوفر الغطاء والألبسة والأكل، ومن يحتاج منهم إلى المساعدة الطبية نحيله إلى المستشفى، وفتحت الجمعية باب التبرع بالحاجات والمستلزمات والأموال من أجل أن تستمر الحملة".
وتتكفل العديد من الجمعيات بتقديم الطعام والملابس لمن دفعتهم ظروفهم إلى العيش في الشارع في إطار تعزيز قيم التضامن بين مختلف فئات المجتمع المغربي، وتشجيع العمل التطوعي، كما تتعاون السلطات المحلية في عدد من المدن مع منظمات المجتمع المدني في تنفيذ مهمات جمع المشردين، ونقلهم إلى أماكن خاصة لحمايتهم من موجات البرد القارس.
في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، والتي تعرف شوارعها أكبر وجود للمشردين في المغرب، شارك أعضاء جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" (أهلية) في حملة "دفء 2024" للإيواء للعام الرابع على التوالي، ضمن الجهود الرامية إلى التخفيف من تداعيات موجة البرد على الفئات الهشة.
يقول منسق المشاريع في الجمعية، المهدي ليمينة، لـ"العربي الجديد": "منذ الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا في عام 2020، أنشأت الجمعية مركز إيواء مؤقت للمشردين، كما تعمل بمشاركة جهات أخرى على نقل الأشخاص الذين يعيشون في الشارع إليه، خصوصاً المسنين والأطفال والنساء، أو توجيههم إلى مراكز الإيواء الأخرى بالتنسيق مع المؤسسات المرتبطة بالحملة، كمركز الإسعاف الاجتماعي، ومراكز الإيواء الحكومية، وكذلك من خلال حملة دعاية وتوعية للتعريف بالمشكلة، ودفع المواطنين إلى المشاركة في الحملة من خلال التبليغ عن أماكن وجود المشردين".
يتابع ليمينة: "الرهان هو أن نسجل صفر حالة تشرد في الشوارع، وذلك بتضافر جهود السلطات والمجتمع المدني والمواطنين، فنحن نكرر أن المكان الطبيعي لهذه الفئة من المجتمع هو مركز الإيواء، وليس الأرصفة".
ويقول رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية) إدريس السدراوي، إن "ملامح ظاهرة التشرد تظهر كثيراً في المدن، وخلال فصل الشتاء على وجه التحديد، إذ يسبّب البرد القارس تسجيل بعض حالات الوفيات، وتنسيق السلطات مع فعاليات المجتمع المدني لتجميع المشردين خلال فصل الشتاء، وتقديم الخدمات الأساسية كالغذاء والأغطية لهم هو مبادرة إيجابية ننوه بها ونحيي القائمين عليها، خصوصاً أنها تساهم في تقليص حالات الوفيات بالشارع، مع تأكيد أن هذه العملية الموسمية لها بعض الانعكاسات السلبية المتمثلة في اكتظاظ دور خدمات الرعاية، وعدم توفير الرعاية الجيدة للنزلاء".
ويوضح السدراوي لـ"العربي الجديد"، أن "تفاقم ظاهرة المشردين مرتبطة بتفاقم الفقر، ما يجعل محاربة الفقر مهمة أساسية لتقليص هذه الظاهرة عبر إجراءات فعالة تتمثل في التعويضات، والحد من التفاوتات الاجتماعية، مع ضرورة فرض ضريبة على الثروة، والقيام بإجراءات لمحاربة الفساد، ونهب المال العام، وترسيخ قيم العدالة والكرامة، إضافة إلى بناء دور رعاية دائمة تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة".
وتكشف إحصاءات رسمية تعود إلى عام 2018، عن وجود أكثر من 4 آلاف مشرد في المغرب، من بينهم أكثر من 250 طفلاً، ويكون غالبية هؤلاء في شوارع المدن الكبرى، في حين تقدر جمعيات غير حكومية عدد أطفال الشوارع في البلاد بما يتراوح بين 30 إلى 50 ألفاً، وتختلف ظروف هؤلاء بحسب طول فترة مكوثهم في الشارع.