وقّع مئات الشخصيات العامة وسياسيون وحقوقيون وصحافيون، وعدد من المنظمات الحقوقية المصرية، على بيان مشترك، للمطالبة بإعادة محاكمة متهمين حصلوا على البراءة في واقعة تعرية سيدة مسنة مسيحية في محافظة المنيا جنوبي مصر، قبل نحو ست سنوات.
وقال الموقعون، في بيانهم ضمن حملة توقيعات إلكترونية لا تزال تستقبل أسماء موقعين: "أكثر من عام على الطعن المُقدّم من النيابة العامة على حكم براءة المتهمين بتعرية سيدة الكرم، و6 سنوات على الواقعة، وحتى الآن لم تقم محكمة النقض بتحديد جلسة للفصل فيه".
وكانت النيابة العامة قد طعنت في يناير/كانون الثاني 2021، بعد الحكم ببراءة المتهمين، وعددهم 3، في القضية التي ترجع أحداثها إلى منتصف 2016، إذ تم الاعتداء على السيدة سعاد ثابت، والمعروفة إعلاميا بـ"سيدة الكرم"، وكانت تبلغ من العمر 68 عاما آنذاك، بالضرب والسحل وتجريدها من ملابسها، فضلا عن حرق منزلها وتهديدها بالقتل في حالة عودتها إلى قريتها قرية الكرم، مركز أبو قرقاص، محافظة المنيا، وحرق ونهب منازل مسيحيي القرية كعقاب جماعي لهم، وذلك بعد تردد روايات بوجود علاقة بين نجلها وسيدة مسلمة.
وقد تنازل مسيحيو القرية المتضررون من حرق منازلهم عن دعواهم المتهم فيها 25 شخصا، عقب عقد جلسة صلح عرفية في أوائل 2020، خوفا من انتقام أسر المتهمين في حالة صدور أحكام ضدهم. لكن لم يعتد القضاء بالصلح العرفي، وتم الحكم في قضية حرق المنازل بالفعل في يونيو/حزيران 2021 بالسجن لعشر متهمين وبراءة 14.
أما قضية السيدة سعاد فتم تأجيلها عدة مرات، وكذلك حفظها في 2017 لعدم كفاية الأدلة، إلا أن ممثلي السيدة القانونيين قاموا بتقديم تظلم وتمت إعادة فتحها.
وفي مارس/آذار 2019، قررت "جنايات المنيا" التنحي عن نظر القضية لاستشعار الحرج، وأخيرا تبرئة المتهمين في ديسمبر/كانون الأول 2020 بالأساس لعدم "وجود شاهد رؤية لواقعة هتْك العِرض"، وكذلك تأخر الضحية في الإبلاغ عن الواقعة لخمسة أيام.
وقال الموقعون: "لقد رأينا بصفتنا مواطنين عمدة القرية وجيران السيدة يقولون في وسائل الإعلام إنها تمت تعريتها وإنهم ستروها، فعلى من تقع مسؤولية إحجام الشهود عن الشهادة؟ كذلك تناقض كلامها وتأخرها في الإبلاغ لخمس أيام بقولها إنها كانت مخضوضة وتعبانة بلغتها التلقائية شيء طبيعي في قضايا العنف، ويحدث كثيرا بسبب الصدمة والارتباك والشعور بالحرج، ولا يعقل أن يستخدم لإهدار حقها".
وأكد الموقعون أن "قضية السيدة سعاد ثابت تعني كل نساء مصر وكل مواطن معني بالعدالة وإنصاف ضحايا العنف بكل أشكاله، لا سيما الجنسي والطائفي"، مضيفين أنه "تبرز أهمية تطوير منظومة العدالة بكل مراحلها لكي تعين الضحايا على إثبات شكواهم، لا أن تلقي عليهم عبئا يفوق طاقاتهم، بإصدار تشريعات شامل ومتكامل لمكافحة العنف ضد المرأة ولحماية الشهود والمبلغين وتوفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي الضحايا".
وذكر الموقعون أنه "بعد أعوام من تحمل السيدة الإهانة والطرد من منزلها هي وأسرتها وبقائها دون حماية وإنصاف وجبر للضرر، تبقى قضيتها أليمة ترسخ لتقويض سيادة القانون وفتح الباب أمام تكرار تلك الجرائم وتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب، والأخطر أنها تشجع استمرار استخدام النساء، وخاصة من الأقليات الدينية والفقراء، كأداة للعقاب الجماعي والتنكيل".
ومن المنظمات الموقعة على البيان مركز البيت العربي للبحوث والدراسات، ومبادرة برة السور، ومؤسسة أوﻻدي، وجمعية صبية للمرأة والطفل، ومبادرة سند للدعم القانوني للنساء، ومبادرة صبايا- سوهاج، ومؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، ومؤسسة العدالة والمواطنة لحقوق الإنسان- المنيا.