تُسجّل العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الأخرى حوادث سير يوميّة تتسبّب بمصرع وجرح العديد من المواطنين، في مشهد بات يشكّل أحد أبرز مسبّبات الوفيات، متقدّماً على ضحايا العمليات الإرهابية وجرائم العنف اليومية، في ظل استمرار تعثر الحكومة بفرض قوانين مرورية صارمة أو إيجاد حلول للطرقات المتهالكة.
وصارت المخالفات اليومية مشهداً مألوفاً في شوارع البلاد، منها قيادة السيارات من دون رخص السوق من قبل شبان بأعمار صغيرة، وعدم الالتزام بقواعد السير، وعدم المعرفة والإلمام بأصول قيادة السيارات وإرشادات المرور في الشوارع وغير ذلك.
وخلال الأشهر الأخيرة، حاولت مديرية المرور العامة فرض غرامات مشدّدة على كل من يخالف أنظمتها، إلا أن حيّز تطبيق تلك الغرامات استمر أقل من شهر واحد، الأمر الذي ساهم في زيادة تسجيل الحوادث اليومية.
وخلال عام 2021، لقي أكثر من 4800 شخص حتفهم من جراء حوادث السير في العراق، كما أعلنت وزارة الصحة العراقية، وهو رقم يعادل أضعاف ضحايا العمليات الإرهابية وجرائم العنف في العام نفسه.
وأمس الخميس، لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم فيما أصيب 10 آخرون بجروح مختلفة بعضها خطير، من جراء انقلاب حافلة صغيرة لنقل الركاب خلال توجهها إلى بلدة اللطيفية جنوبي بغداد، وقد نُقل المصابون إلى المستشفى.
وخلال الأسبوع الجاري فقط، سجلت المحافظات العراقية مصرع وجرح أكثر من 43 شخصاً بحوادث سير متفرقة في البلاد، في حصيلة غير رسمية كشفت عنها وسائل إعلامية عراقية محلية.
كما لقي 10 أشخاص مصرعهم الثلاثاء الماضي، من جراء حادث سير وقع على طريق في الناصرية - البطحاء بمحافظة ذي قار جنوب شرقي البلاد، كما لقي شخص مصرعه وأصيب 5 آخرون الإثنين الماضي باصطدام سيارتين في الموصل مركز محافظة نينوى، كما أدى اصطدام سيارة حكومية وأخرى مدنية على طريق الموصل - الشرقاط، شمالي محافظة صلاح الدين، إلى مصرع ثلاثة أشخاص يوم الأحد الماضي، سبقه بيوم حادث سير على طريق كركوك - الموصل، أوقع 6 ضحايا من عائلة واحدة. وفي اليوم نفسه، لقي شخص مصرعه وأصيب 7 آخرون باصطدام سيارتين على طريق اليوسفية جنوبي بغداد.
في هذا السياق، يقول المقدم في مديرية المرور العامة ببغداد سلام الجنابي إن "مديرية المرور ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن تلك الحوادث"، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "أسباب الحوادث التي تسجل يومياً في البلاد تعود لجملة عوامل، منها المخالفات المرورية، وعدم الالتزام بالأنظمة والقوانين، والمطبات والحفر في الشوارع، وعدم اتساع الشوارع لأعداد السيارات في البلاد". يضيف أن "هذا يقع على عاتق الهيئة العامة للطرق والجسور، عدا عن عدم تعاون الأجهزة الأخرى مع المديرية لتطبيق القوانين".
ويؤكد أن "تطبيق القانون بالعراق يواجه بصعوبة أحياناً، وقد تعرض الكثير من عناصر المرور للاعتداء والضرب من قبل مسؤولين وأبنائهم وجهات حزبية أخرى، بمجرد محاولة إلزامهم بتطبيق قواعد السير"، موضحاً أن "تطبيق القانون يحتاج إلى دعم الجميع، وخصوصاً الأجهزة الأمنية والقضائية، وأن تُسنَد لرجال المرور محاسبة المخالف أياً كان".
من جهته، يطالب الناشط الحقوقي حيدر البياتي بـ "ضرورة أن تكون هناك تقنيات حديثة وكاميرات مراقبة في الشوارع ترصد المخالفين وتفرض عليهم غرامات كبيرة"، مؤكداً في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "حالة الفوضى بقيادة المركبات في الشوارع وعدم الالتزام بأنظمة المرور، والتي لا يتم تطبيقها ومحاسبة المخالفين فيها، باتت مرعبة جداً في ظل زيادة نسبة الحوادث، الأمر الذي يحتم إيجاد الحلول والتعاون على تطبيق القانون، لإنقاذ المواطنين من الموت اليومي".
وقالت وزارة الصحة العراقية إن عدد ضحايا حوادث السير والمرور في البلاد للعام 2021 بلغ 4863 شخصاً، مما يضع العراق في صدارة دول العالم بالحوادث. وفي مارس/آذار الماضي، نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مدير المرور العام طارق إسماعيل الربيعي قوله إن "أعداد حوادث السير في تزايد مستمر وكأننا في حرب. وهناك عدم التزام بالسرعات المحددة على الطرقات". ويعزو الأمر أحياناً إلى استخدام الهواتف النقالة وتعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية".
يشار إلى أن البرلمان كان قد صوت على قانون المرور الجديد مطلع مايو/ أيار 2019، والذي نص على مضاعفة الغرامات المالية على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا أنه لم يحد من ارتكاب المخالفات.