بلغ عدد الوفيات المسجلة نتيجة حوادث السير في ليبيا خلال الربع الثاني من العام الحالي 651 وفاة، ما يعني أن المعدل اليومي يبلغ نحو 7 وفيات، فضلاً عن الحوادث التي تؤدي إلى إصابات بليغة، وتخلف الكثير من الأضرار الصحية للمصابين، إضافة إلى الخسائر المادية للدولة والمواطنين.
وأعلنت إدارة المرور التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، في بيان، أن تكرار حوادث السير يرجع إلى عدة عوامل، منها حالة المركبة، وحالة الطريق، وتصرّفات السائقين، لكن أكثر مسببات الحوادث هو تجاوز السرعة المقررة، وتناول المواد المخدرة، واستخدام الهواتف أثناء القيادة.
وفي حين يشير البيان إلى مسؤولية قائدي السيارات عن 85 في المائة من الحوادث، يناشد الجميع احترام قواعد المرور لتجنب المخالفات، والحدّ من هذه الحوادث المؤلمة التي تؤدّي إلى فقدان عشرات الأرواح.
وتحدثت آخر إحصائية رسمية نشرت قبل 13 سنة، عن وجود نحو مليون سيارة، إذ يشيع في ليبيا استخدام السيارات الخاصة بسبب غياب وسائل النقل العام، وكذلك رخص أسعار الوقود. لكن سياسة فتح السوق غير المدروسة خلال السنين التي لحقت الثورة الليبية في عام 2011، ضاعفت تلك الأرقام، بحسب عاملين في مجال بيع السيارات في البلاد.
ويقدر سامي المريمي، وهو صاحب أحد معارض السيارات في العاصمة طرابلس، وجود أكثر من 3 ملايين سيارة على الطرق الليبية حالياً، ويتوقع زيادة تلك الأرقام خلال السنوات القادمة. ويؤكد المريمي لـ"العربي الجديد"، وجود فساد كبير في إصدار تراخيص القيادة. ويقول: "في السابق كان من شبه المستحيل نجاح السائق من أول اختبار للقيادة والإشارات المرورية، والبعض لم يتمكن من الحصول على ترخيص القيادة إلا بعد عدة اختبارات، أما الآن، فيكفي دفع 100 دينار لأحد المكاتب، وتوفير بعض الأوراق والمسوغات لتلقي رخصة قيادة تؤهل لقيادة سيارات النقل المتوسطة، حتى لو كان الشخص من ضعاف النظر".
ويضيف: "أغلب النساء اللاتي يقدن السيارات حالياً نلن رخص القيادة عبر المكاتب الخاصة من دون الخضوع لأي اختبارات، وأكثر المترددين على معرضي لشراء السيارات خلال السنوات الأخيرة من النساء، ومن الواضح أن أغلبهن لا يملكن رخص قيادة قانونية، ولو كانت إحصاءات المرور دقيقة، لكشفت أن أكثر الحوادث تتسبب بها النساء، إضافة إلى حوادث قيادة الشباب المتهورة".
وفي عام 2021، استحوذت ليبيا على ربع صادرات كوريا الجنوبية من السيارات المستعملة، بحسب إدارة الجمارك الكورية، موضحة أن إجمالي عدد السيارات المستعملة الكورية المصدرة عبر ميناء إنتشون في ذلك العام بلغ 433 ألفاً، وكانت ليبيا أكبر وجهة لها بواقع 112 ألفاً، بنسبة 26 في المائة.
ويرى الباحث الاجتماعي عبد العزيز الأوجلي، أن أعداد السيارات في البلاد تعكس سياسات حكومية غير صحيحة، وإفراطا في استعمالها من جانب المواطنين، ويقول لـ"العربي الجديد": "كل ما يخص ليبيا في هذا الملف استثنائي، سواء عدد السيارات الذي يقارب نحو نصف عدد السكان، وأغلبها قديم ومستهلك، أو الطرق المتهالكة التي لم يتم صيانة بعضها منذ أكثر من 40 عاماً على الرغم من التوسع العمراني، ما يجعلها غير مؤهلة للسير، فضلاً عن التكتلات السكانية العشوائية التي باتت تزحف على ضواحي العاصمة والمدن الكبرى".
ويظهر بوضوح عزوف الليبيين عن استخدام حزام الأمان، سواء من قبل السائقين أو الركاب، ويقول الضابط السابق في مرور طرابلس، رجب التمتام، لـ"العربي الجديد"، إن هذا أحد أسباب تزايد الوفيات الناتجة عن الحوادث، ويرى أن "السائق الليبي من بين الأقل التزاماً بقواعد المرور، وأسلوب قيادة الغالبية متهور، ويرجع ذلك إلى غياب الدولة وضعف أجهزة الشرطة خلال السنوات الأخيرة".
يضيف التمتام: "ننتظر تحسن الأوضاع، فدوريات المرور ظهرت مجدداً في أغلب شوارع المدن، وفي التقاطعات الرئيسية، والمناطق الأكثر عرضة للحوادث، كما استعاد رجال المرور الجرأة لفرض الغرامات والجزاءات على المخالفين، فضلاً عن متابعة تسجيل السيارات بعد أن كان جزء كبير من المركبات يسير على الطرق الليبية من دون لوحات".