حوامل أفغانستان ضحايا غياب الطبيبات

30 ديسمبر 2024
تنتظران المعاينة الطبية في مركز لـ"أطباء بلا حدود"، 8 ديسمبر 2023 (كبرى أكبري/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني القطاع الطبي في أفغانستان من تدهور كبير، خاصة في مجال الرعاية الصحية النسائية، مع نقص حاد في الكوادر الطبية النسائية، مما يضطر السكان للجوء إلى حلول غير فعالة أو مكلفة.
- تولي حركة طالبان السلطة لم يحسن الأوضاع الصحية، حيث أغلقت المعاهد الطبية والجامعات أمام الفتيات، مما يزيد من معاناة الأسر في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.
- سياسات طالبان تعيق تحسين أوضاع النساء، حيث تمنع تعليم البنات وتحد من فرصهن في العمل، مما يفاقم الأزمة الصحية ويهدد النساء بمخاطر كبيرة أثناء الولادة.

توفيت زوجة فضل غني، وهو أحد سكان ولاية بكتيكا جنوب أفغانستان، مع جنينها قبل ثلاثة أشهر، بعدما أصيبت بنزيف اضطره إلى نقلها إلى المستشفى، لكن لم يكن هناك طبيبة نسائية
يقول غني لـ"العربي الجديد": أوصلت زوجتي إلى المستشفى قبل وفاتها، لكنها فارقت الحياة مع الجنين، وبقيت وحدي لتولي مسؤولية تربية ثلاثة أطفال. واضح أن بلدنا غير قابل للعيش، وأن الحياة فيه تزداد صعوبة يوماً بعد آخر بسبب تدهور القطاع الطبي، خصوصاً في ما يتعلق بالكادر النسائي".
يضيف: "كانت زوجتي حاملاً في الشهر الثامن، وكنت أتوقع أن تضع مولودها بعد شهر، ما يسمح لي بأخذها إلى بيت أختي في مدينة خزنة، مركز الولاية، حيث يوجد مستشفى يضم طبيبة نسائية، لكنها تعرضت لنزيف حاد فجأة. في البداية جربت نساء من الأسرة معالجتها باستخدام أعشاب تتوفر في المنزل لمحاولة وقف النزيف، لكن من دون فائدة، ثم ذهبت إلى طبيب قريب لاستشارته، فأعطاني دواء لم ينفع أيضاً".
يتابع: "أخذت زوجتي بعدها إلى مستشفى في مركز المديرية، وكان الوقت في منتصف الليل، وكانت حالتها مستقرة نسبياً، لكن لم تحضر أي طبيبة لإيقاف النزيف، وحاولت ممرضة وطبيب فعل ما يستطيعان بلا جدوى. قبل الفجر أغمي على زوجتي، وطلب المستشفى مني نقلها إلى مركز الصحي في الولاية، فقمت باستئجار سيارة لنقلها، لكنها فارقت الحياة في الطريق، ومات الجنين".
ويقول فضل ربي، شقيق الزوج، لـ"العربي الجديد": "كنا سعداء عند تولي حركة طالبان السلطة، وتوقعنا أن تتحسن الأمور في البلد لأن طالبان تضم علماء دين سينجحون في القضاء على الفساد وبسط الأمن. الأمن موجود، لكن لا توجد وظائف، ولا تتوفر الرعاية الصحية. في الماضي كان يوجد بعض الأطباء في المستشفيات، وكان يتوفر بعض الاهتمام الصحي، أما الآن فالأطباء مفقودون في كل أنحاء المديرية، ولا توجد طبيبة نسائية واحدة. فقط ممرضة واحدة تنفذ دور الطبيبة بإمكانات محدودة في مستشفى المديرية".

ممرضة مع أم وبنها في مستشفى بهلمند، 28 مارس 2021 (إليز بلانشار/ فرانس برس)
ممرضة مع أم وابنها في مستشفى بهلمند، 28 مارس 2021 (إليز بلانشار/فرانس برس)

ويوضح أن "ولاية بكتيكا تضم 24 مديرية تعمل فيها طبيبتان نسائيتان فقط، واحدة في مديرية خيركوت وأخرى في واركون، وحكومة طالبان لا تملك خطة لمعالجة هذه الثغرة، بل أوقعت الناس في مشاكل أكبر بعدما أمرت بإغلاق المعاهد الطبية القليلة الخاصة بالنساء، في حين أن الجامعات مغلقة في وجه البنات منذ ثلاثة أعوام. أمور البلاد لا يمكن أن تسير على هذا النحو، والشعب متضايق، فكل رجل لديه زوجة أو أخت أو قريبة يحتجن إلى الطبيبات. نحن لا نأخذ نساءنا إلى الأطباء الرجال، لذا يجب أن تفكر طالبان بالقضية إذا أرادت أن تحكم البلاد لفترة طويلة".
بدوره، يقول محمد سهيل، لـ"العربي الجديد"، إن زوجته كانت تضع طفلاً في منطقة سموسي بمديرية خوجياني بولاية ننغرهار (شرق)، ولم يأخذها إلى المستشفى بحسب العادة المطبقة، لأن النساء الكبيرات يملكن خبرة في الولادة، ويستطعن مساعدة الحوامل، لكن زوجته تعبت، فاقترض بعض المال من ابن عمه، واستأجر سيارة لنقل زوجته إلى مستشفى مركز المديرية في كجه، وحين رأتها الطبيبة قالت إنه لا بدّ من نقلها إلى مدينة جلال أباد، مركز الولاية، لأنها تحتاج إلى عملية كبيرة، والجنين في خطر.
يضيف سهيل: "خضعت زوجتي لعملية في مستشفى جلال أباد، ولو كان هناك طبيبة في قريتنا لما احتجت إلى الذهاب إلى المدينة، وتكبد الكثير من المال والجهد".

وتقول الناشطة راحلة زمان لـ"العربي الجديد": "حالة القطاع الطبي مؤسفة للغاية، علماً أن الوضع لم يكن جيداً في أي وقت في أفغانستان لأن الحرب دمّرت كل شيء، لكننا كنا نتوقع أن تتحسّن الأوضاع بعد توقف الحرب، قبل أن تخلق سياسات طالبان عوائق أكبر في وجه تحسّن أحوال النساء. في هذا الزمن الذي تطورت فيه حياة الناس، وتقدم الطب، لا تسمح طالبان بتعليم البنات، لذا يرجح أن تقود البلد إلى الهاوية، فكيف يمكن أن نعيش من دون طبيبات وممرضات ومعلمات؟".
وأفادت الأمم المتحدة في بيان أصدرته في ديسمبر/ كانون الأول 2023، بأنّ 12 امرأة يلقين حتفهن يومياً خلال الولادة حول العالم، من بينهن واحدة في أفغانستان.