أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في المغرب، خطة لمساعدة آلاف من الطلبة المتضررين من زلزال الثامن من سبتمبر/ أيلول، والذي ضرب أقاليم الحوز، ومراكش، وأزيلال، وتارودانت، وشيشاوة، وخلف نحو 3000 قتيل وخسائر مادية كبيرة.
تهدف الخطة الحكومية إلى مواجهة الفاجعة وانعكاساتها، وتنص على اتخاذ مجموعة من "التدابير الاستثنائية" بشأن الطلبة المتضررين في الأقاليم الخمسة؛ كما تم تضمينها في مذكرة وزارية وجهت إلى رؤساء الجامعات المغربية في المناطق المنكوبة، وتشدد على التزام كل أشكال المرونة المتاحة في آجال تسجيل الطلاب، وتقديم تسهيلات في سياق الوثائق المطلوبة من أجل التسجيل، وذلك بعد أن تعرض الكثير من الطلاب لضياع الوثائق الرسمية تحت أنقاض المنازل التي دمرها الزلزال.
وتشمل الخطة أيضاً منح الأسبقية في الاستفادة من المنح الجامعية للطلبة المنحدرين من المناطق المتضررة بالزلزال، فضلاً عن توفير خدمات الإيواء والمطاعم، من دون إغفال الجانب النفسي الذي يتضمن تسهيل ولوجهم إلى خدمات مراكز الدعم النفسي بالجامعات، كما قررت الوزارة تأجيل مباريات الولوج إلى سلك الماجستير والدكتوراه، ومباريات توظيف الإداريين والأستاذة الباحثين في المناطق المتضررة لمدة أسبوع من أجل تقييم الوضع واتخاذ القرارات المناسبة.
وأعلن وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي حول العام الجامعي الجديد، أنه "يجري تدارس إمكانية تقديم الدروس عن بعد، أو التدريس وفق نمط التناوب لصالح الطلبة المتضررين، وأنه وجه مصالح وزارته على مستوى جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، وجامعة ابن زهر بمدينة أكادير، لإحصاء أعداد الطلبة المتضررين، ومواكبتهم بالإجراءات الاستثنائية الخاصة.
وكشف وزير التعليم العالي أن إحصاء أعداد الطلبة المصابين والمتضررين، وكذا إحصاء المتوفّين جارٍ من أجل توفير حلول تناسب جميع الأوضاع في هذا الظرف الاستثنائي، وشدد على "أهمية استمرار تعبئة طواقم الوزارة في العمل لفائدة الطلبة والطالبات المتضررين الذين يقصدون الجامعات العمومية القريبة من مناطق الزلزال، وأنه سيجري توفير الدعم النفسي للطلبة منذ الأسبوع الأول للدخول الجامعي الجديد، كي يكون ذا فاعلية".
في السياق، اعتبر الطالب زايد واعطوش، أن الإجراءات التي أعلنتها وزارة التعليم العالي، أنقذته من مصير غامض كان يلف مستقبله الجامعي. وقال لـ"العربي الجديد": "كان الزلزال تجربة مفجعة على المستوى الإنساني، خصوصاً مع موت أفراد من عائلتي، وبعدها وجدت نفسي أستعد لبدء العام الجامعي الذي انطلق في 11 سبتمبر، وقد أصبحت لا أمتلك هوية ولا وثائق، فقد ضاعت كل أوراقي تحت ركام منزلنا المنهار".
يضيف واعطوش: "شعرت بالتيه، وبأن مساري الدراسي قد انتهى رغم بدء العام الجامعي، خاصة بعد أن باءت كل محاولات البحث تحت أنقاض البيت المنهار لإيجاد ما تبقى من أوراق ومستندات وشهادات بالفشل. بعد أربعة أيام على وقوع الزلزال، بادرت إلى إجراء اتصال بإدارة جامعة القاضي عياض في مدينة مراكش، للاستفسار عن وضعي، لأفاجأ برد أدخل الفرح إلى قلبي، إذ أخبروني بأن الوزارة وجهت بتفعيل كافة التسهيلات لصالح الطلبة المنحدرين من المناطق المتضررة من الزلزال، وقد شجعت هذه الإجراءات والتسهيلات العديد من طلاب الجامعات في إقليم شيشاوة المنكوب على العودة إلى جامعاتهم، علها تنسيهم بعضا من مأساتهم".
من جهته، يؤكد رئيس "المنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم"، هشام الهواري، على ضرورة تقديم الدعم النفسي للطلبة الذين مروا بتجربة الزلزال المؤلمة والمفجعة، معتبراً أن الاعتناء بالطلبة نفسياً سيسهم في تقليص حدة المأساة التي اختبروها لأول مرة في حياتهم.
وأكد الهواري في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المواكبة النفسية ينبغي أن تكون على رأس أولويات السلطات تجاه أي شخص خرج من تجربة صعبة كالزلزال، فقد خلالها الأهل والأحباب، وإيلاءها الأهمية بالسرعة الواجبة يمكن أن يساهم في جبر آلام الضحايا على المستوى النفسي قبل تفاقمها. لا أحد يمكنه إنكار مدى أهمية الإجراءات التي أعلنتها وزارة التعليم العالي في ما يخص تسهيل الأمور الإدارية، وإيواء الطلبة المتضررين، لكن أخال أنهم في حاجة ماسة إلى الاعتناء بالجانب النفسي، والحصول على رعاية خاصة ومستدامة لمعالجة الآثار والاضطرابات التي خلفها الزلزال".