رغم بدء البرلمان العراقي، بمناقشة مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المعمول به في البلاد، منذ عام 1959، إلا أنّ نواباً وقوى سياسية وناشطين حقوقيين يؤكدون أنّ خلافات واسعة تحيط ببعض فقرات قانون التعديل، قد تؤدي إلى تأجيل إقراره، وأبرزها في ما تعلق بحق حضانة الأطفال بالنسبة للأزواج المطلّقين، وحق الزوجة بعد الانفصال وتفاصيل أخرى اعتُبرت منتقصة من حقوق المرأة ومتحيّزة للرجل في ما يتعلق بالخلافات العائلية.
وأنهى مجلس النواب العراقي، الخميس الماضي، القراءة الأولى لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي قدمه عدد من الكتل السياسية ذات التوجّهات الدينية في البرلمان. وأكّد مصدر برلماني مطلع لـ "العربي الجديد" أنّ "التعديل يجب أن يُعرض للقراءة الثانية قبل أن يتم التصويت عليه بشكل نهائي".
وأشار إلى وجود خلافات بشأن عدد من فقرات القانون قد تتسبّب بتأخير التعديلات، أو تأجيلها إلى الدورة البرلمانية المقبلة، ومن أهمها مطالبة بعض النواب بنقل حقّ حضانة أطفال الأزواج المنفصلين من الأم إلى الأب، وكذلك نفقة الأولاد، بحين أنّ الجد والد الأب، له حق سحب الحضانة من الأم في حال وفاة الأب وهذا ما يُعتبر سابقة في التشريعات العراقية كافة.
ولفت المصدر إلى أنّ إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية يتطلب وجود توافق برلماني قبل عرضه للتصويت، وأضاف أنّ هذا التوافق لم يتحقّق حتى اليوم، ولم يستبعد إمكانية التوصّل إلى تفاهمات خلال الفترة المقبلة.
وأطلق ناشطون حقوقيون عراقيون حملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، لرفض فقرات عدّة في مشروع تعديل القانون.
وانتقد المحامي، محمد جمعة، القانون الجديد معتبراً أن مشروع سلب الحضانة من الأمهات رصاصة غدر في جسد الحقوق والحريات.
اهم النقاط بتعديل المادة ٥٧ من قانون الاحوال الشخصية الذي تمت الموافقة الاولية عليه اليوم:
— Samah سماح (@sazeez89) July 1, 2021
1- حضانة الطفل للام لسن السابعة فقط، وبعد السابعة تتحول الحضانة مباشرة ومن غير اسباب الى الاب، ثم الجد في حال وفاة الاب او عدم توفر شروط الحضانة فيه. #لا_لتعديل_قانون_الاحوال_الشخصية pic.twitter.com/Pe3rs09BRD
فيما ذكّر الصحافي العراقي، سيف الهيتي، بأنّ "المادة الجديدة المقترحة لتعديل قانون الأحوال الشخصية متحيّزة تماماً، بشكل لا يصدق! وإلا كيف يمكن أن ينازع الجد الأم في تربيتها لابنها؟ وكيف يسمح للأب بالحضانة في حال زواجه بينما تُمنع الأم من هذا الحق؟! هذا القانون يعيدنا إلى القرون الوسطى".
المادة الجديدة المقترحة لتعديل قانون الاحوال الشخصية متحيزة تماما، بشكل لا يصدق! والا كيف يمكن أن ينازع الجد الأم في تربيتها لابنها؟ وكيف يسمح للأب بالحضانة في حال زواجه بينما تمنع الأم من هذا الحق؟!
— سيف صلاح الهيتي (@saifsalahalhety) July 1, 2021
هذا القانون يعيدنا الى القرون الوسطى.
#لا_لتعديل_قانون_الاحوال_الشخصية
في المقابل، رفضت عضو اللجنة القانونية في البرلمان، بهار محمود، بعض التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، مؤكدة في حديث لصحيفة "الصباح" الرسمية أنّ مقترح التعديل المتعلّق بتحويل حضانة الطفل من الأم إلى الأب، يضرّ بمصلحة الطفل، ولفتت إلى أنّ اللجنة القانونية ترفض سحب الحضانة من الأم، موضحة أنّ القراءة الأولى لتعديل قانون الأحوال الشخصية لن يغيّر شيئاً في موضوع الحضانة".
وأشارت إلى أنّ مشروع التعديل قُرئ قراءة أولى في مجلس النواب، مبينة أنه سيصاغ في اللجان البرلمانية المعنية بالشكل الذي يخدم مصلحة جميع الأطراف.
وتابعت أنّ "هذا التعديل يسلب حق الأم والطفل ويضرّ به"، لافتة إلى أنّ "النص الحالي في قانون الأحوال الشخصية جيد ويجب أن تبقى الحضانة للأم، ولكن إن كانت حضانة الأم تضرّ بمصلحة الطفل، عندئذ تنتقل الحضانة إلى الأب".
واقترحت أن يكون هناك تغيير في مدة مشاهدة الأب لابنه، لتكون 24 ساعة بدلاً من ساعتين في الأسبوع، ويبقى الطفل خلال هذه المدة في بيت الأب.
وفي السياق، قالت عضو البرلمان العراقي، شبال حسن رمضان، إنّ "تعديل قانون الأحوال الشخصية، وإعطاء حضانة الطفل للأب وسلبها من المرأة، خطوة أخطر من القنبلة الذرية". وأضافت خلال تصريح صحافي: "لا نستطيع أن نحدد نوعية الظرف الذي يعيش فيه الطفل عندما يكون في حضن غير حضن أمه، وهو ما يجعله فاقد الثقة والحنان ويتعرّض إلى العنف سواء كان من زوجة الأب أو غيرها". ولفتت إلى أنّ الطفل لن يشعر بالاستقرار، وسيكون إنسانا ضعيفا عندما يكون في حضانة الأب.