أصيب عدة آلاف من مرضى كورونا في الهند بعدوى فطرية ضارة وقاتلة، لتتفاقم الأعباء الصحية في البلاد التي تواجه موجة جديدة من الوباء.
كان الأطباء قد أعلنوا للتو عن تحسن صحة بارفيش دوبي الذي نُقل إلى المستشفى لإصابته بـ"الفطر الأسود" في ولاية ماديا براديش الهندية عندما علمت عائلته بوفاته جراء هذا الداء المخيف الذي غزا دماغه.
كان بارفيش دوبي في الثالثة والثلاثين من عمره، وبدا أنه سينجو من كوفيد-19 الذي دخل بسببه إلى المستشفى في البدء، لكن حالته ساءت فجأة.
قال قريب له طلب عدم الكشف عن هويته "نقلناه (إلى مستشفى آخر)، هناك، أجرى الأطباء عملية جراحية على أنفه وخده. أتلفت إحدى عينيه وكان الأطباء يحاولون إنقاذ الثانية". وأضاف "لقد فقدناه خلال أسبوع. لقد فعلنا كل ما في وسعنا".
فيما تواجه الهند موجة ثانية ضارية من فيروس كورونا، صار عليها حاليًا أن تتصدى لداء "الفطر الأسود"، وهو عدوى فطرية لا تظهر في الأحوال العادية سوى في حالات نادرة، لكنه بدأ ينتشر بمعدل مقلق، لا سيما بين من تعافوا من كوفيد-19 ودخلوا مرحلة النقاهة.
فقد اشتد انتشار العدوى لدرجة أنّ تسع ولايات على الأقل صنفتها، الخميس، على أنها وباء، وعلى الشبكات الاجتماعية، تتواصل طلبات المساعدة للحصول على علاج مضاد للفطريات.
يصاب الناس بداء الفطريات الذي توجد منه عدة أنواع عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية (الأبواغ) التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة.
وقال وزير الصحة لاف أجاروال في رسالة إلى حكومات الولايات، إن هذا المرض أصبح يمثل تحدياً جديداً لمرضى كوفيد-19 الذين يعالجون بالستيرويدات ومن يعانون سابقاً من مرض السكري.
وقال، في الرسالة التي اطلعت عليها "رويترز"، يوم الخميس، إنّ "هذه العدوى الفطرية تؤدي إلى إطالة فترات الاعتلال وزيادة الوفيات بين مرضى كوفيد-19".
يبلغ متوسط معدل الوفيات بالعدوى 54%، وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
بمجرد الإصابة، يكون المريض معرضًا للموت في غضون أيام. ولكن المرض ليس معديًا. وتتعامل الهند عادةً مع بضع عشرات من الحالات سنويًا.
وبشكل عام، تصد دفاعات الجسم الفطريات التي تؤثر فقط على من يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة، مثل المرضى الذين أجريت لهم عملية زرع أو مرضى السرطان.
لماذا يتعرض مرضى فيروس كورونا للخطر؟
لدى الإصابة بفيروس كورونا وأمراض أخرى غيره، يمكن أن تحدث ظاهرة خطيرة تسمى "عاصفة السيتوكين" تحدث بسبب إفراط جهاز الجسم المناعي في رد فعله لمحاربة الفيروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين، الأمر الذي يتسبب في تلف الأعضاء.
لذلك كان الأطباء يصفون المنشطات (ستيرويد) لتقليل الاستجابة المناعية. لكن كلاهما يضعف دفاعات الجسم ويزيد من مستويات السكر، مما يؤدي إلى نمو الفطريات التي تتغذى عليه.
بعض المستشفيات والأطباء بالغوا في وصف الستيرويد كما أن بعض الناس تناولوها في المنزل من دون استشارة طبية.
وقال البروفيسور سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية، لوكالة "فرانس برس" "بدأ الناس في استخدامها دون ضوابط وعلى نحو مفرط وغير مناسب".
هناك ما لا يقل عن 7250 حالة في الهند، وفقًا لصحيفة "هندوستان تايمز" التي استشهدت بوثائق حكومية.
أبلغت ولاية ماهاراشترا عن أكثر من 2000 حالة. وقال مسؤولون إن ولاية غوجارات، موطن رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لديها نحو 1200 حالة.
وأعلنت تسع ولايات هندية على الأقل أن العدوى تحولت لديها إلى وباء. وخصصت المستشفيات في عدة مدن أجنحة خاصة لهؤلاء المرضى.
لم تذكر السلطات عدد الأشخاص الذين ماتوا على الصعيد الوطني من الفطر الأسود ولكن صحيفة "هندوستان تايمز" قدرت ذلك بما لا يقل عن 219 شخصًا، وهو عدد من المرجح أنه أقل من الواقع.
وقالت أموليا نيدي الناشطة في المجال الصحي، إنّ الحكومة فشلت في وقت سابق في الاستعداد وتخزين إمدادات كافية من أدوية فيروس كورونا مثل ريمديسفير والبلازما. ومع الفطر الأسود كررت الخطأ نفسه.
وأضافت "كان يجب على الحكومة أن تتصرف عندما أبلغت بأولى حالات (الفطر الأسود) ... لا يفترض أن يتوسل الناس من أجل الحصول على أدوية أساسية تنفذ حياة مرضاهم".
(فرانس برس، رويترز)