غطّى الدخان المنبعث من حرائق الغابات في كندا مدناً أميركية بضباب ملوث، الخميس، مُتسبّباً بتأخير رحلات جوية وتعطيل فعاليات في الهواء الطلق، الأمر الذي اعتبره الرئيس جو بايدن "تذكيراً صارخاً" بالتغير المناخي.
وخيّم الضباب الكثيف ورائحة الحرائق الحادة فوق العاصمة واشنطن، ورفعت حالة التأهب بشأن جودة الهواء في أجزاء من منطقة وسط المحيط الأطلسي من "الأحمر" إلى "الأرجواني". ويوصف هذا المستوى من التلوث بأنّه "ضار جداً بالصحة"، وفقاً للمقياس المستخدم من قبل وكالة حماية البيئة الأميركية.
وتتخطى تلك الفئة المدن الأكثر تلوثاً في العالم في جنوب آسيا والصين، ما دفع بالسكان إلى وضع الكمامات خوفاً على صحتهم. ورغم تحسن الوضع إلا أنه من غير المتوقع أن تعود الظروف إلى طبيعتها قبل نهاية الأسبوع.
وصدرت تحذيرات لأكثر من 111 مليون شخص في الولايات المتحدة متعلقة بنوعية الهواء على خلفية الحرائق، حسبما قالت وكالة حماية البيئة الخميس.
وقال بايدن في بيان إن "ملايين الأميركيين يشعرون بتأثير الدخان الناجم عن حرائق الغابات المدمرة في كندا. تذكير صارخ آخر بتبعات التغير المناخي".
وأعلن عن إرسال موارد إضافية إلى كندا، من بينها "عربات إطفاء إضافية ومعدات لإخماد الحرائق مثل طائرات"، إضافة إلى 600 مختص أميركي أرسلوا في مايو/ أيار.
ولم ينج الدخان الذي يغطّي العاصمة من التسييس المعتاد.
وانتقد المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس قائلاً إن الأغلبية "تؤيد نظريات المؤامرة التي تم فضحها والتي تنكر وجود وطبيعة التغير المناخي" حتى وسط تراجع الأحوال الجوية.
وأرجأ البيت الأبيض فعالية في الهواء الطلق، رغم أن مسيرة واحتفالاً مقررين في نهاية الأسبوع لا يزالان في موعدهما لغاية الآن. وأعلنت حديقة الحيوان الوطنية أنها ستغلق أبوابها "من أجل سلامة حيواناتنا وموظفينا وضيوفنا".
كذلك أعلن نادي واشنطن ناشونالز للبيسبول إرجاء مباراته أمام أريزونا دايموند باكس.
وكانت همداري فورا (42 عاماً) السائحة من بومباي تمضي اليوم في واشنطن مع عائلتها بعد زيارة نيويورك.
وقالت لوكالة "فرانس برس" أمام نصب واشنطن "الأمر مخيّب للآمال بعض الشيء"، لكنها أضافت أنها معتادة على مستويات التلوث هذه في بلدها. وقالت إن "الصور لن تكون واضحة جداً بطبيعة الحال".
وألغت المدارس العامة في العاصمة الأنشطة الخارجية كافة، بما في ذلك فترات الاستراحة والتمارين الرياضية والمنافسات.
من ناحيتها قالت الإدارة الفيدرالية للطيران إن تدني مستوى الرؤية أرغمها على اتخاذ إجراءات لـ"إدارة الرحلات بأمان وصولاً إلى مدينة نيويورك و(واشنطن) دي سي وفيلادلفيا وشارلوت".
كذلك سارعت مجموعات مدافعة عن البيئة للفت الانتباه "إلى التغير المناخي الذي يتسبب بظروف مناخية أكثر حراً وجفافاً".
وقال ماي بويف من منظمة "350.org" إنّ "الأزمة المناخية هي هنا والآن، وقد تسبّبت في تلوّث خطير في الهواء يهدّد صحّة ملايين الأميركيين".
تذكرني بهجمات 11 سبتمبر
كانت السماء في نيويورك الخميس أكثر صفاء من الأربعاء.
وأفاد متحدث باسم دائرة الصحة بالمدينة لفرانس برس "نشهد زيارات أعلى من المعتاد لقسم الطوارئ المتعلقة بالربو".
وقالت ليندا جيوليانو (65 عاماً) في نيويورك، وهي تضع واحدة من الكمامات التي وُزّعت على سكان نيويورك الخميس "لم أرَ أبداً شيئاً كهذا". وتابعت "من الصعب التنفّس، لأنّني أعاني الربو"، معتبرة أن الوضع "مؤلم".
وأضافت لوكالة "فرانس برس" "ذكّرني ذلك كثيراً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، أن أرى السماء مليئة بالدخان".
موسم حرائق تاريخي
تشهد كيبيك موسم حرائق تاريخياً تضرّر خلاله حوالى 800 ألف هكتار من الأراضي، وفقاً للسلطات. وسجل ضعف عدد حالات اندلاع الحرائق منذ يناير/كانون الثاني مقارنة بمتوسّط الحرائق الذي شهدته مثل هذه الفترة، على مدى السنوات العشر الماضية.
والخميس، كانت المقاطعة الناطقة بالفرنسية ما تزال تشهد أكثر من 150 حريقاً نشِطاً، بينها نحو 90 حريقاً خارج نطاق السيطرة. ومن المتوقّع وصول تعزيزات جديدة أميركية، فرنسية، برتغالية في الساعات والأيام المقبلة. وتمّ إجلاء أكثر من 12 ألف شخص في أيام قليلة.
في غضون ذلك، لا يزال الوضع مقلقاً في عدد من المناطق، وفقاً لستيفان كارون من جمعية حماية الغابات من الحرائق. وقال "نحن في بداية موسم الحرائق فقط. نحن ندخل حالياً الفترة التي عادة ما يبدأ فيها اندلاع حرائق أكبر في كيبيك".
ولا يزال خطر اندلاع حرائق جديدة مرتفعاً في الجزء الغربي من كيبيك، وفق السلطات.
(فرانس برس)