يعاني سكان مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان من أزمات متتالية، كان آخرها الاشتباكات التي اندلعت بين عناصر حركة فتح ومسلحين في نهاية يوليو/ تموز الماضي، والتي قتل وجرح فيها العديد من السكان، ودمرت أو تضررت عشرات المنازل، كما أغلقت المدارس.
ومنذ اندلاع المعارك العنيفة، بات أطفال ونساء يعانون من أزمات نفسية بدرجات متفاوتة، ويحتاجون إلى جلسات دعم تعيد تصويب أمور حياتهم اليومية، قبل أن يفاقم العدوان على قطاع غزة من تلك الأزمات النفسية.
واهتمت اللجنة النسائية في المخيم التي أنشئت قبل 7 سنوات، وتعمل ضمن مشروع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بهذا الموضوع، علماً أنها تنشط في تنظيم محاضرات للتوعية، وتعمل حالياً لافتتاح حضانة في المخيم وروضة لاستقبال أطفال تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، والتي ستخصص للنساء العاملات كي يسجلن أولادهن بأسعار رمزية. كما ستستقبل الحضانة أطفال الأم التي ترغب في الذهاب إلى الطبيب أو السوق بحسب المدة التي تريدها. والحضانة واحدة من المشاريع التي تعمل عليها اللجنة النسائية.
تقول عضو اللجنة جمال كليب لـ"العربي الجديد": "بعد وقف إطلاق النار في المخيم بدأنا في تقديم جلسات دعم نفسي للنساء اللواتي تعرضن لضغط كبير خلال المعارك، خاصة أولئك اللواتي لم يتركن بيوتهن، وواجهن بالتالي الخوف والخطر في وقت واحد، وشاهدن حجم الدمار الذي حصل في المخيم. وتتحدث كل امرأة خلال الجلسات عن مشاهد البيوت التي احترقت وتدمرت، وتأثرهن بالأوضاع السيئة المرتبطة بنقص الطعام والشراب وعدم الأمان".
تتابع: "لم تعد بعض العائلات إلى المخيم بعدما خرجت منه جراء الاشتباكات، في حين باشرت عائلات أخرى ترميم بيوتها، لذ أردنا أن ندعم ونساند أفرادها، وقررنا إعطاء جلسات دعم نفسي لهن لنساعدهن على تفريغ الضغوطات النفسية في جو عائلي هادئ، وذلك في إطار جلسة صباحية تتضمن بعض مظاهر الضيافة البسيطة. وخلال الجلسة تطرح السيدة مشكلتها، وتشرح إذا كان سببها الخوف مما حصل في المخيم، أو مشاكل جديدة نشأت تتعلق مثلاً بقرار المدارس إقرار التعليم بدوامين صباحي ومسائي، فكل امرأة عندها قصة تحكيها. وعندما تنتهي الجلسات نقدم هدية صغيرة لكل سيدة، عبارة عن أدوات تنظيف أو منشفة وأشياء تخص المرأة، كما نوزع حفاضات وحليب للنساء الحوامل، وهو ما فعلناه لـ25 سيدة أنجبن خلال أحداث المخيم حين كنا نتواصل معهن لأن محلات السمانة والصيدليات كانت مغلقة، في حين أن الوضع الاقتصادي سيئ في الأصل".
وتقيم اللجنة أيضاً جلسات حول مقاطعة البضائع التي تدعم الكيان المحتل. وتقول جمال: "ننظم نشاطات للأطفال لتفريغ الطاقة، لأن الأطفال يعانون نفسياً وتغيّر سلوكهم، وباتوا يمارسون ألعاباً عنيفة، فيعتبرون مثلاً قسطل المياه مسدساً يضعون فيه حجارة يلقونها على بعضهم البعض. ومن خلال أنشطة الرسم وألعاب الحركة استطعنا أن ننسي الأطفال الألعاب العنيفة، لأن عقل الطفل يعتبر العنف قوة، كما عملنا على توعية النساء بأهمية مقاطعة البضائع التي تصنّف دولها بأنها داعمة لإسرائيل، خاصة مع تواصل العدوان الحالي على قطاع غزة".
وتقول هناء خالد، وهي تنحدر من قرية المزرعة الفلسطينية: "أساعد المرضى وكبار السن من دون مقابل، وجئت لحضور جلسة للدعم النفسي لأنني تأثرت بسبب بقائي في المخيم خلال الاشتباكات الأخيرة، خصوصاً أنني أسكن في حي حطين الذي استهدفه القصف والاشتباكات العنيفة، وتركت المنزل مع عائلتي في اليوم الأخير من المعارك بعدما جرح أشخاص بقذيفة سقطت قرب بيتنا. تساعد جلسات الدعم في تخفيف الضغط النفسي، ويمكن أن أدرب غيري لاحقاً، كما أن فكرة الخروج من البيت راحة في حد ذاتها".
وتقول نسمة عماد خليل، المتحدرة من بلدة الصفصاف الفلسطينية: "عمري 32 سنة، وأنا أرملة، وعندي ابنة واحدة، وقد توفي زوجي بالرصاص الطائش أثناء عمله كبائع سمك جوال، ولا أملك دخلاً ثابتاً لأنفق منه على ابنتي، وأعيش على ما تقدمه لي بعض المؤسسات من مساعدات، ولدي دكان صغير تحت البيت الذي أعيش فيه مع أهلي، وقد استأجره أبي لمساعدتي، لكن دخل الدكان اليومي لا يكفي مصروفاتي أنا وابنتي التي لديها احتياجات كونها تلميذة، وأتابع محاضرات اللجنة النسائية في المخيم لأفرغ الضغوط النفسية التي أعيشها، إذ تكثر في المخيم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمشاكل والأحداث الأمنية".