الأوّل من أكتوبر: دعوة إلى الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنّين
في عالم متحوّل يشهد تزايداً في أعداد كبار السنّ ونسبهم في مختلف المجتمعات، تقدّر الأمم المتحدة أنّ تصير شيخوخة السكان واحداً من أبرز التحوّلات الاجتماعية في القرن الواحد والعشرين. ويأتي ذلك التقدير استناداً إلى آثار الشيخوخة على قطاعات المجتمع بمجملها، وتشمل أسواق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات من قبيل السكن والنقل والضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى التركبيات الأسرية والروابط بين الأجيال.
وبحسب التوقّعات، فإنّ عدد الأشخاص المسنّين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر سوف يرتفع في كلّ أنحاء العالم إلى 1.6 مليار في عام 2050، علماً أنّه كان 761 مليون شخص في عام 2021. كذلك سوف يتزايد عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً أو أكثر بوتيرة أسرع.
ويؤكد المعنيّون في الأمم المتحدة أنّ شيخوخة السكان "تسير إلى الأمام ولا رجعة فيها"، شارحين أنّ شخصاً واحداً من بين كلّ 10 أشخاص في العالم كان يبلغ من العمر 65 عاماً أو أكثر في عام 2021، ومن المتوقّع أنّ يصل الأمر إلى شخص واحد من بين كلّ 6 أشخاص في عام 2050. كذلك من المتوقّع أن يرتفع عدد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 55 و64 عاماً إلى 1.075 مليار في عام 2050، علماً أنّه كان يبلغ 723 مليوناً في عام 2021.
ويدفع النموّ السريع في عدد الأشخاص الذين يصلون إلى سنّ أكبر إلى التشديد على أهمية تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض وعلاجها على مدى العمر. وبالتالي ثمّة حاجة عاجلة إلى العمل العالمي المتضافر بشأن التمتّع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، لا سيّما أنّ المسنّين يعيشون بمعظمهم في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ويفتقر كثيرون منهم إلى إمكانية الوصول إلى الموارد الأساسية اللازمة لحياة ذات معنى وللعيش بكرامة، في حين يواجه آخرون عقبات كثيرة تحول دون مشاركتهم في المجتمع بصورة كاملة.
ووسط هذا الواقع، يحلّ اليوم العالمي للمسنّين في الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأول، وموضوعه لعام 2023 "الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنّين عبر الأجيال". وبحسب القائمين على هذا اليوم، فإنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التاريخية قبل 75 عاماً. وانطلاقاً من التطلّع إلى مستقبل يضمن تمتّع جميع الأشخاص، بما في ذلك جميع المسنّين، تمتعاً كاملاً بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بهم، تأتي النسخة الثالثة والثلاثين من اليوم العالمي للمسنّين.
“We must do more to protect the dignity and rights of older persons everywhere.”
— United Nations (@UN) October 1, 2023
— @antonioguterres calls for addressing the challenges of longevity & ensuring older people can fulfill their potential. https://t.co/hSia0Nw59D #OlderPersonsDay pic.twitter.com/k8qx94ifzS
ويُسلَّط الضوء، في هذه المناسبة على المكانة الخاصة للمسنّين في كلّ أنحاء العالم، وعلى أهمية تمتّعهم بحقوقهم والتصدّي للانتهاكات المرتكبة في حقّهم، وتعزيز التضامن من خلال الإنصاف والمعاملة بالمثل بين الأجيال، وهو أمر من شأنه توفير حلول مستدامة للوفاء بوعد أهداف التنمية المستدامة.
ومن أهداف اليوم العالمي للمسنّين هذا العام زيادة المعرفة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ورفع الوعي حوله، والتزام جميع أصحاب المصلحة بتعزيز حماية حقوق الإنسان للأجيال الحالية والمقبلة من المسنّين في كلّ أنحاء العالم. يُضاف إلى ذلك تبادل النماذج المشتركة بين الأجيال والتعلّم منها لحماية حقوق الإنسان في العالم، مع دعوة الحكومات وكيانات الأمم المتحدة إلى مراجعة ممارساتها الحالية بهدف تحسين دمج نهج يشمل حقوق الإنسان على مدى الحياة في عملها إلى جانب ضمان المشاركة النشطة والهادفة لجميع أصحاب المصلحة في تعزيز التضامن والشراكات بين الأجيال. وبأصحاب المصلحة، يقصد القائمون على هذا اليوم المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمسنّين أنفسهم.
يُذكر أنّ في 14 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1990، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأول يوماً عالمياً للمسنّين، علماً أنّ ذلك أتى بعد مبادرة خطة العمل الدولية في هذا السياق المعتمدة في عام 1982. وفي عام 1991، اعتُمدت مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالمسنّين. أمّا في عام 2003، فاعتُمدت خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة من أجل الاستجابة للفرص والتحديات لفئة السكان التي سوف تواجه الشيخوخة في القرن الحادي والعشرين، وكذلك من أجل تعزيز تطوير المجتمع لكلّ الفئات العمرية.
ويشدّد القائمون على اليوم العالمي على أهميّة التكيّف مع العدد المتزايد من الأفراد المسنّين أصحاب القدرات الوظيفية المختلفة في المجتمعات التي تعاني من شيخوخة السكان. ويوضحون أنّ القدرة على القيام بالوظائف الأساسية والمشاركة في الأنشطة اليومية لا تتأثّر فقط بقدرة الفرد المتأصلة إنّما كذلك بالبيئات الاجتماعية والمادية حيث يعيش، إذ تؤدّي البيئات الداعمة دوراً محورياً في مساعدة المسنّين على الحفاظ على نشاطهم واستقلاليتهم مع تقدّمهم في العمر.
وفي هذا الإطار، أُعلن قبل عامَين "عقد التمتّع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021-2030)" الذي يُعَدّ فرصة لجمع الحكومات والمجتمع المدني والوكالات الدولية والمهنيين والدوائر الأكاديمية ووسائل الإعلام والقطاع الخاص معاً، على مدى عشرة أعوام من الجهود المتضافرة والمحفّزة والتعاونية بهدف تحسين حياة المسنّين وأسرهم والمجتمعات المحلية حيث يعيشون.
وقد رأى القائمون على هذا "العقد" أنّ المجموعات السكانية حول العالم تتحوّل إلى الشيخوخة بوتيرة أسرع من أيّ وقت مضى، ومن شأن التحوّل الديموغرافي أن يترك أثره على المجتمع ككلّ. ولفت هؤلاء إلى أنّ العالم التفّ حول خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فالتزمت البلدان وكلّ الجهات صاحبة المصلحة بعدم ترك أيّ كان خلف الركب، واعتزمت ضمان قدرة كلّ إنسان على تحقيق كامل إمكاناته في ظلّ الكرامة والمساواة وفي بيئة صحية، والمسنّون ضمناً.