- تواجه العائلات تحديات كبيرة في علاج أطفالهم بسبب عدم وجود مراكز متخصصة وارتفاع تكاليف العلاج بالخارج، ورغم تعاقدات حكومية مع مراكز أوروبية، إلا أن الجهود غير كافية لتلبية احتياجات 739 مريضًا.
- يشدد الأطباء على أهمية التحليل الجيني لتحديد الخلل الجيني، لكن توقف معامل التحاليل يعكس الإهمال الإداري، والحل يكمن في إنشاء مركز حديث يوفر العلاجات اللازمة.
تشتكي رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا من عدم تعاطي الحكومة جدياً مع ملف احتياجات هذا المرض، وتؤكد أن التهميش الواضح يزيد سوء أوضاع المرضى الذين تشعرهم السلطات بأنهم من بين الأقل أهمية في المجتمع.
وأعلنت الرابطة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، وفاة ثلاثة أطفال جدد، ووجّه أهالي مصابين نداءات جديدة إلى السلطات لإنقاذ أرواح أبنائهم عبر توفير فرص علاج حديثة وذات فعّالية، وقالت إن الأطفال هم الطفلة دارين الصيد، وطفل آخر في العاصمة طرابلس، والطفلة فاطمة الشقماني في مدينة مصراتة، وجميعهم كانوا في غرف العناية المشددة بعدما تراجعت حالتهم الصحية. وأوضحت أن الأطفال الثلاثة كانوا في انتظار تلقي لقاح الحقن الجيني، ما يعني أن المماطلة وتأخر الحقن وانقطاع الدواء تسببت في وفاتهم.
وفي مطلع أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الرابطة وفاة ثلاثة أطفال مصابين بالمرض خلال أسبوع واحد، في بنغازي (شرق) وسبها (جنوب) والعاصمة طرابلس. ونقلت الرابطة عن رئيسها محمد أبو غميقة، تأكيده عدم تسلّم أي شحنة أدوية خاصة بمرضى ضمور العضلات منذ مطلع العام الماضي، وتوقف إجراء التحاليل الجينية بالكامل منذ فبراير/ شباط الماضي.
وبعدما نظم مرضى ضمور العضلات وقفات احتجاج في أكثر من موقع، أحدها أمام مقر حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، أصدرت الحكومة في أغسطس الماضي تعليمات بتوفير معامل جينية خاصة بمرضى ضمور العضلات وعائلاتهم، وبدء إجراءات استيرادها، والاستمرار في إجراء التحاليل الجينية للمرضى، واستكمال علاج الحالات التي يقل عمرها عن سنتين في شكل عاجل.
كما وجهت الحكومة بضرورة توفير الأدوية الخاصة بالمرض من خلال الشركات المصنّعة، وتنفيذ برنامج العلاج الطبيعي داخل ليبيا من خلال الاتفاق الذي أبرمه جهاز تطوير الخدمات العلاجية الحكومي مع شركات متخصصة.
وفيما أعلنت رابطة مرضى ضمور العضلات أنها اتفقت مع الحكومة على تشكيل لجنة وطنية للشروع في تأسيس معمل للتحاليل الجينية داخل ليبيا، والاستعجال في توفير الأدوية في شكل مستمر، وتخصيص مبالغ مالية من أجل إرسال أطفال مصابين بالمرض لتلقي الحقنة الجينية في الخارج، انتقدت الرابطة، في منشور على "فيسبوك" وعود الحكومة التي "لا تزال حبراً على ورق".
وأكدت الرابطة، في المنشور، توقف التحليل الجيني، وتجميد ايفاد إلأطفال للعلاج في الخارج، وتوفير الأدوية والرعاية الصحية. وأشارت إلى وفاة ستة مرضى منذ أن اجتمعت مع الحكومة في أغسطس.
وذكرت الرابطة أن عدد مرضى ضمور العضلات بلغ 739، وأن سوء أوضاعهم الصحية أدى الى وفاة كثيرين. وتقول أم أروى عموش، وهي والدة طفلة مصابة بمرض ضمور العضلات، لـ"العربي الجديد": "يزداد الوضع سوءاً في ظل غلاء تكاليف علاج المرضى في الخارج، في مقابل عدم وجود مراكز متخصصة لعلاج هذا النوع النادر من الأمراض. والتفاف أهالي المرضى حول الرابطة وجهات أهلية أخرى يشير إلى الصعوبات التي يواجهونها في التعامل مع المرض وتكاليف العلاج".
ويذكر طبيب أمراض المخ والأعصاب أمحمد الغزالي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الجهات مثل جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية الحكومي تعاقدت مع مراكز طبية أوروبية مهمة، ونسقت وصول فرق طبية من إيطاليا وسلوفاكيا عاينت مرضى. لكن هذه الجهود لا تستطيع وحدها مواجهة المخاطر الكبيرة المحدقة بحياة مرضى هذا النوع النادر من الأمراض".
يتابع: "تعاقدت الحكومات سابقاً مع مستشفيات في مصر، وأوفدت 22 طفلاً لتلقي حقن مهمة جداً لمن لم يتجاوزوا عمر عامين، لكن هذا العدد لم يمثل إلا نسبة قليلة من عدد المرضى الذين لا ينحصرون في هذه الفئات العمرية، والتي لا يعرف مصيرها".
ويشدد الغزالي على أهمية التحليل الجيني لتحديد الخلل تمهيداً للسماح للطبيب بمتابعة حالات المرضى. ويشير إلى أن معامل التحاليل الجينية توفرت نسبياً لأشهر في ليبيا بعد عام 2022، ثم توقفت عن العمل كلياً منذ مطلع العام الجاري.
ويلفت إلى أن "الخلل الذي يعانيه بعض المرضى بات معروفاً، ويتطلب فقط استمرار حصولهم على الدواء. وقد أنتجت مختبرات دولية حقنة لجين سليم بدلاً من الجين المختل ما ينهي مشكلة المرض، فلماذا كل هذه المعاناة والتعقيدات الإدارية التي لا تمثل الا صوراً واضحة للإهمال؟ لا يتطلب الحل أكثر من بناء مركز يديره كادر حديث يوفر علاجات حديثة لتجاوز المحنة، خصوصاً أن العدد الإجمالي للمرضى ليس كبيرا".