خلفت سلسلة الزلازل التي ضربت جنوبي تركيا فجر الاثنين، احتياجات كثيرة تتنوع بحسب كل منطقة، إذ شمل الدمار 10 ولايات، وأدى إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف، وانهيار نحو 5 آلاف مبنى.
ويتطلب إنقاذ آلاف المحاصرين تحت الأنقاض أعداداً أكبر من فرق الإنقاذ والإسعاف، خاصة في ولايات هاتاي وقهرمان مرعش وغازي عنتاب التي تضررت بشكل كبير من الزلزال.
بدأت سلسلة الزلازل التي ضربت المنطقة بزلزال قوته 7.7 درجات على مقياس ريختر، وبعد نحو تسع ساعات ضرب زلزال آخر كبير بقوة 7.8 درجات، فضلاً عن عشرات الزلازل الارتدادية، والتي وصلت قوة بعضها إلى 6.6 درجات، وشملت الأضرار ولايات قهرمان مرعش، وأدي يامان، وغازي عنتاب، وشانلي أورفة، ودياربكر، ومالاطية، وعثمانية، وأضنة، وهاطاي، وكيليس.
وكشف الزلزال عن حاجات متنوعة، تشمل الإنقاذ والغذاء والمأوى والعلاج، فبينما تركزت الاحتياجات في ولايات مثل عثمانية على المواد الغذائية، كانت ولايات هاطاي وقهرمان مرعش وغازي عنتاب بحاجة إلى أعداد أكبر من عناصر الإنقاذ مع توالي نداءات الاستغاثة، وخصوصاً في مدينة أنطاكيا التي يقول شهود عيان إنها انهارت تقريباً كليّاً.
وتحدث نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، عن مشاركة أكثر من 11 ألف من فرق البحث والإنقاذ التابعة لإدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، وقال خلال مؤتمر صحافي في العاصمة أنقرة، الاثنين، إن هناك "حاجة إلى الرافعات والحفارات، وتم التعامل مع الطلبات، وتحويل معدات من بقية الولايات، كما أن جهود الإيواء تتواصل، و354 ألفا تم استضافتهم في مؤسسات رياضية وتعليمية، والهلال الأحمر يقدم وجبات غذائية، كما تم إرسال محولات لتوفير الطاقة الكهربائية باعتبار أنها أساس التواصل، ويجري العمل على إصلاح شبكات الغاز الطبيعي، لكن يحتاج الأمر إلى عدة أيام للتحقق من سلامة الشبكات، وهناك صهاريج وقود تنقل إلى المنطقة ليتم حل أزمة الوقود، لكن لازالت المواصلات صعبة بسبب الأحوال الجوية وتواصل هطول الثلوج".
بدوره، أكد رئيس الهلال الأحمر التركي، كرم كنك، في تصريحات تلفزيونية، أن "هناك صعوبات في الوصول إلى المناطق المتضررة من الزلازل بسبب سوء الأحوال الجوية، كما أن هناك فوضى بسبب زلزالين كبيرين تركا آثارا واضحة في الولايات المتضررة، ومواجهة كارثة بهذا الحجم تتطلب دعما دوليا. الامتحان كبير، ونواصل العمل على توفير الإيواء، وتقديم الغذاء، وكانت هناك حاجة للدماء، وجرى التبرع بكثافة من المواطنين، وربما نحتاج إلى المزيد خلال الأيام المقبلة".
وكشف المسؤول الكبير في وكالة "آفاد" الحكومية، أورهان تاتار، في تصريح صحافي، أن أعدادا أفراد فرق الإنقاذ يبلغ قرابة 25 ألفاً، من بينهم أكثر من 10 آلاف عنصر من "آفاد"، وأكثر من 14 ألف متطوع، و4400 عسكري، وبمشاركة نحو 3 آلاف آلية ثقيلة، وأكثر من 5 آلاف آلية متنوعة.
توقف الخدمات الأساسية يفاقم معاناة متضرري الزلزال
تختلف الحاجة بحسب الولايات، ففي ولاية غازي عنتاب، يقول الصحافي عبد الله سليمان أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إن "معظم المحال مغلقة في المدينة، وهناك حاجة للخبز، ومحطات الوقود مزدحمة، وبعضها أغلقت، وانقطعت الكهرباء في مناطق كثيرة، وانقطع الغاز عن كل الولاية، والمياه أيضاً انقطعت، كما أن هناك حاجة لتشغيل الاتصالات التي انقطعت، ويتم إيواء المنكوبين في الجوامع وأبنية الخدمات الاجتماعية والصالات الرياضية والمدارس، وهناك أضرار كبيرة في المنازل، والأهالي المدينة خائفون، ويوجهون نداءات عاجلة لإنقاذ من هم تحت الأنقاض، فهناك نحو 700 بناء منهار".
ويقول الصحافي أحمد أوزتورك، من ولاية قهرمان مرعش، لـ"العربي الجديد"، إن "الحاجات الأساسية هي الغذاء، والبطانيات للتدفئة في ظل الطقس البارد، إضافة إلى المياه، وخيام إيواء المنكوبين، فأغلب الناس في الخارج، ولا يأمنون البقاء في منازلهم، فضلاً عن زيادة أعداد فرق الإنقاذ. أعداد كبيرة من الناس يودون تقديم المساعدات، لكن الأمر يحتاج إلى تنسيق أكبر في عمليات إيصال المساعدات بعد تعرض بعض الطرق للتصدع، وتعطل الاتصالات أحد المشكلات التي تؤدي إلى صعوبة التواصل بين المنكوبين وفرق الإنقاذ".
ومن ولاية عثمانية، يقول الطبيب محمد جران لـ"العربي الجديد"، إن "الحاجة الأساسية في الولاية هي المواد الغذائية، وقد تم إسكان المنكوبين في مناطق آمنة، لكنهم يحتاجون إلى المساعدات الغذائية، فضلاً عن مستلزمات الوقاية من البرد".
وأعلن رئيس بلدية هاتاي، لطفي ساواش، أن أكثر من 1200 مبنى تهدم في الولاية، وخاصة في مدن أنطاكيا وكركهان واسكندرون، مضيفاً أنه "لا يمكن الاعتماد على الروافع والآليات لما تمثله من مخاطر على حياة العالقين تحت الأنقاض، وبالتالي هناك احتياج عاجل لفرق الإنقاذ، خاصة أن درجات الحرارة تصل إلى 2 تحت الصفر في الليل، ما يشكل مخاطر على حياة العالقين تحت الأنقاض".
عشرات من قصص النجاة من تحت أنقاض الزلزال
تمكن التركي سادات فرحات من النجاة من تحت أنقاض منزله في ولاية غازي عنتاب، بمساعدة الجيران، ويقول لـ"العربي الجديد": "استيقظت على وقع الزلزال، وحاولت الهروب. لكن بدأ المنزل بالتداعي، وشعرت أن شيئا سقط على رأسي، ثم علقت في الداخل. بعد عدة ساعات، تمكن الجيران من إزالة الأنقاض وإخراجي، وعندها لاحظت جرحاً في رأسي، ونُقلت إلى المستشفى، وأشكر الله أنني نجوت، وأتمنى نجاة كل العالقين".
ومن ولاية هاطاي، يروي محمد حجي أوغلو الذي فقد أفراداً من أسرته، لـ"العربي الجديد": "شعرت بالزلزال أثناء النوم، فحاولت الخروج مع والدي، لكننا علقنا داخل المنزل، كما بقيت أمي وأختي داخل المنزل، ثم غبت عن الوعي، وبعد فترة شعرت بوجود حركة من حولي. أخرجني أحد أقاربي، وقد أصبت بجروح عدة، وعلمت أن والدي توفي نتيجة إصابته، فيما لا تزال أمي وأختي تحت الأنقاض، وما زلت أجد صعوبة في استيعاب ما حصل".