أسفر زلزال بقوة 6.6 درجات على مقياس ريختر ضرب ولاية إزمير غربي تركيا، أمس الجمعة، عن مقتل 25 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 800.
وقع الزلزال بعمق 16.54 كم داخل بحر إيجه في المياه الدولية على بعد 17.26 كم عن منطقة سفري حصار التابعة للولاية، كما لحقت هزات ارتدادية بالزلزال بلغت 521 هزة، من بينها 37 هزة فوق 4 درجات، ومنها زلزال بقوة خمس درجات، بحسب مركز إدارة الكوارث والطوارئ الحكومية، كما أدى الزلزال إلى حصول موجة تسونامي صغيرة أدت لحالة وفاة واحدة، بعدما انسحبت المياه إلى البحر وعادت موجة غمرت الشوارع في بعض المناطق السياحية. وتواصلت اليوم عمليات الإنقاذ بحثاً عن أحياء، وسط مطالب بتوفير الهدوء التام من أجل الإصغاء لأيّ أصوات استغاثة قد تأتي من العالقين.
وقال وزير البيئة والتمدن، مراد قوروم، إنّه جرى إنقاذ 100 شخص من تحت الأنقاض حتى ساعات الصباح، في حين لم تتوفر إحصائية حتى الآن عن عدد المفقودين من جراء الزلزال، أو إحصائية للعالقين تحت الأنقاض.
فور وقوع الزلزال، استنفرت الدولة جميع أجهزتها وشكلت غرفة إدارة أزمة، وانتقل الوزراء إلى المنطقة، وجرت عمليات إنقاذ شملت 17 مبنى انهار بالكامل. وتولى المهام أكثر من خمسة آلاف عنصر إنقاذ، و20 كلباً مختصاً، مع تخصيص 751 مركبة متعددة الاستخدامات لتقديم المساعدة والمأوى للمحتاجين والمتضررين. كذلك، أرسلت طائرات مروحية ونقلت طائرات شحن عسكرية مستلزمات الإنقاذ، واستنفرت فرق في القوات البحرية، وتم توفير آلاف الخيم وعشرات الآلاف من الأسرة والبطانيات، والاحتياجات المرافقة لها من قبل إدارة الكوارث والطوارئ، والهلال الأحمر التركي، كما جرى تحويل مطابخ متنقلة توفر الطعام لعشرات الآلاف.
بالتوازي مع ذلك، عملت فرق تابعة لوزارة البيئة والتمدن على تثبيت الخسائر والأضرار وحصرها، فضلاً عن فرق من وزارة الزراعة والغابات، في حين حذر مركز إدارة الكوارث والطوارئ المواطنين من عدم دخول المباني المتضررة حرصاً على سلامتهم، وخوفاً من تسرب للغاز في الأماكن المتضررة. كذلك، وجهت الدعوات لاستخدام شبكة الإنترنت وعدم تشغيل الخطوط الهاتفية لتسيير عملية الإنقاذ والدعم بسلاسة، كما أعلن وزير التعليم ضياء سلجوق، أنّ العملية التعليمية في جميع المدارس على مستوى الولاية تم تعليقها لأسبوع من أجل تضميد الجراح في الولاية المنكوبة.
وفي الوقت الذي تلقت فيه تركيا التعازي والمواساة من مختلف دول العالم، وعرض إمكانية المساعدة لها، كان لافتاً العرض المقدم من قبل اليونان التي شعرت أيضاً بالزلزال بشكل قوي من دون تسجيل ضحايا، فقد أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أهمية التضامن بين بلاده وتركيا، إذ أشار في تغريدة عبر "توتير" إلى إجرائه اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتقديمه العزاء في سقوط ضحايا، جراء الزلزال الذي هز كلا البلدين، وخلال المحادثة، تبادل إردوغان وميتسوتاكيس التمنيات بالسلامة للمتضررين من الزلزال في البلدين، وأعرب إردوغان عن استعداد بلاده لتقديم المساعدات لليونان إذا لزم الأمر، وكذلك كان الأمر في اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين.
على صعيد السكان، قال المواطن التركي تيومان جونيد آجار: "كنت خلال الزلزال في أحد المتاجر الكبرى، عندما بدأت الأغراض بالسقوط من الرفوف. كانت والدتي في المنزل، لكن عندما عدت كانوا قد خرجوا جميعاً إلى الشارع، وفي الوقت الذي دخلت لإحضار بعض الأشياء من المنزل حصلت هزة ارتدادية، فرأيت تشققات في الأعمدة داخل المبنى، واستمر الاهتزاز نحو 45 ثانية". بدورهم، نقل مواطنون عرب مقيمون في الولاية، أجواء من الرعب سادت بين السكان، إذ خرج الجميع إلى الشوارع، مع تصدع في بعض المباني وانهيار بعضها.
من جهته، قال البروفسور ناجي غورو، الخبير في الزلازل وعلوم الأرض، إنّ "هذا الزلزال كان منتظراً، وعلى ولاية إزمير أن تتحضر لمزيد من الزلازل، على المديين المتوسط والبعيد". وتابع: "وقوع زلزال بقوة 6.9 درجات يعني خروج طاقة من باطن الأرض، على علاقة بخط انكسار فالق مجاور، ففي إزمير أكثر من فالق". في المقابل، يقول البروفسور جنك يالتراك، عضو الهيئة التدريسية في "جامعة إسطنبول التقنية" لـ"العربي الجديد": "هناك عدة خطوط فالق في بحر إيجه، والموقع الذي وقع فيه الزلزال بعيد عن مركز الولاية، لكن كان ينتظر حصول موجة تسونامي تضرب الجزر، وبحسب الموقع وحجم الانكسار يتحدد حجم الموجة". يشير إلى أنّ "المعلومات المتوفرة حالياً قليلة لدى الخبراء الأتراك، لأنّ الزلزال وقع في المياه الدولية، في منطقة تختلف فيها اليونان وتركيا، ولم تجرِ في هذه المنطقة أيّ أبحاث، لذلك لا معلومات كافية عن طبقة قاع البحر، ووفقاً لذلك لا يمكن توقع حدوث الزلزال". ويؤكد أنّ "لا تأثير لهذا الزلزال على مدينة إسطنبول، لأنّ خطوط الفالق في المنطقتين محتلفة تماماً، فإسطنبول تنتظر زلزالها ولا يجب الانخداع بأنّ زلازل كهذه قد تريح مدينة إسطنبول، بل يجب البقاء متيقظين من خطر وقوع زلزال في إسطنبول بأيّ وقت".