بعبارات استفزازيّة، طُويت "عشائرياً" جريمة قتل المرأة اللبنانية الشابة زينب علي زعيتر، وهي أمّ لثلاثة أطفال أكبرهم لا يتجاوز أعوامه السبعة، على يد زوجها حسن موسى زعيتر وأمام أعين أطفالها.
والجريمة المروّعة التي تأتي في سياق مسلسل مستمر من جرائم العنف الأسري التي تذهب ضحيتها نساء عديدات في لبنان، وقعت فجر يوم السبت الماضي في منطقة صحراء الشويفات الواقعة إلى الجنوب من العاصمة بيروت، أثارت حفيظة كثيرين، لا سيّما عقب انتشار تسجيل فيديو المصالحة العشائريّة بين عائلة المغدورة وعائلة القاتل. فقد ظهر شقيق الضحية حسن علي زعيتر الشهير بـ"حسّونة" وهو يفتح مقهى صهره القاتل ويفاخر بما ارتكبه الأخير، قائلاً "يلّي عمله كنت أنا رح أعمله!" (كنت سوف أقوم بما أقدم هو عليه)، على وقع التبريكات والإشادة بموقفه "المشرّف" وبـ"غسل العار" المزعوم.
تعدّدت الروايات حول الجريمة المرتكَبة، وقد أفاد مصدر مقرّب من العائلة "العربي الجديد" بأنّ "الزوج أقدم على قتل زينب بنحو عشر رصاصات أمام أطفالها، بعدما فتح هاتفها ووجد صورة نشرتها عبر تطبيق سناب شات من دون حجاب، بحسب ما علمنا. أمّا المتداوَل حول خيانة المجني عليها زوجها، فهي مجرّد ادّعاءات عارية من الصحة". وحمّل المصدر ذاته ذوي الضحية مسؤولية "التحريض الأساسي"، شارحاً أنّ "هؤلاء أعطوه الضوء الأخضر لقتلها بعدما أخبرهم بما عرفه عنها، إذ قالوا له: إن لم تفعلها أنت سوف نفعلها نحن".
وقال المصدر المقرّب من العائلة إنّ "الجاني الذي كان يعمل أيضاً سائق فان (حافلة ركاب صغيرة)، فرّ إلى خارج البلاد مباشرة بعد ارتكابه جريمته، تاركاً زوجته على السرير مضرّجة بدمائها. وقد حُكي عن توجّهه إلى سورية أو ألمانيا حيث يقيم شقيقه، في حين عُلم أنّ الأطفال الثلاثة موجودون في بلدة والدهم، أي في حدث بعلبك (شرق)".
أضاف المصدر أنّ "زينب البالغة من العمر 28 عاماً كانت قد تزوّجت بحسن عندما كانت تبلغ 13 عاماً، وهي يتيمة الأمّ منذ زمن بعيد، ولديها أخ وأخت"، مشيراً إلى أنّه "لم يصدر عن والدها أيّ تعليق على الجريمة البشعة".
وتابع المصدر نفسه أنّ "الضحية دُفنت في مقبرة حيّ السلم (منطقة قريبة من مكان وقوع الجريمة)، في الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون إقامة تعازٍ" حتى تاريخ كتابة التقرير، ولفت إلى أنّ "تسجيل فيديو المصالحة الذي بُثّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي هو، بحسب ما أُشيع، رسالة لإنهاء القضية ولفلفتها، في حين يرى آخرون أنّه مجرّد مناورة من شقيق الضحية لإسقاط حقّه القانوني لدى القضاء، وبالتالي الثأر بنفسه من القاتل في وقت لاحق".
وممّا ورد في تسجيل الفيديو: "يا ربعنا الحاضر يعلم الغايب.. حسّونة وحسن موسى إخوة.. شرف واحد.. حسن موسى غسل عاره وعار حسّونة"، كما تخللته الإشادة بجهود "الشباب الطيبة" وبـ"إنجاز" حسّونة، وقد دُعي إلى "المشي مرفوع الرأس".
وأعربت امرأة من أهالي المنطقة فضّلت عدم الكشف عن هويتها عن سخطها إزاء "الفيديو المشين الذي يبارك لشقيق الضحية تآمره على دم شقيقته المغدورة"، وقالت لـ"العربي الجديد": "دمي يغلي عليها. بكيت عليها كثيراً، ويا ليتني كنتُ قادرة على حمايتها. فما من سبب يبرّر القتل والجريمة، لكنّنا نعيش للأسف في غابة تشرّع كلّ الارتكابات تحت حجّة الشرف"، أضافت: "وثمّة من يدافع عن القاتل من خلال الردّ: أتعرفون لماذا قتلها؟".
وتابعت المرأة نفسها: "نعيش بين العشائر في منطقة الشويفات، ونسمع كلّ يوم أو يومَين إطلاقاً للرصاص أو تردنا أخبار عن وقوع إشكالات"، وأشارت إلى أنّه "عقب وقوع الجريمة التي أودت بحياة زينب، سمعناهم يحتفلون بمقتلها ويطلقون الأعيرة النارية والمفرقعات. للأسف، ثمّة من يقتل ويسرق ويفرض خوّات ويتاجر بالمخدّرات والممنوعات، وفي النهاية يتحدّث عن الشرف وغسل العار".
في سياق متصل، عمد ناشطون وناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مشاركة منشورات وتغريدات مستنكرة للجريمة تحت وسم "أوقفوا قتل النساء"، كما تداولوا تسجيلَي فيديو، الأوّل للمصالحة والثاني يظهر فيه شقيق الضحية وهو يبكيها.
وقد عبّر الناشطون والناشطات عن قلقهم من أن "يستفيد القاتل من العذر المخفّف الوارد في قانون العقوبات اللبناني لجهة جرائم الشرف، وذلك بادّعاءات كاذبة تؤكّد أنّنا ما زلنا نعيش في عصر الجاهلية، حيث لا قيمة لحياة المرأة".
أيضاً طاولت التنديدات "استمرار ثقافة الإفلات من العقاب وتبرير العنف بحقّ النساء في لبنان، من منطلق مفاهيم ذكورية تشرّع جرائمه أو ربط أفعال الجاني بحالات عصبية ونفسية دفعته إلى الغضب والضرب والقتل". يُذكر أنّه من اللافت إقدام عدد من الناشطين والناشطات على حذف منشوراتهم حول القضية عن مواقع التواصل الاجتماعي في أوقات لاحقة.