لم يخفِ الفلسطيني أمجد عبيد، من بلدة العيسوية في وسط القدس المحتلة، حزنه عند تسليم نجله عبد الله (16 سنة)، الثلاثاء، إلى مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي، ليمضي في السجن شهرين، بعد قطع عقوبة الحبس المنزلي التي أمضى منها أربعة أشهر بين جدران منزله تحت طائلة الاعتقال الفوري.
اعتقل الاحتلال عبد الله في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بدعوى مشاركته في إلقاء الحجارة على جنوده، الذين اعتادوا استباحة بلدة العيسوية، والاعتداء على من يصادفهم في طريقهم. تعرض الطفل في ذلك اليوم للضرب المبرح من قبل جنود الاحتلال قبل اعتقاله، ثم أطلق سراحه لاحقاً، ليمضي عقوبة الحبس داخل المنزل، وجرى إخضاعه لمراقبة والديه، وتحميلهما مسؤولية خرق أمر الحبس إذا غادر المنزل.
يقول أمجد عبيد لـ"العربي الجديد": "كان الحبس المنزلي بالنسبة لعبد الله عقوبة أقسى من الحبس في سجون الاحتلال، وكان على قناعة بأنه مهما طالت فترة الحبس المنزلي، فسيمضي مدة أخرى في السجن، فاختار أن يختصر الطريق ويسلم نفسه كوسيلة للخلاص من مطاردة الاحتلال له، واليوم، جمع حاجياته ورافقناه أنا ووالدته وإخوته إلى السجن بدلاً من أن نرافقه إلى مدرسته التي فتحت أبوابها اليوم مجددا بعد إغلاقها لشهور بسبب جائحة كورونا".
وقالت والدة عبد الله التي ودعته بالدموع على باب السجن، لـ"العربي الجديد": "عشنا أصعب لحظة ونحن نودعه على عتبة السجن. ليس سهلاً علينا تسليم أولادنا للاحتلال، ومع ذلك ما زلنا نستذكر فترة الحبس المنزلي. كانت لحظات صعبة أيضاً علينا وعليه، إلى أن قرر أن يحبس فعلياً، على أمل أن يغادر كابوس حبسه في المنزل. سيحرم ابني من دراسته هذا العام، إذ حين سيخرج من سجنه سيكون العام الدراسي قد انتهى".
#الاحتلال يصدر حكما على الطفل عبد الله أمجد عبيد من #العيسوية (15) عام بالسجن الفعلي لمدة شهرين علما أنه يخضع للحبس المنزلي منذ أربعة أشهر، وسيسلم نفسه يوم الإثنين القادم
— Samer Zaneen #Gaza press (@SamerZaneen) March 13, 2021
الفيديو لحظة اعتقاله في ٢٦ أغسطس / آب ٢٠٢٠ pic.twitter.com/B5QB1wnvzc
يذكر أن الحبس المنزلي عقوبة تفرضها المحاكم الإسرائيلية، وتقضي بمكوث الشخص لفترات محددة داخل منزله، أو في منزل أحد الأصدقاء أو الأقرباء، بشكل قسري، وقد يمدد الاحتلال الحبس المنزلي لفترات جديدة، وكل من يخالف يتعرض لعقوبات إضافية، ما جعل من بيوت المقدسيين سجونًا لهم، وليمثل الحبس المنزلي عقوبة أكبر من السجن الفعلي؛ فهو يقيد المحبوس وكفلاءه، ويخلق حالة من التوتر الدائم داخل المنزل، وخاصة عندما يكون المستهدف طفلًا، لما يخلفه من آثار نفسية واجتماعية عليه.
وتلجأ سلطات الاحتلال إلى الحبس المنزلي للأطفال بعمر دون 14 سنة، لأن القانون الإسرائيلي لا يجيز حبسهم خشية التعرض للانتقادات الحقوقية الدولية، وتفيد الإحصاءات الصادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، بأن عدد الأطفال المقدسيين الذين صدرت بحقهم أحكام بالحبس المنزلي بلغ 120 طفلاً خلال عام 2019، و90 طفلا في عام 2018، و95 طفلًا خلال 2017، و78 طفلًا خلال 2016، و60 طفلًا خلال 2015.
ويعد الحبس المنزلي مخالفا لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني ولكل المواثيق والأعراف الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقيات جنيف الأربع.