من العمل في الخدمة الاجتماعية إلى تصميم الأزياء، انتقلت سعاد عفانة لتتمكن من الصمود وسط انتشار كورونا. واختارت الأزياء الوقائية لمواكبة السوق في غزة
توقفت قطاعات عدّة عن العمل بعد انتشار جائحة فيروس كورونا في قطاع غزة، خصوصاً قطاعات الإنتاج المحليّ. لكن مع عودة الحياة الموقتة، وسط إجراءات احترازية، وتحديد أوقات حظر التجول، بدأ عددٌ من السكان بالابتكار لتمكين أعمالهم من الاستمرار بما يواكب حاجات السوق. وكانت مصممة الأزياء، سعاد عفانة، من الذين برزوا بإنتاج الملابس وأدوات الوقاية من فيروس كورونا.
سعاد عفانة، هي خريجة تخصص خدمة اجتماعية. عملت أخصائية اجتماعية ومنسقة برامج للمرأة في العديد من مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات دولية. أسست شركة قبل 3 سنوات لتصميم الأزياء المهنية بمختلف التخصصات الطبية ولمهنٍ أخرى. استطاعت أن تبرز وجودها في سوق العمل من خلال استغلال أزمة فيروس كورونا لإنتاج أزياء المهن الطبية، وأزياء العاملين في المطاعم وأزياء خاصة بالأطفال في المدارس والروضات، وأزياء خاصة للعاملين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وهيئات الإغاثة وغيرها.
أول طلب أزياء تلقته، كان لصالح المركز الإيطالي الثقافي، حيث أنتجت مجموعة من الكمامات القماشية المطابقة للمعايير الصحية، لتوزيعها على الأسر التي تستهدفها برامج المركز. أنتجت 20 ألف كمامة في شهر مارس/ آذار من العام الماضي، ثم أنتجت لصالح مؤسسة أخرى 20 ألف كمامة على دفعات لصالح الأسر في غزة. ثم انطلقت لإنتاجات متعددة من أدوات الوقاية لصالح عددٍ من المؤسسات منها وزارة الصحة في غزة. تقول عفانة لـ "العربي الجديد": "أنتج الأزياء المهنية وفق دراسة تحليلية لنوعية القماش والتفصيل، مع طبقات عازلة للبكتيريا والفيروسات. كذلك، أزياء المهن الطبية والملابس الواقية التي يستخدمها الطاقم الطبي أنتجها بعدّة تصميمات وأحجام مختلفة".
وتشير إلى أنّه كان يعمل معها 15 عاملاً لإنجاز المنتجات والأزياء الوقائية لمواجهة الجائحة في غزة، لكنّ مع انتشار كورونا بشكلٍ كبير وسط قطاع غزة في 24 أغسطس/ آب الماضي، توقف عملها موقتاً، وغزت منتجات وأدوات الوقاية المستوردة الأسواق والمحال، الى جانب توقف الكثير من القطاعات. أمضت شهرين من دون عمل، لكنّها عادت لخدمة زبائنها بشكلٍ فردي الى جانب زبائن آخرين تستهدفهم عبر السوق الإلكتروني. وتقول: "أركّز على المهن الطبية خصوصاً الوقائية، في الفترة الأخيرة، لمواكبة حاجة السوق والتخصصات الطبية. لكن مثل كلّ القطاعات تأثرت بالأزمة، إلا أنني أتابع الإنتاج لزبائني، كذلك، أستغل فترة الركود لتطوير المنتجات. انضممت لمنظمة الموضة العربية، إلى جانب التطوير الدائم الذي يرافقني من خلال الحصول على دورات متخصصة سواء في مصر أو عن بُعد".
وعن كيفية ايجاد هذه الفكرة البديلة للعمل في عالم الأزياء، تروي أنّها كانت تميل إليها، لأنّها كانت تشاهد والدها، الذي كان يملك مصانع للخياطة وتصميم الأزياء. لكنّها دخلت عالم التدريب في هذا المجال بالصدفة، إذ كان الاحتلال الإسرائيلي متواجداً في قطاع غزة ويفصل محافظات القطاع من خلال 5 حواجز للتفتيش، وكان في بعض الأيام يحظر التنقل بين المحافظات. في ذلك الوقت، كانت تعمل في محافظة دير البلح وهي تقيم في محافظة رفح جنوب قطاع غزة. تقدمت بطلب كي تحلّ مكان مدربة الخياطة التي كانت تعمل في نفس المركز في رفح. وبالفعل، نجحت تجربتها الاولى في التدرب على الخياطة. استمرت إلى جانب عملها في الخدمة الاجتماعية بتدريب النساء على الخياطة وتصميم الأزياء، حتى أسست عام 2017 شركة، مراكي لليونيفورم وتصميم الأزياء، بفكرة مشتركة مع شقيقها، طبيب الأسنان محمد عفانة.
تعتبر عفانة أنّ الظروف الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة في السنوات الأخيرة أضعفت المشاريع الكبيرة والمصانع والشركات الكبرى لأنّها مرتبطة بحجم الإنتاج والاستيراد ومواد الخام وغيرها. وهي تشجع المشاريع التي تلبي حاجة السوق وكذلك، المشاريع الصغيرة للنساء والشباب في قطاع غزة.
وفي ظلّ ذلك، تنتظر عفانة بعد الانتهاء من أزمة جائحة كورونا، العمل على مشاريع أخرى لتدريس تصميم الأزياء وفق المدرسة الإيطالية، في ظلّ علاقتها مع مؤسسات إيطالية جرى التعاون معها لإنتاج تصاميم ملابس وقائية. كذلك، تراقب الكثير من المواهب في هذا المجال، خصوصاً فئة الشباب في قطاع غزة. وتعتبر أنّ هذه الفئة تفتقد للمشاريع الصغيرة الداعمة لها، وبالتالي هي بحاجة للمساعدة والتدريب لتتمكن من الانطلاق في السوق.