سكان إسطنبول يستعدون للزلازل: فحص المنازل أولاً

05 مارس 2023
تدرس بلدية إسطنبول رفع مخصصات الاستعداد للزلازل (إرهان دميرطاش/Getty)
+ الخط -

بعد كارثة زلزال تركيا وسورية في 6 فبراير/شباط الماضي، تلقت بلدية إسطنبول أكثر من 120 ألف طلب من سكانها لفحص المباني بشكل عاجل، بحسب أرقام نشرها رئيسها أكرم إمام أوغلو، فيما أعلنت الحكومة أن أكثر من مليون مبنى في إسطنبول تحتاج إلى هدم وإعادة بناء ضمن مشروع التحوّل العمراني الذي ستكثف أعمال تنفيذه في المرحلة المقبلة، علماً أنها تتهم منذ سنوات المعارضة بعرقلته.
وأعلن إمام أوغلو في مؤتمر نظمته البلدية خطة لمواجهة الزلازل، تشمل أبرز نقاطها مراجعة ميزانية البلدية ورفع مخصصات الاستعداد للزلازل، وتجهيز 30 حديقة بموارد مياه وطاقة وإيواء في غضون 3 أشهر كي تشكل نقاطاً لتجمع السكان في حال وقوع زلزال، وتعديل قوانين الإعمار في المدينة لتحفيز استخدام أنظمة مقاومة الزلازل في المباني.
ولحظت الخطة أيضاً تقديم خدمة تدعيم المباني غير المتينة، وزيادة عدد عمليات كشف المباني، وإنشاء 10 آلاف شقة سكنية جديدة في الأراضي التابعة للبلدية على المدى المتوسط، وزيادة مساحة المناطق المخصصة لتجمع السكان بعد الزلزال وإيوائهم من 2450 هكتاراً إلى 7850 هكتاراً، وتجهيزها بكافة احتياجاتها لتوفير إيواء مؤقت وماء وطاقة شمسية وصناديق قمامة وأماكن لنصب الخيام، بطاقة استيعابية تكفي 4.5 ملايين شخص، وأيضاً تنظيم دورات تعليمية في البحث والإنقاذ لـ5000 شخص يتوزعون في أحياء إسطنبول.
وتستهدف حملة التدقيق في المنازل تلك التي بنيت قبل عام 2000، علماً أن أنظمة البناء تبدلت في تركيا بعد زلزال بحر مرمرة عام 1999، ويجرى تقييم المباني وقدرتها على مقاومة الزلازل وفق 5 تصنيفات تخضع لنقاط تبدأ من 0-25 عالية الخطورة، وصولاً إلى ما فوق 100 نقطة منخفضة الخطورة.
يأتي ذلك في ظل تحضيرات أجرتها الحكومة لعقد مؤتمرات وندوات من أجل الزلازل، فيما قررت البلدية إنشاء لجنة علمية للنظر في أوضاع الأحياء في إسطنبول، وتقديم تقرير لها خلال شهرين. كما تحوّلت أنظار الحكومة أكثر نحو إسطنبول مع اقتراب الانتخابات من أجل تحسين سمعتها قبل انتخابات مايو/ أيار المقبل.
ويفيد أغلب خبراء الزلازل في تركيا بأن زلزالاً بقوة أكثر من 7 درجات على مقياس ريختر سيضرب مدينة إسطنبول بسبب الصدع الذي يعبر بحر مرمرة. وتعد أحياء كوجوك جكمجة وبويوك جكمجة وأوجلار بين المناطق الأكثر تهديداً نظراً إلى أرضيتها اللينة، ما يتطلب تطبيق خطة عاجلة تشمل البنى التحتية وعمليات الإنقاذ والإطفاء والإسعاف وخطة للمواصلات وفتح الطرقات وتحديد أماكن للتجمع.

تدرس بلدية إسطنبول رفع مخصصات الاستعداد للزلازل  (إرهان دميرطاش/ Getty)
تشمل حملة التدقيق في المنازل تلك التي بنيت قبل عام 2000 (إرهان دميرطاش/Getty)

ونقلت صحيفة "خبر تورك" عن البروفسور ناجي غورور قوله إن "زلزالاً تفوق درجته 7 درجات سيضرب إسطنبول مع تحديد احتمال حصوله بنسبة 64 في المائة قبل عام 2030، وبنسبة 75 في المائة خلال 50 سنة، وبنسبة 95 في المائة خلال 90 سنة، في حين يقول خبراء آخرون إن الزلزال قد يقع في أي لحظة.
ودفعت هذه التنبؤات سكان إسطنبول إلى الإسراع في التساؤل عن أحوال المنازل والمباني، خاصة أن زلزال كهرمان مرعش هدم المنازل غير المقاومة، فيما صمدت تلك التي خضعت تصميمات أساساتها للمواصفات الفنية المحددة، خاصة المباني الحكومية التي درست قواعدها بشكل جيد.
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام بأن بعض أهالي إسطنبول يخططون للسفر إلى ولايات قريبة، مثل أدرنه التي تقع على حدود اليونان البعيدة عن خطوط الصدع، لشراء منازل وأراض من أجل الاستقرار فيها. لكن التقارير لم تشر إلى أرقام محددة لهؤلاء الأهالي، لكن الأنباء جاءت في ظل ارتفاع عدد الطلبات على هذه العقارات في هذه المناطق الواقعة غرب إسطنبول.
وتتحدث سلمى دادا، مديرة أحد المباني في منطقة بيليك دوزو بإسطنبول، لـ"العربي الجديد"، عن رغبة أهالي إسطنبول في معرفة وضع المباني التي تتألف من 15 طابقاً وأكثر بعد الزلزال، وتقول: "حصل المبنى عام 2015 على تقرير من شركة هندسية متخصصة، أكد سلامته وصحة الإسمنت المستخدم في بنائه. وقد رصد التقرير كل طابق بمفرده، وعرض نتائج التقييم على البلدية التي اعتمدته في منح الرخص".

تضيف: "تجدد قلق سكان المبنى بعد الزلازل في ظل انهيار عدد كبير من المباني جنوبي تركيا. وبسبب حالة الذعر، قدمنا طلباً جديداً إلى البلدية من أجل درس وضع المبنى مجدداً. وتبلغنا من البلدية أن عملية الفحص ستكون مجانية، ونحن ننتظر دورنا إذ إن حجم الطلبات كبير جداً".
وتشدد على أن "السكان لديهم قلق كبير، لأنه رغم التعليمات والرقابة، فإن الإفلات يبدو سهلاً بطريقة ما، لذا يطلبون بسبب الحالة العامة وحرص السلطات المحلية تجديد النظر في هذه المنازل والمباني والتأكد من سلامتها".
من جهتها، تقول رانا بكير أوغلو، التي تسكن في إسطنبول، لـ"العربي الجديد": "أشعر مع جيراني بقلق شديد بعد الزلزال، خصوصاً في ظل شائعات عن أن أرضية الحي الذي نقطن فيه رملية وغير متينة، ما يهدد المباني بالانهيار في حال حصول زلزال كبير".
تتابع: "المبنى الذي أقطن فيه يعتبر حديثاً وعمره 12 عاماً، ورغم ذلك، لا ثقة لدينا ولدى الجيران بأي متعهد أو بالتقارير السابقة، ونرغب في أسرع وقت أن نعرف مصير المبنى من أجل وضع خطط بديلة للانتقال أو الاستمرار، لذا تقدمت إدارة  المبنى بطلب لمعرفة حالته الفنية في أسرع وقت".

المساهمون