استمع إلى الملخص
- تقارير من "منسقو استجابة سورية" و"هالو تراست" تشير إلى أن الألغام تشكل تهديداً كبيراً، مع تسجيل أكثر من 22 حادثة انفجار، مما يعيق عودة السكان وإعادة إعمار المجتمعات.
- دعت الجهات المعنية إلى تعزيز قدرات الفرق المختصة بإزالة المخلفات، محذرة من الاقتراب من المناطق المتأثرة، ومشددة على ضرورة الإبلاغ عن المخلفات دون لمسها.
تشهد العديد من المناطق السورية التي كانت تقع تحت سيطرة النظام السابق، انفجارات لمخلفات الحرب والألغام، ما يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا والإصابات بين المدنيين. وتشير التقديرات إلى انتشار مئات الآلاف من مخلفات الحرب والألغام الأرضية في مختلف المناطق السورية.
ويقول أسامة الحسين إنه لم يتمكن من العودة إلى قريته كفرنبل بعد تحريرها، رغم شوقه الكبير إليها، خوفاً مما وُثِّق عن وجود الكثير من الألغام في الأراضي الزراعية وبين منازل المدنيين. ويشير في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أنه بعد "سنوات من النزوح والتشرد والتحرر أخيراً من إجرام النظام، تقف الألغام حائلاً أمام العودة المنشودة. فالألغام التي زرعتها قوات النظام المخلوع تحمل في طياتها خطراً قد يؤدي إلى مقتل أو إصابة أي فرد من أفراد الأسرة. لذلك، لن نعود إلى منازلنا إلّا حين نتأكد أن العودة آمنة".
ظن الكثير من النازحين أن العودة أصبحت وشيكة بعد رحيل النظام، لكنهم اصطدموا بواقع مخيف أمام الكم الهائل من مخلفات الحرب والألغام التي كانت تنتظرهم، وهو ما أعربت عنه فدوى الضاهر التي عثرت على الكثير من الألغام في محيط منزلها المهدم الكائن في قرية كفروما. وتقول: "عندما قررنا العودة إلى قريتنا، شعرنا بأن الحياة يمكن أن تعود إلى مجراها الطبيعي. غير أن تلك المخاطر التي واجهتنا هناك حين رأيت أنّ الألغام لا تسمح نهائياً بأن يطمئن قلبي على أطفالي وهم يركضون ويلعبون في كل مكان".
وتأمل الضاهر أن يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم والعمل على إزالة مخلفات الحرب والألغام قبل أن تودي بحياة المزيد من الأبرياء، لافتة إلى أن مصيرهم يبقى معلقاً على شريط الألغام الذي يقف في طريقهم.
وكان فريق "منسقو استجابة سورية" قد أعلن، في بيان، أن انتشار مخلفات الحرب بشكل واسع في مناطق متعددة من سورية يشكل تهديداً كبيراً لحياة المدنيين وأمنهم، وتشمل هذه المخلفات الألغام الأرضية، العبوات الناسفة غير المنفجرة ومخازن الذخيرة التي تركت دون معالجة مناسبة. وأكد أن فرقه الميدانية سجلت منذ سقوط النظام السوري أكثر من 22 حادثة انفجار لمخلفات الحرب، ما أدى إلى مقتل 20 مدنياً، بينهم 3 نساء و4 أطفال، بالإضافة إلى 18 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، وبات العديد منهم يعانون من إعاقات دائمة.
ودعا الفريق الجهات المعنية إلى تعزيز قدرات الفرق المحلية والدولية المختصة بإزالة مخلفات الحرب، بما في ذلك التدريب والدعم الفني واللوجستي، مطالباً بوضع خطط متكاملة لضمان عدم عودة المدنيين إلى القرى والبلدات المتأثرة قبل الانتهاء الكامل من عمليات إزالة مخلفات الحرب، وذلك لمنع سقوط المزيد من الضحايا والإصابات بين المدنيين.
كذلك دعا الجهات الدولية المختصة، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال إزالة الألغام، إلى إرسال بعثات متخصصة لدعم السوريين في تسريع هذه العمليات وتقليل الزمن اللازم لإزالة المخلفات، محذراً من أن التأخر في إزالة مخلفات الحرب يعرّض حياة الملايين للخطر، ويعيق عودة السكان إلى مناطقهم وإعادة إعمار مجتمعاتهم.
ويوم السبت الماضي، قتل 6 مدنيين بينهم 3 أطفال من عائلة واحدة من قرية الرحيّة بريف حماة الشرقي، إثر انفجار لغم أرضي من مخلفات النظام البائد بسيارة كانوا يستقلونها بالقرب من قرية الرهجان بريف حماة الشرقي، وفق الدفاع المدني السوري.
وقال الدفاع المدني إن فرقه تسعى للحد من هذا الخطر، محذراً الأهالي من الاقتراب من المناطق العسكرية وطرقاتها، ومن مخلفات الحرب والأجسام الغريبة، والإبلاغ عنها دون لمسها أو تحريكها.
من جهتها، قالت منظمة "هالو تراست البريطانية"، المتخصصة بإزالة الألغام، إن مئات آلاف السوريين العائدين إلى منازلهم بعد سقوط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد "معرضون لخطر شديد" بسبب الألغام والقذائف غير المتفجرة. وذكر مسؤول ملف سورية في المنظمة، داميان أوبراين، أنّ "هذه الألغام منتشرة في الحقول والقرى والمدن، والناس معرضون للخطر بشكل كبير"، مضيفاً أنّ "عشرات آلاف الأشخاص يمرون يومياً عبر مناطق تنتشر فيها الألغام بكثافة".
وفي وقت سابق، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن 3 أفراد من عائلة واحدة لقوا حتفهم بانفجار لغم في مدينة تدمر بعدما عادت هذه العائلة النازحة لتفقد منزلها. وحتى الآن، تمكنت الفرق المختصة من إتلاف حوالى 592 قطعة من مخلفات الحرب، وهو ما يمثل جزءاً صغيراً جداً من المخلفات المنتشرة.
وفي عام 2023، تسببت الألغام في سورية بمقتل 933 شخصاً، لتحل بذلك في المرتبة الثانية بعد ميانمار التي حلت في المرتبة الأولى بتسجيلها 1003 ضحايا، وفق مرصد الألغام.