ارتفع معدّل الانبعاثات الصادرة عن معمل الإسمنت في محافظة طرطوس الساحلية غرب سورية، ليبلغ مستويات خطيرة، وارتفعت كميات الغبار الأبيض الناتجة عن المعمل وأصبحت تغطي النباتات.
عام 2019، أثير الكثير من الجدال حول إمكانية رفع دعاوى من قبل أهالي المصابين بالسرطان في محيط المعمل ضد شركة "فرعون" المستثمرة للمعمل، باعتبار أن التلوث البيئي قد يكون سبباً من أسباب الإصابة بالسرطان.
ويؤكد المهندس البيئي محمد إسماعيل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن العمر الافتراضي لمعمل إسمنت طرطوس انتهى فعلياً منذ نحو 20 عاماً وجرت عمليات صيانة محدودة للمعمل خلال عامي 2000 و2008، لكنّها كانت محدودة ولا تراعي البيئة أو تخفف من التلوث.
ويلفت إسماعيل إلى أنه، وفق المعطيات الصادرة عن حكومة النظام السوري، يعود إنشاء المعمل إلى عام 1975 بموجب اتفاق بين النظام وحكومة ألمانيا على ألا يتجاوز بعده عن البحر أكثر من كيلومترين، كونه يسهل إيصال المواد الأولية إلى المعمل بالإضافة إلى سهولة نقل المنتجات.
لكن في ظل الإهمال ومعايير الرقابة السيئة، بات حجم التلوث والضرر الصادر عن المعمل كبيراً. ويوضح أن هناك نوعين من الملوثات التي تنتج عن معامل الإسمنت، وترتفع في المعامل ذات العمر الافتراضي المنتهي، كما هو الحال في معمل طرطوس، من بينها غاز ثاني أوكسيد الكربون، وأكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وغاز أحادي أوكسيد الكربون. أما الملوثات الصلبة، فهي الجزيئات والدقائق الصلبة. ولهذا النوع من الملوثات أثر تراكمي خطير يحدث طفرات في الحمض النووي للنباتات ويسبب الأمراض السرطانية. وأخطر الانبعاثات هي الرصاص والصوديوم والكادميوم.
ويشير إسماعيل إلى أن الضرر كبير على البيئة والبشر، وعمليات الصيانة من تبديل فلاتر ومرشحات للمداخن لم تعد مجدية، والحل الوحيد هو إيقاف المعمل لوقف كارثة حقيقية.
ونقلت صحيفة "الوطن" في تقرير صدر عنها الأسبوع الماضي عن مدير البيئة في طرطوس علي داود أن "معمل الإسمنت كارثة بيئية وإنسانية، وكل الجهات المحلية والمركزية المعنية تعلم بالأمر، والكتب الرسمية باتت بالعشرات، وكلها تشير إلى أن نسب التلوث تفوق نسبة المسموح بها بمراحل كثيرة".
ويقول أحد سكان القرى المحيطة بالمعمل، عيسى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن كميات الغبار لا تحتمل. وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه، لن يكون أمامه سوى ترك منزله ومغادرة القرية إلى مكان أكثر ملاءمة للعيش، لافتاً إلى أن المطالبة بإيجاد حل ارتفعت عام 2016 لكن من دون أي رد.
من جهته، يقول أحد سكان مدينة طرطوس سامر الجردي إن الفساد في المعمل كبير، وقد نفدت المواد الأولية، وهناك محاولات لتسليمه إلى جيل جديد. يضيف أن المسؤولين لا يهمهم حجم التلوث أو الضرر الذي يتعرض له الناس، لافتاً إلى أن الغبار يتراكم في البيوت ويغطي الأشجار والطرقات. "الجميع بات يعلم أن الفلاتر تعمل بصفر كفاءة منذ أربع سنوات".
ويقع معمل إسمنت طرطوس شمال مدينة طرطوس على مساحة تقدّر بنحو 300 هكتار، وتسبب الانبعاثات الناجمة عنه أمراضاً في الجهاز التنفسي وأمراضاً سرطانية كما يقول الأهالي.