حُرمت كثير من العائلات في محافظة ريف دمشق، من وقود التدفئة المعدوم منذ عدة سنوات، رغم أنهم يُسجّلون أسماءهم أملاً في الحصول على الكمية المخصصة التي لا تكاد تكفي سوى عدة أيام، في ظل الحديث عن تمييز ومحسوبية يشوبان عملية التوزيع.
وخصّصت حكومة النظام السوري هذا العام 50 لتراً من المازوت لكل عائلة في محافظة ريف دمشق، ستوزّع هذه الكمية وفق برودة المنطقة، حسب ما أكد محافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدى، في تصريحات سابقة، موضحاً أنّ 55 ألف عائلة من أصل 740 ألف عائلة، حصلت على وقود التدفئة، والأولوية للمناطق الأشد برودة.
وأعلنت حكومة النظام السوري عن التسجيل على مازوت التدفئة لموسم 2022- 2023، يوم 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، وبدأ التسجيل في 14 من الشهر ذاته، موضحة أنّ الدفعة الأولى ستكون 50 لتراً، وفق البيان الذي نقلته وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري.
وشرحت وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة لحكومة النظام السوري، آليتي التسجيل عبر البطاقة الذكية؛ الأولى عبر تطبيق "وين"، حيث يفتح المستخدم التطبيق ويتوجه إلى قسم "المحروقات" بعدها يتبع خطوات التسجيل، أما الطريقة الثانية عبر تطبيق "تيليغرام" فتتم عن طريق "بوت" يحمل "مشروع البطاقة الذكية في الجمهورية العربية السورية" (@takamolSocialBot)، حيث يقصد المستخدم تبويبة "مازوت التدفئة" ويدخل المعلومات المطلوبة ومنها رقم البطاقة العائلية (دفتر العائلة) ويستكمل الإجراءات.
وعندما يحين موعد التسليم، يتلقى المستخدم رسالة نصية بهذا الخصوص، تبين مكان التسليم، وتسديد ثمن الكمية يتم وقت الاستلام. وسعر اللتر المدعم عبر البطاقة الذكية يبلغ 500 ليرة سورية (0.15 دولار) أما سعر المازوت الحر فيبلغ 2500 ليرة (0.5 دولار).
تمييز في التوزيع
لكن في الواقع، فإنّ العوائل لا تحصل على الوقود وفق التراتبية والأولوية التي تحدث عنها المحافظ، وفقاً لما قال الناشط الإعلامي من منطقة القلمون الغربي بريف دمشق مجد أمين، لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى وجود أسر محرومة نهائياً من الوقود، علماً أنّ درجة الحرارة في معظم أوقات الشتاء تنخفض عن الصفر.
وأوضح أنّ عملية التوزيع "تبدأ من العاملين في الفرق الحزبية ومن ثم عوائل المنتسبين لـ"الدفاع الوطني" والمقربين منهم، أما العوائل التي ليست لديها "واسطة" فلا تحصل على هذه الكمية، وبحال جرى الاتصال بها، يجب عليها دفع رشوة لصاحب الصهريج للحصول على الكمية كاملة"، مضيفاً "هناك عوائل تسجل على وقود التدفئة لكنها منذ أكثر من ثلاث سنوات لم تحصل على شيء، إلى جانب الانتقائية في دفاتر العائلة، فهناك عوائل تحصل على الوقود وأخرى تحرم منه".
وتعتبر منطقة القلمون الغربي الحدودية مع لبنان، من أشد المناطق برودة في محافظة ريف دمشق، وفيها تقع مدن وبلدات معلولا ورنكوس والنبك والقطيفة ودير عطية وعسال الورد وغيرها، وتنخفض فيها درجات الحرارة لما دون 10 درجات تحت الصفر خلال فصل الشتاء.
حلول بديلة
ومع عدم توفر الوقود، لجأ السكان في هذه المنطقة، إلى حلول يواجهون بها الشتاء القاسي، منهم الخمسيني عيسى أبو أحمد، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، عن معاناة الأهالي في فصل الشتاء، مشيراً إلى أنّ "كثيراً من السكان حوّلوا مدافئ المازوت لتتواءم مع إشعال الحطب والمخلفات القابلة للاحتراق، نظراً لأنّ المازوت لم يعد متوفراً، وليس بمقدور الفقراء في المنطقة شراؤه"، لافتاً إلى أنّ "الوضع المعيشي لمعظم عوائل المنطقة لا يسمح بشراء برميل مازوت يصل ثمنه إلى نحو 1.5 مليون ليرة (310 دولارات)".
بدوره لفت الناشط مجد أمين، إلى أنّ "الأهالي في عموم مناطق القلمون الغربي ومدن وبلدات ريف دمشق، يعتمدون على بقايا الكرتون، أو الأخشاب في التدفئة خلال فصل الشتاء، فالمازوت المدعوم من البطاقة الذكية غير متاح للجميع، وهذه الوسائل تسبب أمراضاً لدى الأطفال وكبار السن".
وخلال العام 2021، قالت حكومة النظام السوري إنّ كمية الوقود المخصصة للعوائل ستبلغ 200 لتر للعوائل التي لديها بطاقات ذكية، ووزعت الدفعة الأولى من هذه الكمية، وبلغت 50 لتراً، لكن العوائل التي حصلت على الدفعة الثانية بكمية 50 لتراً بلغت 30% فقط من المسجلين.