عادت العتمة لتنغّص حياة السوريين مجدداً بعدما انتهت الانتخابات، إذ زادت ساعات التقنين بشكل كبير ووصلت في بعض المناطق إلى 20 ساعة خلال الـ24 ساعة، في مقابل 18 ساعة قطع في مناطق أخرى من البلاد. ويقف المواطن عاجزاً عن تأمين البدائل في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية. ويبدو واقع الكهرباء في حلب وريفها الأسوأ بعدما وصل التقنين إلى 7 ساعات متواصلة في مقابل ساعتين يتوفر خلالهما التيار الكهربائي.
يقول أبو أحمد خطاب (46 عاماً): "حتى خلال هاتين الساعتين، قد ينقطع التيار الكهربائي أكثر من مرة، حتى أنّنا نكاد لا نشعر بوجوده. وهناك أحياء ما زالت محرومة من الكهرباء على الرغم من مرور سنوات على سيطرة النظام عليها". يضيف خطاب أنّ "انقطاع التيار الكهربائي يتسبب بشلل الحياة، فالكثير من الأعمال تتوقف، ما يعني أن العديد من الأشخاص لن يتمكنوا من تأمين قوت عائلاتهم، والبدائل مكلفة، إذ إن اشتراك الأمبير الواحد بالمولدات الخاصة يكلّف اليوم 7 آلاف ليرة سورية (نحو دولارين وربع الدولار)، علماً أن المنزل بحاجة إلى ثلاثة أمبيرات. وفي النتيجة، تحتاج العائلة إلى نحو 21 ألف ليرة سورية (نحو 6.7 دولارات) شهرياً في مقابل ساعتي كهرباء يومياً، وهذا واقع الحال منذ خمس سنوات". ويعزو المشكلة إلى "الفساد وغياب العدالة في التوزيع، بالإضافة إلى سوء شبكة الكهرباء والبنية التحتية التي نهبت القوات النظامية جزءاً منها عندما سيطرت على المدينة".
وفي حماة، يقطع التيار الكهربائي لمدة أربع ساعات ونصف الساعة، لينعم المواطنون بساعة ونصف الساعة من التيار الكهربائي بعدها، تتخللها الكثير من الانقطاعات. يقول أبو محمد وردة (51 عاماً): "مشكلتنا ليست في برنامج التقنين الطويل، بل بفترة وجود الكهرباء، إذ إن الانقطاعات المتكررة تتسبب في تعطيل الكثير من الأدوات الكهربائية"، لافتاً إلى أن "إصلاح ثلاجة أو غسالة أو غير ذلك لم يعد سهلاً بسبب غلاء قطع الغيار وارتفاع أجور الأيدي العاملة". يضيف وردة: "كنّا نعلم بأنه عقب انتهاء الانتخابات، سيكون الوضع الخدماتي أسوأ مما كان عليه قبل الانتخابات، بسبب هدر الكثير من الأموال خلال هذه الفترة. إلا أن غالبية الناس كانت تأمل بأن يستمر الوضع على حاله إلى حين انتهاء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية. لكن يبدو أن مستقبل الشباب لا يعني النظام بأي شكل".
واقع الكهرباء السيئ شملَ المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وكأن منظومة الأخير انهارت بشكل مفاجئ حتى زاد التقنين من دون أي مقدمات. في هذا الإطار، يسأل أبو عبد الله خطاب (35 عاماً)، وهو موظف في مؤسسة خاصة في دمشق، في حديثه لـ"العربي الجديد": "لماذا النظام قادر، إذا ما رغب، على توفير التيار الكهربائي 20 ساعة يومياً، ولأيام عدة؟". يضيف خطاب: "غالبية الناس غير قادرة على تأمين مصادر بديلة للكهرباء، فالطاقة الشمسية المنزلية تحتاج إلى أربعة أو خمسة ملايين ليرة سورية (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد نحو 3100 ليرة سورية)، ومعظم المواطنين غير قادرين على تحمل هذه الكلفة الباهظة، بل إنهم يعجزون عن شراء البطارية الصغيرة (9 أمبير)، التي يبلغ سعرها نحو 50 ألف ليرة (نحو 16 دولاراً أميركياً).
بدوره، يقول وزير الكهرباء لدى حكومة النظام غسان الزامل إنه ما من إمكانية لتخفيف ساعات التقنين خلال فترة امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي. لكن يمكن تخفيف التقنين في بعض المناطق إذا كانت هناك حاجة إلى ذلك، ولكن على حساب مناطق أخرى. ويُوضح أنّه في الوقت الحالي يتم إنتاج 2500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، توزع على المحافظات السورية، عازياً سبب التحسّن الطفيف في التيار الكهربائي أخيراً إلى انخفاض درجات الحرارة وانخفاض كميات الاستهلاك، باعتبار أنّ حجم الاستهلاك يلعب دوراً بارزاً في موضوع تقنين الكهرباء، متوقعاً أن يكون تقنين الكهرباء في الصيف مقبولاً.
ويلفت الزامل إلى أن بعض المولدات التي تعمل على الغاز متوقفة حالياً لعدم توفر الغاز بشكل كاف لتشغيلها، علماً أنه في حال تشغيلها، فإنها تولّد نحو ألفي ميغاواط من الكهرباء. ويوضح أنّه في حال تشغيل محطات الكهرباء المتوقفة، فإن التقنين سيكون في حده الأدنى باعتبار أن تقديرات احتياجات سورية في الشتاء هي نحو 6 آلاف ميغاواط، وتنخفض في الصيف إلى 5.5 آلاف ميغاواط. يضيف أن كميات الغاز التي تزود بها وزارة النفط وزارة الكهرباء هي نحو 8 ملايين متر مكعب يومياً، علماً أنها تحتاج إلى 18 مليون متر مكعب، لأنه من المعروف أن هناك حقول غاز تملكها قوات سورية الديمقراطية (قسد)، في حين أن 75 في المائة من محطات التوليد في سورية تعمل على الغاز، و25 في المائة تعتمد على الوقود.