دعا رئيس تجمّع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل، السوريين في البلاد إلى "تفعيل مبادرة وقوف السوريين إلى جانب الشعب التركي خلال محنته"، موضحاً أن "في ذلك واجباً أخلاقياً حيال بلد استضاف، وما زال، أكثر من 3.6 ملايين سوري، وقدم كل ما بوسعه ليعيشوا بالشروط ذاتها التي يمنحها لشعبه".
ويضيف قرنفل في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "مبادرات كهذه، وفضلاً عن كونها واجباً أخلاقياً وإنسانياً، فهي ترمم العلاقات بين السوريين والأتراك، وتقطع الطريق على التحريض وخطاب الكراهية الذي زاد استخدامه من بعض الشخصيات والأحزاب المعارضة خلال الفترة الأخيرة، مؤكداً أن مبادرة المشاركة بتشجير المناطق المتضررة من الحرائق أو جمع التبرعات، إنما تزيد أواصر العلاقة والاندماج مع المجتمع التركي، وسيكون لها آثارها الإيجابية، وخصوصاً بدحض مقولات العنصرية وتكريس الكراهية".
وكان نشطاء ومنظمات سورية قد أطلقوا حملة تضامن مع المجتمع التركي على مواقع التواصل الاجتماعي، لدعم جهود التشجير والمشاركة بإعادة الرقعة الخضراء إلى الولايات التي شهدت منذ أسبوع، وما زالت، حرائق غابات، أوسعها وأكثرها ضرراً في ولايتي أنطاكيا وموغلا، وقد أدت إلى مقتل 9 أشخاص وتهجير آلاف السكان، وقضت على ألف هكتار من المساحات الخضراء، فضلاً عن نفوق آلاف رؤوس القطعان من الأغنام والأبقار.
وكتبت شخصيات سورية في تركيا، على وسائل التواصل الاجتماعي، عن سبل المشاركة في مشروع تشرف عليه المديرية العامة للغابات في تركيا للتبرع بشتلة في مقابل 10 ليرات تركية (نحو 1.19 دولار) لتشجير المناطق المحترقة، وذلك بعد حملات عدة أطلقها مشاهير أتراك، بهدف التوعية والمساهمة مع المديرية العامة للغابات بحماية الطبيعة وإعادة تشجير المناطق المتضررة، التي رأى فيها المدير العام لمديرية الغابات بكير كاراكابي "قيمة كبيرة في زيادة الوعي بشأن حماية الطبيعة". أضاف أنه في كل عام نكافح ونقدم شهداء من أجل حماية غاباتنا من حرائق الغابات. وننفق ثروتنا الوطنية بسبب إهمال بشري بنسبة 90 في المائة.
وكانت "اللجنة السورية التركية المشتركة" قد أصدرت أمس بياناً عبّرت فيه عن تضامنها مع الدولة التركية، وجاء فيه: "باسم السوريين في تركيا، نحن منظمات المجتمع المدني السوري والصحافيين والإعلاميين والناشطين المقيمين على هذه الأرض الطيبة، نعلن جهوزيتنا المطلقة للتطوع والانضمام إلى فرق الإنقاذ وإطفاء الحرائق والدفاع المدني". وأكد "الاستعداد لتقديم الخدمات والمساعدات التطوعية اللازمة والإسهام في تخفيف آثار الكوارث عن تركيا وشعبها الشقيق".
وفيما عبّرت اللجنة المشتركة عن أسفها البالغ لما يجري في ولايات جنوبي تركي، من حرائق وأضرار للشعب التركي، تقدمت بالعزاء لأهالي الضحايا وأمانيها الطيبة بالشفاء العاجل للمصابين وتجاوز تركيا لهذه الأزمة بسلام.
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة ابن خلدون بإسطنبول، رجب شان تورك، أن "حملة السوريين وما تلاها من تبرعات ومساندة للتشجير، تعطي صورة جميلة للأتراك، أن السوريين لا يهتمون بأنفسهم فقط، بل بمشاكل المجتمع الذي لجأوا إليه ويعيشون فيه، بل أنهم باتوا جزءاً منه، يفرحون لفرحه ويتألمون لمصائبه".
ويوضح شان تورك في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "إعلان رابطة العلماء السوريين بإسطنبول، وقبلها حملة التضامن من شخصيات سورية مشهورة، هي أفعال رائعة جداً، وفيها حكمة وقطع الطريق على كل من يسعى لتعزيز الخلاف بين المجتمع التركي والسوريين".
وبحسب "وكالة أنباء تركيا"، فقد أعلنت رابطة العلماء السوريين في إسطنبول مساهمتها بحملة إعادة تشجير الغابات المحترقة في عدد من المناطق التركية. وأكدت في بيان أن "الرابطة ستساهم في حملة إعادة تشجير الغابات التي طاولتها الحرائق في عدة مدن تركية، التي يشرف عليها وقف الديانة التركي".
أضاف البيان أن "فرع إسطنبول في الرابطة سيجمع تبرعات من الأعضاء للمشاركة في هذه الحملة، علماً أن قيمة الشجرة الواحدة 10 ليرات تركية".
وكانت فرق "البحث والإنقاذ السورية" (SAK)، التابعة للمعارضة السورية، قد قدمت الدعم لأفراد إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، وقوات الجندرما التركية، في مكافحة الحرائق المستمرة في ولايات جنوب وجنوب غرب تركيا.
وقالت جمعية الفرات إنه "في إطار استجابته لنداء الواجب والإنسانية والأخوة، شارك فريق سورية للبحث والإنقاذ في مدينة أضنا التركية، في عمليات إخلاء وإسكان المتضررين من الحرائق منذ اندلاعها وحتى السيطرة عليها"، مشيراً إلى أن "عمليات الفريق جرت في غابات كوزان وألاداغ وإمام أوغلو في أضنا جنوبيّ تركيا، وذلك بالتنسيق مع أفراد إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، وقوات الجندرما التركية".
وبحسب صحيفة "الجسر" السورية، ساهم سوريون في إطفاء حرائق الغابات والمساعدة بإلقاء القبض على أحد الفاعلين، إذ استطاع خمسة شبان سوريين وسادس تركي، أول من أمس، إطفاء حريقٍ مفتعل في جبل قريب من ولاية أورفا التركية، ومساعدة رجال الأمن التركي في القبض على أحد الفاعلين.
ويقول الشاب السوري ياسين خالد الصالح، المتحدر من محافظة الرقة، إنّه وأصدقاءه الخمسة، بينهم تركي، توجهوا إلى جبل قريب من مستشفى الـ500 في ولاية أورفا التركية للتنزه. ولاحظ وجود سيارة أثارت فضوله، فحفظ رقمها ومواصفاتها، ثم اندلع حريق في إحدى الأشجار في غابات الجبل.
يضيف: "تدخلت ورفاقي لإطفاء الحريق، وتواصلت مع رجال الأمن الموجودين في المنطقة وأخبرتهم بتفاصيل ما حدث، واصطحبتهم معي إلى المكان الذي شاهدت فيه السيارة، حيث وصلت إلى طريق مسدود في الجبل. وبالفعل، فتّش رجال الأمن السيارة، وعثروا فيها على أكثر من 50 ليتراً من مشروب كحولي، تبيّن فيما بعد أنّه استُخدم في إشعال الحريق. وتمكنّوا من القبض على الفاعل، وهو تركي الجنسية، ووجدوا معه مفتاحاً للسيارة التي قاموا بتفتيشها".