استمع إلى الملخص
- **تأثير الأوضاع الأمنية على الحركة السياحية**: تأثرت الحركة السياحية في صور بالأوضاع الأمنية المتوترة، حيث تراجعت أعداد الزوار بسبب التهديدات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال الأخيرة.
- **تحديات المطاعم والمقاهي في ظل التوترات**: شهدت المطاعم والمقاهي تراجعاً في أعداد الرواد بسبب التطورات العسكرية، مما يثير قلق أصحابها حول استمرار عملهم حتى نهاية الموسم.
يتميز شاطئ مدينة صور بمياهه التي تتناغم ألوانها بطبقات مختلفة من الزرقة، وبرماله الذهبية، وبمنتجعاته واستراحاته التي تناسب جميع الفئات والطبقات الاجتماعية، ما يجعله وجهة لمحبّي السباحة والصيد وممارسة النشاطات الصيفية، وكذلك من يهوى الاستمتاع بالطعام والشراب والفواكه و"النرجيلة" على البحر، أو ممارسة ألعاب مثل كرة القدم والكرة الطائرة و"الراكيت".
مع استمرار أصوات القصف وتحليق المسيّرات والخروقات الجوية الإسرائيلية طوال فترات اليوم، تأثرت المدينة وشاطئها، إذ لا يمكن مقارنة المشهد على الشاطئ طوال الأشهر الثلاثة الماضية مع مواسم الصيف في الأعوام الماضية، فالشاطئ يشهد نشاطاً أقل، نسبة إلى الوضع الأمني في الجنوب، وعمليات الاغتيال التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإن ظل بعض الأشخاص حريصين على مقاومة المخاوف، وعلى استمرارية الحياة.
لكن الأمر اختلف عقب حادثة مجدل شمس في أواخر يوليو/تموز الماضي، وما تلاها من تطورات عسكرية، ثم اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وانتظار الردّ من محور المقاومة، ما رفع احتمالية نشوب حرب شاملة.
انعكست التهديدات الإسرائيلية على حركة الناس، خصوصاً المغتربين الذين أتوا لقضاء عطلة الصيف، والذين يخشون إقفال المطار الوحيد في البلاد. رغم ذلك، ظل العديد من الأشخاص يقصدون مدينة صور، والشاطئ بشكل خاص، على وقع خرق جدار الصوت وتحليق المسيّرات.
عند السير على الشاطئ والتحدث إلى الناس، يمكن ملاحظة أن العائلات تقصد البحر في فترة ما بعد الظهر، وتحضر معها طعامها وأغراض الترفيه، فالشاطئ مجاني، والمنظر جميل، والأولاد يلعبون، ويستمتعون بوقتهم، بدلاً من الجلوس في المنزل، ويؤكد بعضهم أن دوي القصف واختراق جدار الصوت يُسمعان من المنازل، وذلك لن يمنعهم من الاستمتاع بالحياة.
تقول ثروة فضل الله من بلدة جويا: "اعتدنا على أصوات الطيران، حتى أنّ القصف في إحدى المرات كان قرب المنزل، علماً أن منزلنا يعد بعيداً من الحدود".
جاء عباس بيطار مع صديقه من النبطية، ويقول: "أحرص على ارتياد الشاطئ باستمرار للاستمتاع، والابتعاد عن الأجواء السلبية، وأصوات القصف، فالبحر يمنحني طاقة إيجابية، ويريحني نفسياً. في الفترة الأولى من الحرب كانت الناس تخاف من هدير جدار الصوت، ما أثر على الحركة، لكن لاحقاً اعتدنا على ذلك".
يقول إسماعيل عبد الرضى (من صور) إنّ "الحركة تكون أنشط بعد أن تنتهي الناس من أشغالها. اللبناني يتأقلم مع كل شيء، حتى جدار الصوت أصبح عادياً. هناك طبعاً من يتأثر، وهناك من ينتظر جدار الصوت الثاني. الموسم يختلف هذا العام عن السنة الماضية، فشاطئ المدينة كان يشهد عادة حركة كثيفة، وحالياً نسبة الإقبال لا تتعدى 25%".
على صعيد المطاعم والمقاهي الخاصّة التي كانت تغصّ بالزبائن حتى ساعات متأخرة من الليل في السنوات الماضية، وبداية موسم الصيف هذا العام، تراجعت أعداد الروّاد خلال الأسبوعين الماضيين، وإن حافظت على مستوى أفضل في يوم الأحد، رغم الأوضاع الأمنية.
تقول داليا فرّان، وهي صاحبة خيمة سياحية، لـ"العربي الجديد": "هذه السنة هي الأسوأ مقارنة مع السنوات الخمس الماضية رغم الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد. الناس متخوفة طبعاً، والحركة بطيئة، وكلما شهدت تحسناً، تكررت الأخبار حول حصول قصف قريب، ما يؤثر علينا. التطورات العسكرية الأخيرة، والتهديدات بحرب واسعة، أدت إلى تراجع العمل كثيراً، ولا شيء واضحٌ، فزبائننا يأتون من مختلف المناطق اللبنانية، وتراجعت أعدادهم هذه السنة، علماً أن هناك أشخاصاً يأتون من النبطية باعتبار أن أصوات القصف أقوى عندهم".
وتلفت فرّان إلى أن "الموسم عادة ينتهي في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول)، لكننا لا نعرف إلى متى سنواصل فتح أبوابنا، وذلك تبعاً للتطورات، فإذا توسعت الحرب سنقفل تلقائياً، وهذا سينسحب على كل لبنان، وليس صور وحدها. الناس اعتادت للأسف، فنحن عشنا حروباً كثيرة، وأتذكر حين كانت والدتي توقظني في ساعات الفجر للذهاب إلى الملجأ، وقد مرّ علينا القصف وأصوات الطيران وجدار الصوت سابقاً، حتى أن الخروقات الإسرائيلية للأجواء مستمرة منذ ما قبل هذه الحرب، والناس قادرة على التمييز بين القصف وجدار الصوت. هذه الألفة غير المرغوب فيها تخفف من الخوف والقلق، لكن ذلك يختلف بين شخص وآخر، فهناك من يخاف، وهناك من يتأقلم".
ويقول آدم الحسيني، وهو مدير خيمة أخرى، لـ"العربي الجديد": "الموسم بدأ بشكل ضعيف في منتصف شهر مايو (أيار)، ربطاً بانتهاء دوام المدارس والجامعات، لكنه تحسّن في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، قبل وقوع الأحداث الأخيرة. أصوات القصف وجدار الصوت تكون أقوى في عطلة نهاية الأسبوع، ما يؤثر طبعاً على الحركة، فهناك أشخاص يغادرون عند سماع الصوت، وآخرون يشعرون بتغيّر مزاجهم، وهناك من يبقى".
ويشير الحسيني إلى أن "الحركة تراجعت خلال الأسبوعين الماضيين، وزبائن المطعم اليوميين نزحوا إلى الشمال أو بيروت والجبل، والعديد من السياح والمغتربين غادروا البلاد نتيجة إجراءات شركات الطيران، ودعوة الدول رعاياها إلى مغادرة لبنان، لكن في المقابل لا يمكن القول إن المكان بات فارغاً، فهناك حركة، لكنها خفيفة. كوننا ندير مطعماً على الشاطئ، قد نقفل أواخر هذا الشهر، إلا إذا نجحت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وانسحب ذلك على لبنان، عندها قد نستفيد من الشهر الأخير في الموسم، غير ذلك يصعب أن نستمرّ".