تجدد الجدل في تونس حول قانون صرف الأدوية المخدرة من قبل الأطباء والصيادلة في أعقاب توقيف صيدليين بعد صرف أدوية مدرجة ضمن جدول المخدرات وفق وصفات طبية وذلك في إطار حملات أمنية واسعة النطاق ينفذها الأمن التونسي لملاحقة شبكات المخدرات.
وجاء إيقاف صيدليين يمارسان نشاطهما في محافظتين شمال غرب تونس، عقب ضبط سيارة على متنها ثلاثة أشخاص، وحجز كمية من الأقراص المخدرة ووصفة طبية لأدوية مدرجة ضمن جدول المخدرات مسلمة من طبيب خاص.
وعبّر المجلس الوطني لهيئة الصيادلة في بلاغ له، اليوم الأربعاء، عما وصفه بـ"القلق الكبير من إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق أصحاب صيدليات خاصة على خلفية قيامهم بعملهم في إطار نشاطهم العادي وبما يقتضيه القانون المنظم للمهنة".
كما عبّرت هيئة الصيادلة في ذات البلاغ عن "انشغالها العميق من الطابع الأمني الحصري الذي أصبح يتميز به التعاطي مع هذه القضايا دون التحري الدقيق قبل اتخاذ قرارات تمس من كرامة وسمعة الصيادلة".
ورأت الهيئة المهنية أن "التأويل الخاطئ للقانون يعرّض منظوريها لتجاوزات خطيرة"، محملة "جهاز الرقابة والتفقد الصيدلي التابع لوزارة الصحة مسؤولية تخليه عن مهامه في تحديد المخالفات في ميدان الصيدلة وتكييفها وتقييم خطورتها".
وتعترض الهياكل المهنية للصيادلة على سجن الصيادلة على خلفية صرف أدوية مخدرة استنادا إلى وصفات طبية، معتبرة أن الصيدلي غير مسؤول عن تتبع مآل الدواء بعد بيعه.
وقالت الكاتبة العامة للهيئة الوطنية للصيادلة، ثريا النيفر إن "الملاحقة القضائية وسجن الصيادلة بتهمة المشاركة في ترويج مخدرات بات أمرا متواترا نتيجة تكييف خاطئ للقوانين التي تنظم المهنة".
وأكدت النيفر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "مهنة الصيادلة تخضع لقوانين تحدد بدقة إجراءات مسك وصرف الأدوية"، مشيرة إلى أن "القوانين توكل مهمة تكييف المخالفات إلى أهل الاختصاص وهم تفقدية الصيدلة بوزارة الصحة وهيئة الصيادلة".
وأشارت المتحدثة في سياق متصل إلى أن الأدوية السُميّة مصنّفة في تونس في ثلاثة جداول حسب درجة الخطورة، وهي تخضع لقواعد خاصة عند الصرف"، مضيفة "تقسم الأدوية السميّة إلى ثلاثة أصناف وهي السميّة المدرجة بالجدول "أ" والأدوية المخدرة وتدرج بالجدول "ب" والأدوية الخطرة وتدرج بالجدول "س".
وأفادت النيفر بأن الأدوية المدرجة بالجدول "ب" والتي تعتبر مواد مخدرة لا تتجاوز عشرة أصناف لافتة إلى أن "إيقافات الصيادلة تمت على أساس صرف أدوية مؤثرة عقليا وهي مدرجة بالجدول "أ" الخاص بالمواد السميّة".
وشددت عضو هيئة الصيادلة على "ضرورة الرجوع إلى هياكل المراقبة المختصة وفق قانون مهنية الصيدلة في عمليات الاشتباه لتفادي التعاطي الأمني البحت مع هذا الصنف من القضايا"، مطالبة بـ "توفير الضمانات القانونية اللازمة للصيادلة لحسن أداء واجبهم المهني والحفاظ على صحة المواطنين".
وفي وقت سابق أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أنها تمكنت من تفكيك شبكة مختصة في ترويج الأقراص المخدرة بمنوبة وباجة وإيقاف أربعة أشخاص بينهم طبيب.
وأضافت الإدارة العامة للحرس الوطني في بلاغ لها، صدر بتاريخ 28 يناير الماضي أنه بمزيد التحري معهم وبتحول دورية مشتركة بين الوحدات الاستعلاماتية إلى عيادة الطبيب المذكور والصيدلية التي تم اقتناء الأقراص المخدرة منها تم حجز مجموعة من سجلات المرضى و 44 وصفة طبية.
وتطالب الجمعية التونسية لطب الإدمان، بتمكين الضحايا من الرعاية الصحية اللازمة، بجانبيها العلاجي والوقائي، بدل السجن، وإرساء سياسة وطنية لمكافحة المخدرات والحد من العرض والطلب اعتمادا على استراتيجيات علمية ناجعة.