أعلن المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، سعيد منتظر المهدي، اليوم الأحد، أن دوريات الشرطة ستستقر اعتباراً من اليوم في الشوارع للتصدي لعدم ارتداء الحجاب المألوف.
وقال منتظر المهدي، وفق وكالة "تسنيم" الإيرانية، إن تسيير هذه الدوريات جاء على خلفية "مطالب شعبية ومجموعات ومؤسسات اجتماعية وتأكيدات رئيس الجمهورية ورئيس السلطة القضائية في إطار بسط الأمن العام وتوطيد أسس الأسرة".
وتابع قائلاً إن هذه الدوريات الراجلة أو بالسيارات ستستقر من اليوم في أنحاء إيران "لتقوم إلى جانب مهمات الشرطة المتعددة بإنذار من يصر على انتهاك القواعد من دون الاهتمام للأسف بتبعات ارتداء اللبس غير المألوف".
وتوعد المتحدث العسكري الإيراني، المخالفات اللواتي لا يطبقن تعليمات الشرطة بـ"الملاحقة القانونية وإحالتهن على الجهاز القضائي"، داعياً البنات الإيرانيات إلى "الحفاظ على حرمة الحجاب ومراعاة القواعد المتعارف عليها بغية تعزيز الانسجام الاجتماعي والأمن العام."
وعاد موضوع الحجاب في إيران إلى واجهة السياسة الداخلية في الأسابيع الأخيرة على خلفية إرسال السلطتين الحكومية والقضائية مشروع قانون جديد حول الحجاب والعفاف إلى البرلمان يتضمن حلولاً ثقافية وقضائية لتطبيق الحجاب في المجتمع وعقوبات جديدة للتصدي لظاهرة خلع الحجاب، فضلاً عن تجمعات لأنصار إلزام الحجاب وأحكام قضائية مثيرة للجدل بحق إيرانيات بسبب خلع الحجاب وتصاعد نبرة التصريحات الرسمية بشأن ضرورة التصدي للظاهرة.
من تلك الأحكام، ما صدر أخيراً عن محكمة جنوبيّ العاصمة طهران بحق مواطنة بسبب خلع الحجاب في المكان العام، يقضي بـ "غسل الميت" في مغسل الموتى في طهران لمدة شهر واحد.
كذلك صدر حكم بحق الممثلة الإيرانية آزادة صمدي، بسبب خلع الحجاب على المرأى العام، أثار ردود فعل منتقدة على شبكات التواصل الاجتماعي وبين الأوساط السينمائية الإيرانية.
وما أثار جدلاً أكثر، ما ورد في البند الأخير للحكم الذي ينص على ضرورة مراجعة آزادة صمدي مراكز الطب النفسي لعلاج ما وصف بأنه "مرض شخصية معادية للاجتماع" وتسليم شهادة الصحة النفسية للسلطات المعنية بعد تلقي العلاج.
وأصبحت ظاهرة خلع الحجاب تنتشر في إيران منذ الاحتجاجات التي شهدتها البلاد على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً)، وهي محتجزة لدى شرطة الآداب، بتهمة انتهاك قوانين الحجاب.
واندلعت هذه الاحتجاجات في 17 سبتمبر/أيلول الماضي واستمرت لقرابة ثلاثة أشهر وخلعت خلالها إيرانيات حجابهن في خطوة احتجاجية، فضلاً عن خلع ممثلات وفنانات إيرانيات حجابهن، وقصّ شعرهن أيضاً. وقبل تلك الاحتجاجات، لم تكن تخرج فتيات إيرانيات إلى الأماكن العامة من دون غطاء الرأس، وكان عمل تلك الدوريات تقتصر على التصدي للكشف عن المزيد من شعر الرأس وارتداء سراويل ضيقة أو مثقوبة. لكن حضور إيرانيات على المرأى العام من دون غطاء الرأس والمانطو الذي يغطي الجسم حتى الركبة، تحول إلى ظاهرة تنتشر أكثر في المدن الإيرانية.
ولأجل التصدي للظاهرة، أطلقت الشرطة الإيرانية، في الخامس عشر من إبريل/ نيسان الماضي، الرقابة الإلكترونية عبر كاميرات للحد من الظاهرة. وجاءت الخطة بديلاً من تسيير دوريات لشرطة الآداب والإرشاد في الشوارع، التي أثارت جدلاً واسعاً على مدى عقدين تقريباً.
ويشير تسيير الدوريات مجدداً في الشوارع إلى أن الخطة آنفة الذكر لم تحقق مبتغاها في الحد من انتشار الظاهرة التي لم تعد تقتصر فقط على خلع غطاء الرأس، بل تشاهد حالات تعرٍّ لبعض أجزاء الجسد أيضاً.
وتأسست شرطة الأخلاق أو الإرشاد في إيران عام 2005، وفق مشروع "الحجاب والعفاف" الذي تبناه مجلس الثقافة العامة التابع للمجلس الأعلى للثورة الثقافية الإيراني، المخول قانونياً بتدبير الشؤون الثقافية والتعليمية في البلاد. وفي العام نفسه، أعلن الرئيس الإيراني المحافظ الأسبق محمود أحمدي نجاد، دخول المشروع حيز التنفيذ، لتقوم السلطات الشرطية الإيرانية عام 2006 بتسيير باصات صغيرة بلون أخضر في الشوارع تحت عنوان "شرطة الإرشاد"، لـ"الرقيّ بالأمن الاجتماعي".
رافق ملف شرطة الأخلاق في إيران منذ تأسيسها وتسييرها الجدل، مدفوعاً بجدل أوسع وأكثر أهمية حول قضية الحجاب في البلاد، الذي خرج عن نطاقه الاجتماعي والديني، ليتخذ طابعاً سياسياً منذ قرابة قرن تقريباً، بعدما أقدم مؤسس السلالة البهلوية الملكية في إيران رضا شاه، على حظر ارتدائه في يناير/ كانون الثاني 1936. وواجه الحظر مقاومة شديدة في إيران من قبل رجال الدين والشرائح المحافظة، فضلاً عن انتقادات بين المفكرين ودعاة حرية اللباس، إلا أنه بعد ارتقاء نجله محمد رضا البهلوي العرش الملكي عام 1941، لم يعد يطبق القانون في ظل المعارضة الموجودة آنذاك.