نجح معهد الدوحة الدولي للأسرة في ترسيخ موقعه كمؤسسة مناصرة لقضايا الأسرة، وامتدّ عمله إلى المنطقة العربية من أجل رفد واضعي السياسات المتعلقة بالأسرة بالدراسات المتخصصة التي ينجزها خبراء وباحثون. في هذا الإطار، حاورت "العربي الجديد" المديرة التنفيذية للمعهد شريفة نعمان العمادي، للاطلاع على دوره وإنجازاته على الصعد المحلية والعربية والعالمية
- بداية، ما هو سبب إنشاء معهد الدوحة الدولي للأسرة؟ وما هي أهدافه؟
معهد الدوحة الدولي للأسرة هو جزء من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، تأسس عام 2006، ويعنى بإثراء القاعدة المعرفية حول الأسرة العربية ومناصرة قضاياها من خلال تعزيز ودعم السياسات الأسرية القائمة على الأدلة على مختلف الصعد الوطنية والإقليمية والدولية.
ويساهم المعهد بدور حيوي في جهود مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الرامية إلى بناء مجتمعات تنعم بالصحة وتتمتع بأرقى مستويات التعليم، وقوامها الأسرة المتماسكة والمتلاحمة في دولة قطر والمنطقة بأسرها.
ورسّخ المعهد موقعه كمؤسسة مناصرة لقضايا الأسرة، وامتد عمله إلى المنطقة العربية من أجل رفد واضعي السياسات المتعلقة بالأسرة بالدراسات المتخصصة التي ينجزها خبراء وباحثون في مجالات الأسرة.
- بعد مضي نحو 15 عاماً على الانطلاق، ماذا حقق المعهد من الأهداف التي وضعها؟
نجح المعهد في تحقيق مكانة محلية ودولية، وتمكنّا من نشر أكثر من 150 منتجاً بحثياً مختلفاً معنيّاً بالأدلة لدعم السياسات الأسرية، بمشاركة أكثر من 800 مفكر وصانع سياسات ومؤثر عالمي لمناصرة قضايا الأسرة في فعاليات المعهد الوطنية والإقليمية والدولية. كما نظم المعهد 86 مؤتمراً واجتماعاً للخبراء، إلى جانب منتديات وندوات وطنية ودولية. كما حصل المعهد على ثلاث جوائز تميّز على المستوى الخليجي والعربي والدولي، هي: جائزة الأسرة السنوية لعام 2018 من قبل الاتحاد الدولي لتنمية الأسرة، وجائزة المؤسسات الصديقة للأسرة في المنطقة العربية لعام 2020 من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قطاع الشؤون الاجتماعية - إدارة المرأة والطفولة، وجائزة المشروعات الرائدة في مجال العمل الاجتماعي من لجنة مجلس وزراء العمل والشؤون/ التنمية الاجتماعية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
كذلك ساهمت جهودنا في الدفع لتطوير سياسات التوازن بين العمل والأسرة وترتيبات العمل المرنة على مستوى الدولة، وفي العديد من المؤسسات والقطاع الخاص، ورفع المعهد توصياته بهذا الشأن للجهات المعنية، وشملت التوصيات ضرورة مرونة ساعات العمل للوالدين وتوفير خيار العمل من المنزل، وتوصيات بمنح إجازة أمومة لا تقل عن ثلاثة أشهر بكامل الراتب وثلاثة أشهر تختار الأم فيها إجازة بنصف الراتب، وتوصية بمنح إجازة أبوة لمدة أسبوع للزوج عند ولادة الزوجة، وتكللت جهودنا بالنجاح عندما صدر قرار مجلس الوزراء في قطر مؤخراً باستحداث مشروع يتضمن شروط وضوابط نظام الدوام الجزئي بالجهات الحكومية، مما يُتيح للموظفات القطريات فرصاً أكثر لاختيار ما يُراعي احتياجاتهنّ الأُسرية ومتطلباتهنّ الوظيفية.
وشارك المعهد في وضع صياغة مقترح تأسيس اللجنة الوطنية للمرأة والطفل وكبار السن في قطر، وأوصى المعهد بإنشاء وزارة للأسرة، وساهم المعهد من خلال جهود المناصرة في تخصيص مبنى مستقل لمحكمة الأسرة، ونتعاون مع الجهات الوطنية في العديد من أوجه التطور التشريعي والسياساتي، أذكر على سبيل المثال تعاوننا الحالي مع وزارة العدل لصياغة مشروع قانون حول الحماية من العنف الأسري، ومع جهاز التخطيط والإحصاء لاستكمال دراسة المعهد حول محددات الخصوبة في قطر لدعم السياسة الوطنية للسكان، والتعاون مع وزارة الصحة في إنتاج أداة لقياس العنف المنزلي.
ولا يتوقف تعاوننا على القطاعات الحكومية، بل نعمل مع المنظمات الأهلية والقطاع الخاص. مثلاً، على صعيد التعاون مع منظمات المجتمع المدني، لدينا مشروع دراسة مع مركز آمال حول توصيل الأطفال إلى المدارس، وعلى مستوى القطاع الخاص ساهم المعهد في دعم أوريدو لتطوير سياسات العمل المرنة.
كما يعمل المعهد مع منظمات أممية لترتيبات السنة الدولية للأسرة 2024 وما يسبقها من اجتماعات خبراء إقليمية. ونعمل في هذا الصدد بالتعاون مع إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بهدف مناصرة السياسات والبرامج الصديقة للأسرة حول العالم. ونحن مستمرون في العمل لدعم ومناصرة قضايا الأسرة العربية على الصعد كافة.
- هل تقدم الدراسات والأبحاث التي يجريها المعهد لجهات محلية ودولية، ويأخذ بها؟
يحظى المعهد بمركزه الاستشاري الخاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، فضلاً عن تقديمه توصيات محددة جداً لدمج منظور الأسرة في صنع السياسات الوطنية. ويشارك المعهد سنوياً في لجان الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية الاجتماعية، ووضع المرأة، والسكان، والتنمية، وغيرها. كما كان سبّاقاً في طرح إطار الحماية الاجتماعية المستند إلى الأسرة على الصعيد الدولي.
كما أنّ جميع الدراسات التي نجريها يتم عرضها على صنّاع القرار، سواء في قطر، أو في البلدان العربية التي أجريت عليها الدراسات. مؤخراً، أعددننا دراسة حول العوامل الاجتماعية للخصوبة في المجتمع القطري، وخَلُصنا إلى نتائج مهمة فيها، وشاركنا ما توصلنا إليه مع أصحاب القرار والمعنيين من واضعي السياسات.
كذلك الحال في دراسة "رفاه اليافعين"، إذ حرصنا على التعرف إلى آثار المكوث في المنزل لأوقات طويلة على العلاقات الأسرية، وخصوصاً بالنسبة للأطفال وسلوكياتهم في المنزل والمدرسة، وقد شاركنا النتائج في مؤتمرات عدة.
- هل ترون انعكاساً للتقارير البحثية والدراسات التي أنجزها المركز على الأسرة من جهة، والمؤسسات الاجتماعية من جهة ثانية؟
كما ذكرنا، فقد ساهمت جهودنا في الدفع بتطوير سياسات التوازن بين العمل والأسرة وترتيبات العمل المرنة على مستوى الدولة، وفي العديد من المؤسسات والقطاع الخاص. كنا قد أجرينا دراسة بعنوان "التوازن بين العمل والأسرة: التحديات والتجارب والآثار المترتبة على الأسرة في قطر"، بهدف مُساعدة الأُسر والأفراد في دولة قطر على تحقيق التوازن بين احتياجات رعاية الأسرة ومتطلبات العمل، وانطلاقاً من دورنا في الحفاظ على التماسك الأسري في قطر والمنطقة العربية، والتزامنا بدعم التوازن بين العمل والأسرة.
وقد سعدنا بمبادرة مجلس الوزراء باستحداث مشروع قرار يتضمّن شروطاً وضوابط نظام الدوام الجزئي في الجهات الحكومية، ما يُتيح للموظفات القطريات فرصاً أكثر لاختيار ما يُراعي احتياجاتهنّ الأُسرية ومتطلباتهنّ الوظيفية.
وتنفيذاً لخطة التنمية الوطنية الثانية، يقوم المعهد بدراسة لمشروع مكافحة العنف الأسري في الدولة، بهدف طرح إطار تشريعي وآليات مكافحة، ومشروع قانون.
هذا فضلاً عن دراستنا حول رفاه اليافعين في قطر والتي نتج عنها اقتراح برنامج تدخلي وطني لدعم رفاه اليافعين. هدفت الدراسة الى اقتراح برنامج تدخلي يدعم التدابير الوقائية ويكافح عوامل الخطر من خلال العمل مع أولياء الأمور والمعلمين والاختصاصيين في المدارس. كما أن الدراسة تساهم في رفع الوعي لدى الوالدين وصانعي السياسات ذوي الصلة.
كما أجريت الدراسة على عينة أوسع بهدف الخروج ببرنامج تدخلي مفصل لنقيس من خلاله مدى كفاءته في تحسين مخرجات العلاقات الأسرية وحماية اليافعين من عوامل الخطر وتعزيز عوامل الوقاية من كافة الانحرافات.
- ما هي أبرز القضايا، وربما المشاكل، التي تعاني منها الأسرة في قطر والعالم العربي؟
وضع الأسرة العربية بشكل عام جيد، ولكنها تمر بتحديات تختلف من بلد عربي إلى آخر. ما يُواجه المغرب العربي يختلف عما يواجه مشرقه، كذلك في الدول التي تشهد حروباً وموجات نزوح وصراعات. لهذا، حرصنا على إنجاز الدراسات المتعلقة بالأسرة من قبل خبراء وباحثين ومتخصصين من مختلف بقاع العالم العربي، للوقوف على تلك التحديات.
من بين الدراسات، أنتجنا كتاباً حول حالة الزواج في العالم العربي شمل كافة الدول العربية للوقوف على ما يواجه مؤسسة الزواج من تحديات هيكلية. كما أجرينا جلسات في ثلاث مناطق من الوطن العربي، واخترنا المغرب نموذجاً لعرض تحديات الزواج في دول المغرب العربي، والأردن نموذجاً لدول المشرق، وقطر نموذجاً لدول الخليج. ووجدنا أنّ قضية الزواج تواجه معوقات اقتصادية وتحديات سلوكية واجتماعية، وتغيرات ثقافية ومواقفية تحتاج إلى العديد من البرامج التأهيلية والتحرك على مستوى التعليم وتكاتف جهود المناصرة.
- ما رأيك باستعانة معظم ربات المنازل في قطر بمدبرات منازل للاهتمام بشؤون البيت ورعاية الأطفال؟
لا شك في أنّ التربية الوالدية هي الأساس، ويمكن عن طريقها تنشئة الأبناء تنشئة سليمة. لذلك، نحرص دائماً على التوعية بهذا الدور. كما أن توجهات الدولة باتت تشجع على التربية الوالدية، بدليل خطاب الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في افتتاح مجلس الشورى، عندما تطرق إلى قضية تربية الأبناء، وأهمية التربية الوالدية، وشدد على ضرورة التواصل التربوي التهذيبي المباشر بين الأهل وأبنائهم وبناتهم، وعدم الاعتماد على الغير في مهمة تربية الأطفال، وهي قضية مهمة جداً نتبنّاها في المعهد، ونشدد على مدى اهتمام واضعي السياسات بتوصيات متخصصي شؤون الأسرة. ولمسنا خلال الخطاب ربط أهمية دور الأسرة والتربية الوالدية بتعميق قيم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية.
كما نحرص على نشر الوعي وعدم الاعتماد على الغير، سواء في التربية أو في توصيل الأبناء إلى المدارس، لما لمسناه من تأثيرات كبيرة على الدور المباشر الذي يلعبه الآباء في حياة أبنائهم، وتأثيره على صحتهم النفسية بشكل كبير. ونعمل مع مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في قطر على مشروع لتعزيز برامج الوالدية الايجابية في قطر والعالم العربي.
- ما هو دور الأسرة العربية في ظل الفضاء المفتوح ومواقع التواصل، التي تتهم بأنها أخذت كل فرد على حدة، وهم داخل منزل واحد؟
التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ولا نستطيع أن نجزم بأنها سلبية فقط. الدراسات أثبتت أن لها جانبين؛ إيجابي وسلبي، في تأثيرها على الأسرة. يتمثل الجانب الإيجابي في كونها طريقة سهلة للتواصل، وتقرّب المسافات بين العلاقات المتباعدة، ومشاركة الصور والذكريات معاً. كما أنها كانت تعتبر الوسيلة الوحيدة للتواصل أثناء تفشي فيروس كورونا. أما سلبياتها فتكمن في إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب التفاعلات الحية، وقلة التركيز وإهمال الأسرة.
وعلينا أن نتخذ دائماً الجانب الإيجابي من التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي كونها تقربنا من العالم، ودائماً نحرص على الأمور التي تقرب وتلم شمل الأسرة معاً، مع تقليل فترات استخدامها عندما تكون الأسرة مجتمعة معاً على طاولة واحدة، ومحاولة قضاء أكبر وقت ممكن مع الأبناء والقيام ببعض الأنشطة المشتركة.
- يرى البعض أن تداعيات كورونا لعبت دوراً إيجابياً في اجتماع أفراد الأسرة كافة في المنزل لأطول وقت ممكن. كيف تنظرين إلى ذلك؟ وهل أعددتم دراسة تتناول تأثيرات الجائحة وانعكاساتها على الأسرة بعيداً عن الأوضاع الصحية؟
أنجزنا دراسة حول تأثير كوفيد-19 على التماسك الأسري في قطر بالتعاون مع جامعة قطر، وبمشاركة عدد كبير من الأسر، وخرجنا منها بالجوانب الإيجابية التي طرأت على حياة الأسر والأخرى السلبية. وخلصنا بشكل عام إلى حدوث تغييرات إيجابية، فرصدنا مثلاً انخفاض معدلات العنف الأسري، وانخفاض حدة المشاكل الأسرية، على الرغم من بعض المشاكل العالقة كابتعاد أحد أفراد الأسرة بسبب وجوده خارج البلاد مثلاً خلال فترة الإغلاق الشامل.
ووجدنا أن الإيجابيات طغت على أكثر من 60 في المائة من العينة في مؤشرات فرعية مثل العلاقات الزوجية، والعلاقات الوالدية، وقضاء الوقت معاً، إذ باتوا يمكثون وقتاً أطول مع بعضهم البعض، بينما كانت السلبيات محصورة في النواحي النفسية والضغوط التي طرأت على البعض.
ومن التحديات التي رصدناها صعوبة تحقيق التوازن بين العمل وواجبات الأسرة، وعمل الرجل والمرأة من المنزل، وتحديات دراسة الأطفال عن بعد. وكان التأثير السلبي في زيادة الانفعالات والملل والقلق على أفراد الأسرة من أن يصيبهم الفيروس.
- ما هي الوصفة التي تقدمونها من أجل صون الأسرة ومساعدتها لتكون مثالية إلى حد ما؟
الأسرة هي اللبنة وأساس صلاح المجتمع. ولذلك ينبغي أن تكون من أهم الأولويات لدى كل فرد فيها، وأن يتكاتف الأفراد لإسعاد بعضهم بعضاً. وعلى الرغم من أن الوصول للمثالية شيء نسبي يختلف من أسرة إلى أخرى، إلا أنه وفق الدراسات، توجد أساسيات للزواج السعيد، أو الأسرة الناجحة، تقوم على عددٍ من العوامل، مثل: التواصل الجيد، والاحترام المتبادل، والحب والمودة، والثقة، والالتزام والدعم والشعور بالمسؤولية، والتعاون في تربية الأبناء ورعايتهم، والتأكد من إدارة شؤون المنزل بالشكل الجيد، والشفافية. وهي أمور ينبغي غرسها لدى الأبناء، وأن يكون الأهل قدوة لهم دائماً. ويجب أن نتعلم عن العلاقات الزوجية والتربية الوالدية من خلال البرامج المتخصصة.
- ماذا عن مشكلة الطلاق التي تتصدر قضايا المشاكل الأسرية في قطر وخارجها؟
قضية الطلاق من أكثر القضايا التي نالت اهتمام المعهد، وأجرينا العديد من الأبحاث التي تدرس أسباب ارتفاع نسب الطلاق خلال السنوات الأولى من الزواج، والقضايا المرتبطة ببناء الأسرة كارتفاع تكاليف الزواج مثلاً. لكنّ أكثر ما اهتممنا به، هو بحث سبل تحقيق التوازن بين عمل المرأة والأسرة، وهذا البحث لم نكتف بإجرائه على مستوى قطر فقط، بل أجريناه أيضاً في سلطنة عمان.
كما بحثنا قضايا أخرى مرتبطة بالحضانة، وساعات العمل المرنة، ورفع أيام إجازة الأمومة بعد الولادة ومنح أسبوع للأبوة أيضاً، وكلها توصيات ناصرنا فيها هذه الحقوق، وعرضناها على الجهات الرسمية التي أخذتها بعين الاعتبار لتحديث بعض السياسات.
عالمياً، زادت معدلات الطلاق خلال جائحة كورونا، لكن بعض المختصين في دول الخليج كقطر والكويت يشيرون إلى تراجع معدلات الطلاق خلال هذه الفترة، وهذا الأمر له الكثير من الأسباب، منها أن الترابط يزيد في أوقات الأزمات، كما أن الوعي زاد في المجتمع القطري بصورة أكبر خلال السنوات الأخيرة. وبعيداً عن نسب الطلاق، أستطيع أن أؤكد أن نسبة المشاكل الزوجية تراجعت بصورة واضحة، وأكدت دراسة رفاه اليافعين في قطر أن العنف المنزلي تناقص بنسب كبيرة خلال الجائحة.
- ارتفاع حالات الطلاق خليجياً وعربياً يقودنا إلى سؤال عن المشاكل الزوجية. ما أبرزها برأيك؟
أعتقد أن الأسباب كثيرة وتختلف من أسرة إلى أخرى. ولكن وفق النتائج الأولية لأحدث دراساتنا حول "تقييم العلاقات الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى للزواج في العالم العربي" التي شملت نحو 1150 شخصاً من 19 دولة عربية حتى الآن، فأبرز مسببات التفكك المبكر للعلاقات الزوجية، هي: الخيانة، وعدم التوافق العاطفي، والصعوبة في تقبّل الشريك، واختلاف التصورات المسبقة عن الواقع، والمشاكل المادية، وضغوط العمل، والجوانب السلوكية، والغيرة والشك والكذب والتجسس، بالإضافة إلى غيرها من العوامل.
- بماذا تنصحين واضعي السياسات الأسرية على مستوى الوطن العربي؟
يجب أن تكون الأسرة على رأس الأولويات دائماً، فهي الظل الذي نحتمي به من أية مشاكل أو صراعات، وهي سر نهوض الدول. وأنصح بضرورة بناء السياسات وفق الأدلة العلمية والدراسات البحثية التي تجرى على الصعيد الأسري، وترجمتها إلى سياسات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، مع ضرورة الاستفادة من دراسات المعهد، لصالح الأسرة العربية بشكل عام، ووضع برنامج تأهيل زواجي استرشادي يتم تعميمه على الدول العربية.
- نظّم المعهد "المنتدى الخليجي الأول للسياسات الأسرية" مؤخراً. ما هي أهدافه وأبرز المحاور والقضايا التي يبحثها المشاركون؟
هدف المنتدى إلى تسليط الضوء على السياسات الأسرية المتبعة في دول مجلس التعاون، ومناقشة أبعاد القضايا الملحة التي تواجه الأسر في دول الخليج، وسبل الدعم الذي يمكن أن تقوم به السياسات والبرامج ذات الصلة. كما استعرض سياسات وترتيبات العمل المرنة التي استجدت ما بعد كوفيد-19، وسلّط الضوء على برامج التأهيل الزوجي المتبعة في دول مجلس التعاون، لاستخلاص التوصيات المقترحة لتطوير السياسات الأسرية وتحديثها، وهي فرصة لتبادل الخبرات وتعزيز أوجه التعاون المشترك في قضايا الأسرة الخليجية.
وشهد مشاركة مديري الإدارات والعاملين المعنيين بإدارات الأسرة في وزارات شؤون التنمية الاجتماعية بدول مجلس التعاون أو المراكز التابعة لها، وممثلين عن الجهات المعنية بالأسرة بدول مجلس التعاون.
- وماذا عن المشاركة القطرية في هذا المنتدى وأبرز توصياتكم في هذا الحدث؟
سلّطنا الضوء خلال المنتدى على التطورات التي وصلت إليها السياسات الأسرية في قطر، واستعرضنا أحدث الدراسات الصادرة عن المعهد، ونطمح إلى أن تكون توصيات المنتدى بمثابة خريطة الطريق لتعزيز مكانة الأسرة الخليجية وتماسكها وحمايتها.
كما عرضنا أدلة ودراسات حول "العلاقات الزوجية وبرامج التأهيل الزواجي" من خلال عرض النتائج الأولية لدراسة حول "تقييم العلاقات الزوجية خلال السنوات الخمس الأولى للزواج في العالم العربي"، وعرض تصورات الزواج لدى المشاركين من 19 دولة عربية. وتمت مناقشة أبرز مسببات الطلاق، و"ترتيبات العمل المرنة ما بعد كوفيد-19"، وأكدنا أهمية تبني سياسات "ترتيبات العمل المرنة" التي تساعد في التعامل مع الأزمات، وتحقيق "التماسك الأسري"، وتعزيز "رفاه الطفل"، وتحسين العلاقات الوالدية، ورفع معدل الخصوبة، وتحقيق المساواة.
بالإضافة إلى مشاركة قيّمة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعيّة بدولة قطر، استعرضت أبرز السياسات الأسرية المستجدة ما بعد كوفيد- 19 والخطة المستقبلية لتحديث السياسات الأسرية.
ومن بين توصياتنا في المنتدى ضرورة إنشاء برنامج تأهيل زواجي استرشادي على مستوى الدول العربية، يتم العمل عليه بشكل مشترك مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وفرق عمل من الدول العربية.
على أن تعالج برامج التأهيل الزواجي بالفعل مسببات الخلل في العلاقات الزوجية، والانهيار المبكر لمؤسسة الزواج في مراحل تكوينها الأولى، والتوصية بالدفع نحو إلزامية برامج التأهيل الزواجي، كما ينبغي تضمين المناهج الدراسية بالمدارس والجامعات أسس الزواج الناجح والمستدام.
- وهل هناك نية لأن يكون المنتدى فعالية سنوية أو تكرارها في السنوات المقبلة؟
نسعى الى إقامة المنتدى بشكل سنوي، وأن يمثل مبادرة خليجية مشتركة تتسع فيها، ومن خلالها، قاعدة الشركاء العاملين على رفاه الأسرة في دول مجلس التعاون وتماسكها.
نبذة
تشغل الدكتورة شريفة نعمان العمادي منصب المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، وهي معالجة نفسية معتمدة من وزارة الصحة العامة في قطر في مجال الإدمان والانحرافات السلوكية والعلاجات الأسرية، وقد قدّمت دورات وورش عمل تدريبية عدة في مجال العلاج النفسي والأسري والإدمان والوقاية من الانحرافات السلوكية في قطر وخارجها. كذلك قدّمت أوراق عمل متخصصة في العديد من المؤتمرات الدولیة، وشاركت في تأليف دراسات وأبحاث، نُشر بعضها في مجلات عالمية.
وتحمل درجتي الماجستير والدكتوراه في الإرشاد الزوجي والأسري من جامعة "مانشستر متروبوليتان" في بریطانیا، كما أنّها حاصلة على جائزة التمیز العلمي البلاتینیة، فئة الدكتوراه، لعام 2009.